فيروس جدري القرود يضرب إفريقيا من جديد وسط مخاوف صحية . فيروس جدري القرود يعود لإثارة القلق في إفريقيا مع ارتفاع ملحوظ في الإصابات أعربت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC) عن قلقها المتزايد إزاء الانتشار السريع والمتصاعد لحالات الإصابة بفيروس جدري القرود (Monkeypox) في العديد من بلدان القارة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، محذرةً من تفاقم الوضع الصحي إذا لم تُتخذ الإجراءات العاجلة والفعّالة لاحتواء التفشي.
زيادة مقلقة في عدد الإصابات
وخلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا، أعلنت المراكز الإفريقية أن عدد حالات الإصابة المسجلة بجدري القرود في الربع الأول من عام 2025 تجاوز بالفعل نصف إجمالي الحالات المُبلغ عنها طوال عام 2024، ما يُنبئ بتصاعد حاد ومقلق في معدل انتشار الفيروس.
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد تم تسجيل 39,840 حالة إصابة منذ بداية عام 2025، منها 9,020 حالة مؤكدة مخبريًا. الأمر اللافت أن أسبوعًا واحدًا فقط – الأسبوع الماضي – شهد وحده تسجيل 2,768 إصابة جديدة، من بينها 508 حالة مؤكدة و13 حالة وفاة، مما يسلّط الضوء على سرعة انتشار الفيروس والتحديات الكبيرة التي تواجه النظم الصحية في القارة.
الدول الأكثر تضررًا: أوغندا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية
وأشارت المراكز إلى أن ثلاث دول إفريقية فقط سجلت 94% من إجمالي الحالات المؤكدة في الربع الأول من 2025، وهي:
أوغندا
بوروندي
جمهورية الكونغو الديمقراطية
ويُعد هذا التركّز الجغرافي مؤشّرًا على ضعف البنية التحتية الصحية في بعض المناطق الريفية والنائية، بالإضافة إلى صعوبة تنفيذ إجراءات المراقبة الوبائية والاحتواء السريع، ما يمنح الفيروس فرصة للانتشار.
🛑 إعلان حالة طوارئ صحية عامة
وكانت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في أغسطس من العام الماضي أن فيروس جدري القرود بات يمثل حالة طوارئ صحية عامة في القارة الإفريقية، في ظل تزايد الإصابات وصعوبة السيطرة على بؤر العدوى، خاصة في الدول التي تشهد نزاعات داخلية أو ضعفًا في خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
ما هو فيروس جدري القرود؟
جدري القرود هو مرض فيروسي نادر، يُشبه في أعراضه مرض الجدري الذي تم القضاء عليه عالميًا في السبعينيات، لكنه أقل حدة منه. وهو ينتقل من الحيوانات إلى البشر، ويمكن أيضًا أن ينتقل بين البشر عن طريق الملامسة المباشرة أو سوائل الجسم أو الأدوات الملوثة.
تشمل الأعراض:
ارتفاع في درجة الحرارة
آلام في العضلات والمفاصل
تضخم الغدد اللمفاوية
ظهور طفح جلدي مميز يشبه الجدري
وفي حالات معينة، خاصة لدى الأطفال وكبار السن أو أصحاب المناعة الضعيفة، قد يؤدي المرض إلى مضاعفات خطيرة قد تنتهي بالوفاة.
هل توجد لقاحات أو علاجات فعالة؟
رغم وجود لقاح فعال يُستخدم للوقاية من فيروس الجدري ويمكن أن يُقلل من خطر الإصابة بجدري القرود، إلا أن توفّره في إفريقيا لا يزال محدودًا للغاية، سواء من حيث الكمية أو القدرة على الوصول إلى المناطق المتأثرة.
وقد طالبت المنظمات الصحية الدولية في أكثر من مناسبة بضرورة دعم الدول الإفريقية بلقاحات وعلاجات كافية، إلى جانب تعزيز آليات الكشف المبكر والتشخيص المخبري السريع، للسيطرة على الفيروس قبل تحوّله إلى تهديد أكبر.
توصيات الصحة العامة لمواجهة تفشي جدري القرود
المراكز الإفريقية أصدرت عدة توصيات عاجلة للحد من انتشار الفيروس، شملت:
تعزيز أنظمة الرقابة الوبائية في المناطق الريفية
زيادة حملات التوعية المجتمعية حول طرق الانتقال والوقاية
تدريب الكوادر الصحية على التشخيص والتعامل مع حالات العدوى
العمل على تأمين اللقاحات في إطار تعاون دولي وإقليمي
مراقبة الحركة الحدودية بين الدول الإفريقية لمنع الانتقال عبر المناطق الموبوءة
تحديات إضافية في مكافحة الفيروس
من بين التحديات التي تُعقّد جهود التصدي لجدري القرود في إفريقيا:
نقص التمويل المخصص للطوارئ الصحية
ضعف البنية التحتية الصحية
انتشار النزاعات المسلحة في بعض الدول
قلة الوعي المجتمعي بمخاطر العدوى وطرق الوقاية
الازدحام السكاني في بعض المناطق الحضرية دون توفر شبكات صرف صحي جيدة
دعوات للتضامن الدولي
دعت المراكز الإفريقية ومنظمة الصحة العالمية إلى تكثيف الدعم الدولي لمواجهة الأزمة الصحية، محذرة من أن استمرار تجاهل انتشار فيروس جدري القرود في إفريقيا قد يُمهّد لانتقاله خارج حدود القارة، كما حدث سابقًا خلال أوبئة سابقة مثل الإيبولا وكوفيد-19.
وأكد خبراء الصحة العامة أن التعاون العالمي في وقت مبكر يُعد أكثر فعالية وأقل تكلفة من التدخل في وقت متأخر بعد تفشي الأوبئة على نطاق واسع.
عودة فيروس جدري القرود لإثارة القلق في إفريقيا خلال 2025 تنبّه العالم مجددًا إلى ضرورة اليقظة الصحية المستمرة، ودعم القارات النامية في معركتها ضد الأوبئة المتكررة. وعلى الرغم من التحديات، فإن اتباع الإجراءات الوقائية وتوفير الدعم الطبي والتقني يُمكن أن يُحدث فرقًا حاسمًا في الحد من انتشار المرض وإنقاذ الأرواح.