الوذمة خطر يهدد صحتك.. تحذيرات من خبيرة مختصة . تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى أن ظاهرة الوذمة أو ما يُعرف بـ “احتباس السوائل في الجسم”، ليست مجرد مشكلة عرضية أو تجميلية كما يعتقد البعض، بل قد تكون جرس إنذار مبكر على وجود اضطرابات صحية خطيرة في القلب أو الكلى أو حتى الجهاز اللمفاوي.
وفي هذا السياق، توضح الدكتورة إيرينا فولغينا، الأستاذة المشاركة في قسم العلاج بكلية الطب بجامعة التعليم، أن الوذمة ترتبط في كثير من الأحيان بأمراض مزمنة، وقد تكون أحيانًا علامة تحذيرية على حالة صحية طارئة تستدعي التدخل الفوري.
أمراض القلب.. السبب الأكثر شيوعًا
تُعد أمراض القلب، بحسب ما تؤكده الدكتورة فولغينا، من الأسباب الأكثر شيوعًا للإصابة بالوذمة، ولا سيما عندما يصل المرض إلى مرحلة قصور القلب المزمن. وتشرح أن مرض فقر التروية القلبية أو ما يعرف طبيًا باسم “إقفار عضلة القلب”، هو المرض الرئيسي الذي يؤدي إلى هذا القصور، حيث يؤدي إلى ضعف قدرة القلب على ضخ الدم بشكل كافٍ إلى باقي أعضاء الجسم، ما يتسبب في تراكم السوائل في الأنسجة.
وتضيف الخبيرة أن من أبرز المضاعفات المرتبطة بقصور القلب ظهور تورم في الأطراف السفلية، لا سيما في الساقين والكاحلين. وغالبًا ما يكون هذا التورم متماثلًا على الجانبين، ويزداد بشكل ملحوظ في ساعات المساء بسبب الجاذبية وبقاء السوائل في الجزء السفلي من الجسم أثناء النهار. كما قد يصاحب ذلك ضيق شديد في التنفس، وشعور بثقل في الصدر، وقد يمتد الأمر إلى تراكم السوائل في تجويف البطن، وهي حالة تُعرف باسم “استسقاء البطن”.
الوذمة الكلوية.. العلامة الصباحية غير المتوقعة
في مقابل الوذمة القلبية التي تتركز في الأطراف السفلية، تظهر الوذمة الكلوية بشكل مختلف تمامًا، سواء من حيث الموقع أو طبيعة التورم. ووفقًا للدكتورة فولغينا، فإن التورم الناتج عن أمراض الكلى يكون في الغالب لينًا وغير مؤلم.
ويظهر أولًا في الوجه وحول العينين والرقبة، خاصة في ساعات الصباح الباكر، بسبب احتباس السوائل أثناء النوم. وفي بعض الحالات، يمكن أن ينتشر التورم إلى مختلف أنحاء الجسم إذا لم يتم التعامل مع السبب الكامن وراءه.
وترجع هذه الحالة غالبًا إلى أمراض الكلى المزمنة أو الفشل الكلوي الحاد، حيث تفقد الكلى القدرة على تنظيم توازن السوائل والأملاح في الجسم. لذلك، فإن استمرار ظهور الوذمة، لا سيما في منطقة الوجه، يجب أن يدفع المريض إلى زيارة الطبيب فورًا للخضوع للفحوصات اللازمة.
متى يكون التورم مؤشرًا لأمراض الأوعية أو الأورام؟
توضح الخبيرة الروسية أن هناك حالات لا تكون فيها الوذمة ناتجة عن مشكلات في القلب أو الكلى، بل قد تعود لأسباب وعائية أو سرطانية أو حتى حساسية شديدة. فعلى سبيل المثال، إذا كان التورم غير متماثل أي يظهر في طرف دون الآخر، أو يتركز في منطقة محددة من الجسم، فقد يكون السبب اضطرابًا في الدورة الدموية أو انسدادًا في الأوعية الدموية نتيجة جلطة دموية أو ورم خبيث يضغط على الأوردة أو العقد اللمفاوية.
وفي مثل هذه الحالات، تنصح الدكتورة فولغينا بالتوجه إلى جراح متخصص في الأوعية الدموية لإجراء التقييم الدقيق، نظرًا لأن بعض هذه الحالات قد تكون مهددة للحياة إذا لم تُشخّص وتعالج في الوقت المناسب.
هل الوذمة خطيرة بحد ذاتها؟
تشير الدكتورة فولغينا إلى أن الوذمة المزمنة في حد ذاتها لا تشكل خطرًا مباشرًا على حياة الإنسان، لكنها تعتبر عرضًا تحذيريًا لأمراض خطيرة يجب التعامل معها بجدية. أما في حال حدوث الوذمة بشكل مفاجئ وسريع، مع تفاقم ملحوظ في الحالة الصحية العامة مثل ضيق التنفس الحاد، أو فقدان الوعي، فإن الوضع يتحول إلى طارئ طبي يتطلب تدخلًا فوريًا.
وقد يكون هذا النوع من الوذمة الحادة ناتجًا عن رد فعل تحسسي خطير مثل “الوذمة الوعائية” أو “التأق”، أو نتيجة فشل عضوي مفاجئ كالفشل القلبي أو الكلوي الحاد، مما يحتم سرعة النقل إلى أقرب مركز طبي لتلقي العناية العاجلة.
لا للعلاج الذاتي.. التشخيص أولًا
تشدد الدكتورة فولغينا على أن محاولات علاج الوذمة دون الرجوع إلى الطبيب قد تؤدي إلى مضاعفات أخطر، لأن الأسباب متعددة ولا يمكن تحديد العلاج المناسب إلا بعد تشخيص دقيق للحالة. وعلى سبيل المثال، قد يتسرع بعض الأشخاص في تناول مدرات البول عند ملاحظة التورم، معتقدين أنهم بذلك يتخلصون من المشكلة، في حين أن هذه الأدوية قد تؤدي إلى اختلال في الأملاح وانخفاض خطير في ضغط الدم إذا لم تُؤخذ تحت إشراف طبي.
وتختم الخبيرة حديثها بالتأكيد على أهمية المتابعة الطبية الدورية، خاصة لمرضى القلب والكلى والسكري، حيث يكونون الأكثر عرضة للإصابة بالوذمة. كما تنصح بضرورة الاهتمام بنمط الحياة الصحي من خلال تقليل الملح في الطعام، والحفاظ على الوزن المثالي، وممارسة التمارين الرياضية المناسبة للحالة الصحية، مما يقلل من احتمالية تطور أعراض الوذمة.