موجز المشهد الحالي
يبدو أن السوق قد استقر – ولو مؤقتاً – عند مستويات سعرية جديدة بعد سلسلة تذبذبات حادة بدأت مع موجة الطلب الموسمي في رمضان، تلاها انكماش محدود خلال عطلة عيد الفطر ثم ارتفاع طفيف أعاد الأسعار إلى نطاق «التسعينات» للكيلو من الفراخ البيضاء على مستوى المزرعة.
في جلسة اليوم تُسجِّل الدواجن البيضاء بين 92 و93 جنيهاً للكيلو من أرض المزرعة، لتصل إلى يد المستهلك بنحو 102–103 جنيهات بعد إضافة هوامش النقل والتوزيع وهامش ربح التاجر.
أمّا الساسو – عالية التصريف في الأحياء الشعبية لعِظَم حجمها وطعمها المُميّز – فقد تراجعت نقطة واحدة عن ذروة الأسبوع الماضي لتسجل 90–91 جنيهاً في المزرعة ونحو 100–101 جنيهاً للمستهلك. وبقيت الدواجن البلدية في القمّة بسعر 119–120 جنيهاً للمزرعة وسعر مُوحَّد حول 120 جنيهاً في أغلب متاجر التجزئة.
اللافت في تعاملات الإثنين هو الثبات النسبي في كلفة «البانيه»؛ القطعة المُفضَّلة لدى الأسر العاملة لما توفره من سرعة في الطهو ووفرة في الوصفات. يتراوح الكيلو اليوم بين 200 و210 جنيهات – وهو سعر مرتفع مقارنة بالعام الفائت ولكنه يعكس تحرّكاً محدوداً للأعلى هذا الأسبوع، ما يُشير إلى وفرة معقولة في المعروض من الدواجن كبيرة الوزن المُخصَّصة للتصنيع.
لماذا استقرت الأسعار الآن؟
توازن العرض والطلب بعد الذروة الموسمية
فور انتهاء رمضان والعيد تراجَع الطلب الاستهلاكي، لكن المربين خفّضوا كميّات إدخال الكتاكيت لاحقاً لتجنّب تخمة محتملة؛ ما أوجد حالة توازن جديدة.
انخفاض نسبي في أسعار الذرة وكُسب الصويا
مع تحسّن الطقس في الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية انخفضت المخاوف على محصول الذرة، ما انعكس على أسعار العقود الآجلة ليهبط الطن قرابة 3 % في الأسبوعين الأخيرين. هذا الانخفاض لم يُترجَم كاملاً في السعر المحلي بعد، لكنه أوقف النزيف الصاعد في تكلفة الأعلاف.
آلية التسعير الأسبوعي في البورصة السلعية
بدء تفعيل نشرات الأسعار من بورصة السلع الزراعية المصرية أضفى شفافية أكبر؛ فيعرف المربي والتاجر السعر الاسترشادي قبل التفاوض، وهو ما قلّل نطاق المضاربات اليومية.
تدخلات حكومية محدودة
استمرت وزارة الزراعة في إتاحة الردَّة والنخالة من المطاحن الحكومية بأسعار تفضيلية لمصانع الأعلاف، إضافة إلى طرح دواجن مجمّدة مستوردة عبر المنافذ التموينية؛ ما خفّف الضغط على المعروض الحي.
سوق البيض: تراجع طفيف بعد طفرة الشتاء
أسعار البيض عادة ما تتأثر بعوامل تختلف قليلاً عن لحوم الدواجن؛ فأغلب مزارع البيض تقع في دلتا النيل حيث درجات الحرارة أخفّ، ما يجعل الإنتاج أقل حساسية للتقلبات المناخية الشديدة. اليوم تسجّل كرتونة البيض الأحمر 128 جنيهاً جملة وقرابة 138 جنيهاً للتجزئة، في حين انخفض الأبيض إلى 123 جنيهاً جملة و133 جنيهاً للمستهلك. التراجع الذي يتراوح بين 4 و7 جنيهات يُعزى إلى:
انحسار الطلب المؤسسي من الفنادق والمنشآت السياحية بعد موسم الأعياد.
ارتفاع إنتاج صغار المربين خلال فصل الربيع مع تحسّن معدلات التحويل الغذائي للدجاج البيّاض.
توفّر بدائل بروتينية أرخص نسبياً، مثل الأسماك المجمدة التي انخفض سعرها مؤخراً.
توقعات الأسابيع المقبلة
يزيد استهلاك الدواجن عادة في فصل الصيف مع ارتفاع الرحلات والمصايف وتفضيل الوجبات السريعة، لكن هذا العام قد تُبطِّئ القدرة الشرائية المحدودة من وتيرة الصعود. الخبراء يتوقعون بقاء سعر الكيلو الأبيض داخل نطاق 90–95 جنيهاً من أرض المزرعة خلال بضعة أسابيع ما لم تشهد مدخلات الإنتاج صدمة جديدة. أمّا البيض فيُرجَّح أن ينخفض تدريجياً إذا استمر فائض المعروض، خصوصاً البيض الأبيض الأقل طلباً من المطاعم عن الأحمر.
نصائح للمستهلك
خطط للشراء الأسبوعي: متابعة نشرات بورصة الدواجن يومياً يمنحك فرصة اقتناص السعر الأقل.
اشترِ من المزارع المباشرة أو الجمعيات: تقل عمولة الوسطاء فتوفّر 5–7 جنيهات في الكيلو.
خزّن البانيه بشكل صحيح: التجميد السريع مع تفريغ الهواء يُبقي النكهة حتى شهرين.
تنويع البروتين: أضف وجبات البيض، البقوليات، والأسماك الرخيصة لتقليل فاتورة اللحوم البيضاء.
يُظهر قطاع الدواجن المصري قدرة عالية على التكيف مع تحركات الأسواق العالمية رغم التحديات، مدفوعاً بشبكة مزارع واسعة وخبرات متراكمة لدى المربين. غير أن استمرار الاستقرار يتطلَّب مراقبة دائمة لعوامل الأعلاف والطقس والإنتاج؛ فالمعادلة دقيقة، وأي خلل صغير قد يعيد الأسعار إلى مسار تصاعدي سريع.