إيلون ماسك يهاجم الإنفاق الأمريكي على الناتو ويصفه بالبذخ . أعرب الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عن استيائه الشديد من تخصيص جزء كبير من الأموال الأمريكية لتغطية نفقات الدفاع الأوروبية ضمن إطار حلف “الناتو”. جاء هذا التصريح في وقت حساس، حيث تواجه الولايات المتحدة عجزاً كبيراً في ميزانيتها وارتفاعاً مستمراً في الديون الحكومية، ما يجعل الإنفاق العسكري الأمريكي على حلف الناتو محل جدل واسع.
وفي تعليق له على منصة “إكس”، أعرب ماسك عن قلقه من تحميل دافعي الضرائب الأمريكيين جزءاً كبيراً من العبء المالي الموجه إلى تعزيز القدرات الدفاعية لدول الاتحاد الأوروبي، متسائلاً: “لماذا يجب على دافعي الضرائب الأمريكيين تمويل ربع الإنفاق الدفاعي الأوروبي؟
هذا لا معنى له، خاصة في ظل عجز ضخم في الميزانية ونمو غير مستدام في الديون”. هذا التصريح يعكس غضب ماسك من السياسات المالية التي تلزم الولايات المتحدة بتحمل تكاليف الأمن الأوروبي، بينما يعاني المواطنون الأمريكيون من تحديات اقتصادية داخلية.
ويتزامن هذا الانتقاد مع سلسلة من التصريحات والمواقف التي أعرب عنها الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، والذي كان قد انتقد في وقت سابق الدول الأوروبية بسبب ما وصفه بنقص مساهماتها في تعزيز القدرات الدفاعية لحلف “الناتو“.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز”، فإن ترامب يخطط للمطالبة برفع إنفاق الدول الأعضاء في الحلف ليصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما سيشكل ضغطاً كبيراً على تلك الدول، التي يراها ترامب غير ملتزمة بشكل كافٍ في توفير التمويل اللازم للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي.
وقد تحدثت الصحيفة عن احتمال أن يوافق ترامب في نهاية المطاف على رفع النسبة من 2% الحالية إلى 3.5%، وهي الزيادة التي يرى ترامب أنها ضرورية لتعزيز فعالية الناتو في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
وأضاف أحد المسؤولين في تصريح للصحيفة: “من الواضح أنه في قمة الناتو المزمع عقدها في لاهاي في يونيو المقبل، سنتناول قضية رفع النسبة إلى 3% وأكثر، وذلك في إطار محاولاتنا لتعزيز مشاركة أوروبا بشكل أكثر فعالية في تحمل تكاليف الدفاع”.
هذه التصريحات تبرز الصراع المستمر داخل حلف الناتو حول عبء الإنفاق الدفاعي، حيث أظهرت البيانات أن 23 دولة من أصل 32 دولة عضو في الحلف تلتزم حالياً بتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي لها للإنفاق الدفاعي.
وكان قد تم الاتفاق على هذا المستوى من الإنفاق الدفاعي خلال قمة فيلنيوس في 2023، في إطار تعزيز قدرات الناتو لمواجهة التهديدات العالمية. لكن هذه النسبة لا ترضي العديد من القادة الأمريكيين، الذين يرون أنها غير كافية لضمان الأمن في ظل التهديدات المتزايدة من قبل قوى مثل روسيا والصين.
إن الانتقادات التي وجهها ترامب في السابق لحلف الناتو لم تكن جديدة، فقد سبق له أن أعرب عن استيائه من أداء الحلف وهدد بانسحاب الولايات المتحدة منه إذا لم تتحمل الدول الأوروبية المزيد من المسؤولية المالية عن أمنها.
وفي هذا السياق، لا يرى ترامب أن من العدل أن تتحمل الولايات المتحدة الجزء الأكبر من تكاليف الحماية العسكرية لأوروبا، بينما تستمر هذه الدول في التمتع بالاستقرار الأمني دون تقديم مساهمات مالية تتناسب مع حجم التحديات.
وبالرجوع إلى تصريحات إيلون ماسك، يمكن ملاحظة أن هناك تناغماً بين آراء ماسك وآراء ترامب فيما يتعلق بالإنفاق على الدفاع. ماسك، الذي لطالما أبدى اهتمامه بتحقيق الكفاءة المالية في مختلف القطاعات، يرى أن الموارد الأمريكية يجب أن تكون موجهة بشكل أكثر فاعلية تجاه تحسين الوضع الداخلي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. من جانبه، يرى ترامب أن على حلفاء الولايات المتحدة في الناتو أن يتحملوا مسؤولية أكبر في حماية أمنهم الإقليمي بدلاً من تحميل أمريكا عبء الإنفاق الدفاعي.
تأتي هذه الانتقادات في وقت حرج، حيث تواجه الولايات المتحدة تحديات مالية كبيرة، بما في ذلك عجز الميزانية الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة وارتفاع الديون الحكومية إلى أرقام قياسية.
في هذا السياق، يرى الكثيرون أن المزيد من الإنفاق على الدفاع دون تحميل الدول الأوروبية المسؤولية اللازمة سيكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد الأمريكي وقد يؤثر في قدرة الحكومة الأمريكية على الوفاء بتعهداتها المالية الداخلية.
يُعد هذا الموضوع قضية ساخنة بين الحلفاء الأوروبيين والولايات المتحدة، حيث يعكس التوتر المستمر حول كيفية توزيع المسؤوليات المالية داخل حلف الناتو. ولا تزال هذه القضية تثير جدلاً واسعاً بين القادة الأوروبيين، الذين يعتقدون أن التزامهم بتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع هو التزام كافٍ، وبين الولايات المتحدة التي ترى أن هذا الرقم غير كافٍ لضمان الاستقرار الأمني في مواجهة التهديدات المعاصرة.
وفي الوقت الذي يسعى فيه ترامب إلى فرض شروط أكثر صرامة على حلفاء الولايات المتحدة في الناتو، يعتبر البعض أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تباعد أكبر بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، ما قد يعزز الدعوات إلى إعادة النظر في دور الناتو ومهامه في العالم الحديث. بينما يرى آخرون أن الضغوط الأمريكية على الدول الأوروبية قد تساهم في تقوية الحلف وزيادة فعاليته في مواجهة التحديات الأمنية.
إن الوضع الراهن يعكس بشكل واضح ضرورة إعادة التفكير في كيفية هيكلة التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة ودول حلف الناتو. فبينما تلتزم الدول الأوروبية بتخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، يبدو أن هذا الرقم لا يلبي طموحات الولايات المتحدة التي تشعر بضرورة تعزيز قوتها العسكرية على مستوى العالم، وهو ما يفسر تزايد الضغوط الأمريكية على الحلفاء الأوروبيين.
إن التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجهها الولايات المتحدة تمثل نقطة محورية في النقاش الدائر حول إنفاق الناتو، والآن يتعين على حلفاء أمريكا في الناتو إعادة تقييم مساهماتهم لتجنب أي صراع أو توترات جديدة في العلاقات عبر الأطلسي.