بريطانيا تواجه انتقادات حادة بسبب محتوى المناهج المتعلقة بالهوية الجنسية للأطفال . غضب في بريطانيا بسبب تعليم الأطفال المثلية والتحول الجنسي في المدارس: حالة كارينا كونواي مثالًا وتشهد بريطانيا حالة من الجدل الكبير بسبب تعليم الأطفال في المدارس البريطانية حول قضايا المثلية والتحول الجنسي.
وهو ما أثير مؤخرًا في حادثة منع أحد أولياء الأمور من دخول مدرسة ابتدائية، بعد اعتراضها على المواد التعليمية التي تعرض للأطفال في سن صغيرة. هذه الحادثة أثارت جدلًا واسعًا في المجتمع البريطاني، ولا سيما بعد أن قامت السيدة كارينا كونواي، الأم لطفلين، بالتنديد بمحتوى هذه المواد التي تهدف إلى تعليم الأطفال مفاهيم حول الهوية الجنسية والتوجهات الجنسية في سن مبكرة.
الاعتراض على محتوى الدروس:
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “تليجراف” البريطانية، فقد تعرضت السيدة كارينا كونواي للاعتداء من قبل المدرسة بعد أن عبرت عن اعتراضها على الدروس التي تناولت موضوعات متعلقة بالهوية الجنسية والتمثيل المتحولين جنسيًا في المدرسة.
وأشارت كارينا إلى أنها لا تجد من المناسب تعليم الأطفال في سن 9 سنوات عن الهوية المتحولة جنسيًا أو المثلية، معتبرة أن مثل هذه المواضيع يجب أن تُتناول بشكل أكثر نضجًا في مراحل متقدمة من التعليم.
وأكدت كونواي في حديثها أنها كانت ترفض فكرة تعليم الطلاب في سن مبكرة مفاهيم متعلقة بالتحول الجنسي، مشيرة إلى أن الأطفال في هذا السن ليس لديهم القدرة على فهم مثل هذه المفاهيم بعمق أو اتخاذ قرارات مستنيرة حولها. وأضافت أن المواد التعليمية المعروضة على الأطفال كانت تحتوي على رسائل مبالغ فيها قد تثير اللبس في فهم هوياتهم.
قرار منع الأم من دخول المدرسة:
الموقف الذي اتخذته المدرسة ضد السيدة كونواي كان بمثابة رد فعل على اعتراضاتها المتكررة على تلك المواد التعليمية. فقد منعت المدرسة كونواي من دخول المدرسة بعد أن انتقدت في أكثر من مناسبة المحتوى الذي يتم تدريسه لأطفال في سن 9 سنوات. في سبتمبر 2024، تم منع السيدة كونواي من دخول المدرسة لفترة وصلت إلى أربعة أشهر بعد اتهامها باستخدام “لغة بذيئة” تجاه أحد المعلمين والتعبير عن اعتراضاتها بشكل علني.
وتجدر الإشارة إلى أن السيدة كونواي لم تكن وحدها في اعتراضاتها. فقد نظمت احتجاجًا عام 2023 بالتعاون مع كيلي جاي كين، الناشطة البارزة في حقوق المرأة، للمطالبة بإعادة النظر في المواد التي تدرس للأطفال حول المثلية والتحول الجنسي. ومع ذلك، لم تجد هذه الاحتجاجات تجاوبًا من قبل المدرسة أو من قبل الجهات المعنية.
الانتقادات القانونية والتعليمية:
تُثير هذه الحادثة قضايا قانونية وتربوية كبيرة. ففي بريطانيا، يُعد “قانون المساواة لعام 2010” من القوانين الأساسية التي تحظر التمييز على أساس الجنس أو التوجه الجنسي، إلا أن هذا القانون لا يعترف بالضرورة بحق الآباء في الاعتراض على طريقة تقديم قضايا الهوية الجنسية أو التحول الجنسي للأطفال في سن مبكرة.
وقد أشار القانون إلى أن الشخص لا يمكنه التمييز ضد الآخرين بناءً على “تغيير الجنس”، ولكن مع ذلك، تجد كارينا كونواي أن المدرسة بالغت في تقديم مواد تعليمية “مبالغ فيها” عن الهوية المتحولة جنسيًا للأطفال في هذه المرحلة العمرية المبكرة.
في هذا السياق، أكدت كونواي أنها لم تكن ترفض أي شخص من المتحولين جنسيًا، ولكنها كانت ترفض فكرة أن تُعرض هذه المواضيع على الأطفال الصغار. وفي مقابلة مع الصحيفة، أشارت إلى أن المدرسة كانت تروج لفكرة أن هوية المتحولين جنسيًا “سمة محمية” وقد تتسبب في تأثيرات غير مناسبة على الأطفال.
التداعيات والتحديات في النظام التعليمي البريطاني:
تطرح هذه الحادثة العديد من التساؤلات حول دور المدارس في تعليم القيم الاجتماعية والمعرفية للأطفال، وتحديدًا حول التوازن بين احترام حقوق الأقليات وحماية الأطفال من مفاهيم قد تكون ثقيلة عليهم في مراحل مبكرة من التعليم. يزداد الجدل في بريطانيا حول كيفية التعامل مع القضايا الاجتماعية الحساسة داخل المدارس، خصوصًا مع اختلاف الآراء بين أولياء الأمور والإدارة المدرسية حول مدى ملاءمة هذه المواضيع لعمر الأطفال.
وفي وقت سابق من عام 2023، تم إرسال مفتش من مكتب معايير التعليم “أوفستد” إلى المدرسة لمراجعة محتوى المواد التعليمية المعروضة على الطلاب، ولكن لم تُتخذ أي إجراءات ملموسة بناءً على الشكاوى التي قدمتها السيدة كونواي.
كما قامت كونواي بتقديم طلب للوصول إلى المراسلات بين مكتب معايير التعليم والمدرسة، حيث اكتشفت أنه في مكالمة قبل التفتيش، تم وصفها بأنها “ولي أمر يُعارض عرض الهوية الجنسية على الأطفال”.
مستقبل التعليم حول القضايا الاجتماعية في بريطانيا:
مع تزايد الاستقطاب المجتمعي حول قضايا مثل المثلية والتحول الجنسي، من المرجح أن تستمر المدارس في مواجهة التحديات حول كيفية تقديم هذه المواضيع للأجيال الصاعدة. من جهة أخرى، يبدو أن الاحتجاجات مثل التي نظمتها كارينا كونواي تعد جزءًا من موجة متزايدة من الاهتمام بين أولياء الأمور في بريطانيا بتحديد حدود ما يجب تدريسه للأطفال في مدارسهم.
وفي الختام، تظل هذه القضية قضية شائكة، حيث تتراوح الآراء بين ضرورة تعليم الأطفال قيم الاحترام والمساواة وعدم التمييز وبين ضرورة حماية الأطفال من موضوعات قد لا تكون مناسبة لأعمارهم.