السمنة وأثرها على الحياة الأوقات التي تزيد فيها الخطورة . أصبح الوزن الزائد مشكلة صحية واجتماعية تعاني منها العديد من المجتمعات حول العالم، حيث تجاوزت السمنة حدود كونها مجرد مسألة جمالية إلى كونها خطرًا حقيقيًا يهدد صحة الإنسان وحياته. في هذا السياق، أشار الدكتور فلاديسلاف دافيدوف، جراح السمنة المعروف، إلى أن السمنة باتت مشكلة شديدة الأثر تتطلب اهتمامًا كبيرًا من جميع الجهات الصحية والاجتماعية.
جذور السمنة وتأثيراتها الاجتماعية والنفسية
وفقًا للدكتور دافيدوف، السمنة ليست مجرد نتيجة لسوء التغذية أو العادات الغذائية السيئة، بل هي أيضًا مشكلة نفسية وعقلية معقدة. السمنة يمكن أن تكون ناتجة عن اضطرابات عاطفية أو اجتماعية، حيث يعاني الكثير من الأفراد الذين يعانون من الوزن الزائد من مشكلات مثل التوتر النفسي والاكتئاب، فضلاً عن التحديات الاجتماعية في حياتهم اليومية. ويضيف أن السمنة غالبًا ما تصاحبها مشكلات في العلاقات الأسرية أو مشاكل في مكان العمل، ما يزيد من تعقيد الوضع بشكل كبير.
السمنة لا تقتصر على مجرد تناول الطعام بكميات كبيرة أو الإفراط في الأكل، بل تصبح هذه العادة غير الصحية جزءًا من نمط الحياة اليومي، حيث يختلط النظام الغذائي العادي بالإفراط في تناول الطعام مما يؤدي إلى مضاعفات صحية كبيرة.
تأثير السمنة على صحة الأعضاء الحيوية
يؤكد الدكتور دافيدوف أن السمنة تؤثر بشكل مباشر على أداء الأعضاء الحيوية في الجسم. بدءًا من القلب والأوعية الدموية، وصولًا إلى الجهاز الهضمي، فإن الوزن الزائد يؤدي إلى حدوث تغييرات فسيولوجية عميقة. هذه التغييرات تشمل ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، الذي يترسب على جدران الأوعية الدموية ويشكل لويحات دهنية تهدد بالإصابة بتصلب الشرايين واحتشاء عضلة القلب، وهي أمراض قلبية خطيرة يمكن أن تكون مهددة للحياة.
بالإضافة إلى ذلك، يتسبب الإفراط في تناول الطعام في اضطراب عملية الأيض داخل الجسم، بما في ذلك زيادة مستويات الأنسولين، وهو هرمون يرتبط بشكل مباشر بزيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري، الذي يعاني منه عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من السمنة.
علاقة السمنة بأمراض السرطان
من أبرز الأضرار التي يذكرها الدكتور دافيدوف هي العلاقة المباشرة بين السمنة وعدد من أنواع السرطان. السمنة تعد عامل خطر رئيسي للإصابة بأنواع مختلفة من السرطان مثل سرطان الثدي والمبيض والبروستاتا والقولون.
ويعود ذلك إلى التغيرات الهرمونية الناجمة عن تراكم الدهون في الجسم. فمع تراكم الدهون، تبدأ الهرمونات في التأثير على العمليات الحيوية في الجسم، مما يزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الأعضاء المرتبطة بهذه الهرمونات.
تأثير السمنة على الصحة الإنجابية
من الأمور التي لم يغفل عنها الدكتور دافيدوف في حديثه هي تأثير السمنة على الصحة الإنجابية، خاصة عند النساء. ويشير إلى أن النساء البدينات أكثر عرضة للإصابة بالعقم مقارنة بالنساء ذوات الوزن الطبيعي، حيث تزداد النسبة بمقدار خمسة أضعاف.
كما أن النساء الحوامل اللواتي يعانين من السمنة يواجهن خطرًا أكبر من حدوث مضاعفات صحية، مثل الإجهاض أو ولادة جنين غير سليم. أما بالنسبة للرجال، فيؤكد دافيدوف أن 40% من الرجال الذين يعانون من السمنة يعانون من مشكلات جنسية مثل ضعف الانتصاب بسبب اختلال التوازن الهرموني.
المشكلات الصحية الأخرى المرتبطة بالسمنة
من المشكلات الصحية الأخرى التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من السمنة هي مشكلات المفاصل. حيث يؤدي الوزن الزائد إلى زيادة الضغط على المفاصل، خاصة في منطقة الركبتين والعمود الفقري، ما يسبب تآكل المفاصل وتشوهها. هذه المشكلات قد تؤدي في النهاية إلى الإعاقة الحركية التي تؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة.
الحلول المتاحة للسمنة: جراحة السمنة كحل فعال
فيما يتعلق بالحلول الممكنة للتعامل مع السمنة، يوضح الدكتور دافيدوف أن هناك العديد من الطرق التي يلجأ إليها الأشخاص الذين يعانون من السمنة، مثل اتباع الحميات الغذائية أو ممارسة التمارين الرياضية.
ومع ذلك، يشير إلى أن معظم الحميات الغذائية لا تفضي إلى نتائج دائمة، إذ أن الشخص غالبًا ما يستعيد الوزن المفقود بسرعة، ما يدفعه إلى البدء من جديد. وبالتالي، فإن الحل الأكثر فعالية من وجهة نظره هو جراحة السمنة، والتي أثبتت فعاليتها ليس فقط في فقدان الوزن، ولكن أيضًا في التخلص من الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب.
تُعد السمنة مشكلة صحية معقدة تؤثر على مختلف جوانب حياة الفرد، من الصحة الجسدية إلى الصحة النفسية والاجتماعية. إن التعامل مع السمنة يتطلب نهجًا شاملًا يشمل الوقاية والعلاج المبكر، والتوعية بخطورتها، فضلاً عن تقديم الحلول الطبية مثل جراحة السمنة للأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة.