ترتيب مناسك الحج وفق السنة النبوية.. خطوات أداء الفريضة بالتفصيل . مع اقتراب موسم الحج لعام 1446 هـ، يزداد اهتمام المسلمين حول العالم بمعرفة خطوات أداء مناسك الحج بالترتيب الصحيح، وذلك استعدادًا لهذه الفريضة العظيمة التي تُعد الركن الخامس من أركان الإسلام. ومع أن أداء الحج يتطلب استعدادًا بدنيًا وروحيًا، إلا أن الإلمام الجيد بالمناسك خطوة بخطوة يسهل على الحاج أداءها بإتقان وخشوع.
الحج ليس مجرد طقوس تؤدى فحسب، بل هو عبادة عظيمة تتجلى فيها معاني التوحيد والطاعة والتجرد من متاع الدنيا، لذلك نقدم في هذا المقال شرحًا مبسطًا ومفصلًا لترتيب مناسك الحج من بداية الإحرام وحتى طواف الوداع، استنادًا لما ورد عن النبي محمد ﷺ.
أولًا: الإحرام
يبدأ الحاج بالإحرام من الميقات المخصص له بحسب موقع قدومه، ويُعد الإحرام نية الدخول في النسك، وهو الركن الأول من أركان الحج. يرتدي الرجال لباس الإحرام المكون من إزار ورداء أبيضين غير مخيطين، بينما تلبس النساء ملابس محتشمة دون زينة ولا تغطي وجهها.
يردد الحاج “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك” إيذانًا بدخوله في شعائر الحج. منذ لحظة الإحرام، يلتزم الحاج بتجنب محظورات الإحرام مثل قص الشعر، والتطيب، والصيد، وغيرها.
ثانيًا: طواف القدوم
عند الوصول إلى مكة، يبدأ الحاج بطواف القدوم إذا لم يكن قد أداه مسبقًا، ويُعد من السنن المؤكدة. يطوف الحاج بالكعبة سبعة أشواط، يبدأ كل شوط من الحجر الأسود وينتهي عنده، متجهًا عكس عقارب الساعة، مع الدعاء والذكر في كل شوط، وختم الطواف بصلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر.
ثالثًا: السعي بين الصفا والمروة
بعد الطواف، يؤدي الحاج السعي بين الصفا والمروة، وهو أحد أركان الحج. يبدأ الحاج السعي من الصفا متوجهًا نحو المروة، ويحسب كل شوط من الصفا إلى المروة أو العكس، حتى يُكمل سبعة أشواط، مستحضرًا بذلك سعي هاجر زوجة إبراهيم بحثًا عن الماء.
رابعًا: يوم التروية (8 ذو الحجة)
يتوجه الحاج إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة، فيما يُعرف بـ”يوم التروية”، فيصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا بدون جمع، ويبيت هناك استعدادًا للتوجه إلى عرفات.
خامسًا: الوقوف بعرفة (9 ذو الحجة)
يُعد الوقوف بعرفة من أعظم أركان الحج، ومن فاته الوقوف بعرفة فاته الحج. يتوجه الحاج من منى إلى عرفة بعد شروق شمس التاسع من ذي الحجة، ويقف هناك إلى غروب الشمس، يكثر من الدعاء والاستغفار والتكبير. وقد قال النبي ﷺ: “الحج عرفة”، مما يوضح أهمية هذا الركن.
سادسًا: المبيت بمزدلفة
بعد غروب شمس يوم عرفة، ينطلق الحاج إلى مزدلفة، حيث يصلي المغرب والعشاء جمع تأخير، ويبيت فيها حتى الفجر. يجمع الحاج الجمار التي سيرمي بها لاحقًا في منى، ويُستحب كثرة الذكر والدعاء.
سابعًا: رمي جمرة العقبة الكبرى (10 ذو الحجة)
في يوم النحر، يرمي الحاج جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات متعاقبة، مكبرًا مع كل رمية. بعد الرمي، يُمكن للحاج أن ينحر الهدي إذا كان متمتعًا أو قارِنًا، ثم يحلق شعره أو يقصره، وهو من أعمال التحلل الأول.
ثامنًا: طواف الإفاضة
يتوجه الحاج بعد ذلك إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج لا يتم الحج بدونه. يطوف سبعة أشواط حول الكعبة، ثم يؤدي ركعتين خلف مقام إبراهيم، ثم يسعى بين الصفا والمروة إذا كان متمتعًا، أو لم يسع سابقًا.
تاسعًا: التحلل التام
بعد طواف الإفاضة والحلق أو التقصير، يتحلل الحاج تحللًا تامًا، ويصبح مباحًا له كل ما كان محظورًا أثناء الإحرام، ويستمر بعدها في أيام التشريق.
عاشرًا: رمي الجمرات في أيام التشريق
يعود الحاج إلى منى، ويرمي الجمرات الثلاث (الصغرى، الوسطى، الكبرى) في أيام التشريق (11 و12 و13 من ذي الحجة)، كل جمرة بسبع حصيات. ويمكن للحاج التعجل في اليوم الثاني عشر إن شاء.
حادي عشر: طواف الوداع
قبل مغادرة مكة، يؤدي الحاج طواف الوداع، وهو آخر عهد الحاج بالبيت الحرام، ويُعد واجبًا على كل حاج غير الحائض والنفساء.
موعد الحج لعام 1446 هـ
وفقًا للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فإن غرة شهر ذي الحجة 1446 هـ توافق يوم الأربعاء 28 مايو 2025، بينما تكون وقفة عرفات يوم الخميس 5 يونيو 2025، ويُصادف عيد الأضحى يوم الجمعة 6 يونيو 2025، وذلك بحسب الحسابات الفلكية.
أداء مناسك الحج يحتاج إلى فهمٍ دقيق لكل خطوة من خطوات الفريضة، والاستعداد النفسي والبدني لها. وقد شرع الله هذه الفريضة ليجدد فيها المسلم عهده مع الله، ويعود منها كيوم وُلدته أمه. ومن خلال هذا الدليل المفصل، يستطيع كل من ينوي أداء الحج أن يكون على دراية كاملة بكل ما يلزمه من ترتيب مناسك الحج لأدائها على أكمل وجه.
