الموسيقار عمرو سليم يتحدث عن تحديات تعلم القيادة وتعليم بناته بعد فقده للبصر . الموسيقار عمرو سليم هو واحد من الشخصيات التي استطاعت أن تتجاوز تحديات الحياة الكبيرة بفضل الإرادة والعزيمة. وقد كشف في حواره الأخير تفاصيل تجربته الفريدة في تعلم قيادة السيارة رغم كونه غير مبصر.
تكمن قوة هذه التجربة في كسر العديد من الحواجز التي قد يعتقد البعض أنها تحديات مستحيلة. لكن بالنسبة لعمرو سليم، فقد كانت إرادته هي البوصلة التي قادته لتجاوز هذه الصعوبة.
بدأت قصة تعلمه للقيادة منذ صغره، حين كان يشاهد سائقهم “ربيع” وهو يقود السيارة، وكان يشعر بحلم أن يصبح قادرًا على القيادة بنفسه. وعلى الرغم من أنه لا يستطيع الرؤية، إلا أن الفضول دفعه للتعلم، فبدأ يسأل السائق عن كيفية تشغيل السيارة، وتعلم ببساطة كيفية التعامل مع الدبرياج والفرامل والبنزين.
كانت بداية التعلم مع سائقهم، الذي قام بشرح الآلية الأساسية للقيادة، وعرفه بكل جزء في السيارة. هذا التوجيه البسيط والمباشر كان الخطوة الأولى التي بدأ منها عمرو سليم في تعلم فن القيادة.
بعد أن فهم الآلية الأساسية، بدأ عمرو سليم في تطبيق ما تعلمه من خلال تجربة القيادة في شوارع فارغة في الليل، برفقة سائقهم. كانت هذه بداية التجربة العملية التي عززت ثقته بنفسه، ومع مرور الوقت، أصبح قادرًا على القيادة بشكل طبيعي ودون الحاجة إلى مساعدة أحد. وتعتبر تلك المرحلة من حياته بمثابة إثبات عملي على أن الإرادة تتفوق على العديد من التحديات التي قد تبدو للآخرين مستحيلة.
في إحدى المرات، تعرضت سيارة صديقه خالد صبري للتعطل أثناء القيادة، وقرر عمرو سليم مساعدته بسحب السيارة، وهو موقف يتطلب حسابات دقيقة. كانت تلك التجربة بمثابة تحدي حقيقي، حيث تطلب الأمر أن يحسب بشكل دقيق حتى لا يفرمل فجأة أو يشد الحبل بقوة، وهو ما كان من الممكن أن يتسبب في حادث. لكن عمرو سليم تمكن من تجاوز هذا التحدي بمهارة وثقة عالية، ما يعكس قدرته الفائقة على التعامل مع المواقف الصعبة.
وتعد تجربة تعلم عمرو سليم للقيادة مثالا يحتذى به في الإصرار والتحدي. فالتعامل مع أمر معقد مثل القيادة دون القدرة على الرؤية يتطلب أكثر من مجرد تعلم الآلية، بل يتطلب اتقان فن التعامل مع المحيط وموازنة العوامل المختلفة بشكل دقيق. وكان في حديثه عن تجربته يحكي عن شعوره بالتحدي أمام هذه التجربة الكبيرة، ولكن عندما تمكن من النجاح فيها، شعر بحجم الإنجاز الكبير الذي حققه بفضل عزيمته وإصراره.
عمرو سليم لا يعتبر نفسه فقط قد تعلم القيادة، بل نقل هذه المهارة إلى الآخرين أيضًا. فعندما أصبح لديه بناته في سن يسمح لهن بتعلم القيادة، قرر تعليمهن بنفس الطريقة التي تعلم بها.
بدأ بتعليمهن قيادة السيارة ذات ناقل الحركة اليدوي في منطقة المقطم، حيث كانت البداية بسيطة ولكنها أساسية. كان يتابع معهن خطوة بخطوة، مشيرًا إلى أهمية أن يتقن الجميع أساسيات القيادة، قبل الانتقال إلى المراحل الأكثر تعقيدًا.
ثم انتقل إلى تعليمهن على سيارة أوتوماتيك في الساحل الشمالي، حيث كانت البيئة توفر لهم الفرصة لتعلم مهارات جديدة مثل ركن السيارة في أماكن مختلفة، والتعامل مع مواقف القيادة في أماكن مزدحمة أو غير مألوفة.
ومع مرور الوقت، أصبح بناته قادرات على القيادة بمهارة، بل وتمكنن من استخراج رخص القيادة الخاصة بهن، وهو إنجاز عظيم بالنسبة لعمرو سليم. فالموسيقي الذي يعزف الألحان بكل براعة، استطاع أن يعزف لحنًا جديدًا في حياة بناته، وهذا اللحن كان عبارة عن الثقة في أنفسهن وقدرتهن على القيادة.
لكن عمرو سليم لم يكتف بتعليم بناته فقط، بل قرر أيضًا تعليم صديقه عاطف إمام القيادة من البداية. وكان يقول دائمًا إنه عندما يتعلم شيء جديد، لا يكتفي بالاحتفاظ به لنفسه، بل يرغب في نقله إلى الآخرين.
فقد كانت لديه قناعة قوية بأن التعليم لا يقتصر فقط على المهارات التي تكتسب في فصول الدراسة، بل يمكن تعلم أي مهارة في أي وقت، خاصة عندما تكون لديك الإرادة والقدرة على الاستمرار.
تعليم عمرو سليم للقيادة على الرغم من تحدي فقدانه للبصر يمثل دليلاً قويًا على أن المعوقات الحياتية ليست عائقًا أمام تحقيق الأهداف. بل إن هذه التجربة تلهم العديد من الأشخاص الذين يواجهون تحديات حياتية أو جسدية، ليؤمنوا أن الإرادة الصادقة والعزيمة القوية كفيلتان بتغيير الحياة.
هذه التجربة أيضًا تؤكد أهمية تمكين الآخرين، خاصة الأفراد الذين قد يواجهون صعوبات جسدية أو نفسية، من تعلم مهارات جديدة تكون مفيدة لهم في حياتهم اليومية. فعمرو سليم لم يتوقف عند تعلم القيادة لنفسه، بل سعى لنقل هذه المهارة لبناته وصديقه، مما يظهر كيف أن التحديات يمكن أن تتحول إلى فرص لتطوير الآخرين وتحقيق النجاح المشترك.
إن ما فعله عمرو سليم هو بمثابة رسالة قوية للجميع، سواء كانوا في وضع مشابه أو لا، مفادها أن الإنسان لا يجب أن يوقف حلمه بسبب أي نوع من المعوقات. بل بالعكس، عليه أن يواجه تلك التحديات ويحولها إلى فرص لتحقيق النجاح.