صناعة الحديد والصلب في صدارة خطة 2025 الاقتصادية . في وقتٍ تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية التي فرضتها التطورات الجيوسياسية على المنطقة والعالم، أصبحت صناعة الحديد والصلب واحدة من أبرز القضايا الاقتصادية التي تتطلب تحركًا مكثفًا لدعم هذا القطاع الحيوي.
حيث تعد هذه الصناعة العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والمحرك الرئيسي لصمود اقتصاد الدول في مواجهة الأزمات العالمية. في ظل هذه الظروف، بات ملف تطوير صناعة الحديد والصلب وتوطينها في مصر والدول العربية من الملفات العاجلة التي تفرض نفسها بقوة على الساحة، خاصةً في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تحديات متزايدة.
ويأتي هذا في إطار ضرورة البحث عن حلول مبتكرة للنهوض بهذه الصناعة الاستراتيجية، مما دفع المختصين إلى تبني خطط مدروسة تهدف إلى تطوير صناعة الصلب وحل مشكلاتها المتعددة.
وقد تم بحث هذا الموضوع في العديد من المؤتمرات والندوات، كان آخرها “مؤتمر الشرق الأوسط للحديد والصلب 2024” الذي عقد مؤخرًا في دبي. هذا المؤتمر شهد مناقشات موسعة حول التحديات التي تواجه صناعة الحديد والصلب في ظل المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، وقد أجمعت آراء المشاركين من أكثر من 50 دولة على ضرورة تصدر هذا الملف للأجندة الاقتصادية لعام 2025 لما له من تأثير بالغ في قطاع البناء والتشييد.
وقد حرصنا على المشاركة الفعالة في هذا الحدث، حيث تواجدت وسط أكثر من ألف متخصص في القطاع، حيث نظم المؤتمر شركة “فاست ماركتس” بهدف تسليط الضوء على الدور المتزايد لصناعة الحديد والصلب في المنطقة، لا سيما في ضوء المشاريع العملاقة التي تسهم في إعادة تشكيل بنية المنطقة التحتية واقتصادها. من هنا، جاءت الأهمية الكبرى لهذا القطاع الذي لا يمكن الاستغناء عنه في أي عملية تنموية أو اقتصادية.
في هذا السياق، وحرصًا على متابعة كل ما يتعلق بتعزيز الصناعة الوطنية، قامت برصد أبرز القضايا التي تم طرحها خلال المؤتمر، والآراء المختلفة التي تم تبادلها حول مستقبل صناعة الحديد والصلب في مصر والدول العربية.
من خلال هذه المناقشات، تبين أن صناعة الحديد والصلب تعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية، نظرًا لارتباطها الوثيق بالعديد من الصناعات الأخرى مثل صناعة السيارات، التشييد والبناء، الأنابيب، والنفط، بالإضافة إلى دورها المهم في توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
وقد عكست الرؤية المشتركة بين الدول العربية التوجهات المستقبلية التي تضع صناعة الحديد والصلب في مقدمة أولوياتها، حيث شدد المسؤولون في مصر على أهمية توطين هذه الصناعة.
في هذا السياق، أكد الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والنقل في مصر، على ضرورة التركيز على تطوير هذا القطاع، مشيرًا إلى أهمية التصديق الفوري على القرارات التي تسهم في حل المشكلات التي تواجه المصانع، وكذلك إقامة حوار مجتمعي مع أصحاب المصانع المتوقفة بغية إعادة تشغيلها.
إضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن إطلاق منصة “مصر الصناعية الرقمية” لتيسير الإجراءات أمام المستثمرين، وهي خطوة من شأنها أن تسهم في تعزيز استثمارات القطاع الصناعي في البلاد.
وقد أكد الوزير أن الحكومة ترحب بأي مستثمر يرغب في تشغيل مصانع القطاع العام المتوقفة، ومنها مصانع الحديد والصلب، في خطوة تعكس اهتمام الدولة الكبيرة بتطوير هذه الصناعة الحيوية.
لقد لاقت هذه السياسات ترحيبًا واسعًا من قبل الصناع في مصر، حيث عبروا عن ارتياحهم لما يتم تقديمه من تسهيلات ودعم لقطاع الحديد والصلب. واعتبرت هذه الخطوات بمثابة بداية جديدة للنهوض بالصناعة المحلية وزيادة قدرتها التنافسية على الصعيدين المحلي والدولي.
وقد أكد العديد من المشاركين في المؤتمر على أن قطاع الحديد والصلب في المنطقة العربية يمثل إحدى الصناعات الواعدة التي يجب الاستثمار فيها بشكل أكبر لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
في هذا السياق، تحدث جورج متى، رئيس اللجنة الاقتصادية للاتحاد العربي للحديد والصلب ورئيس قطاع التسويق بشركة حديد عز، عن تطور صناعة الحديد في منطقة الخليج العربي وشمال أفريقيا، موضحًا أن استهلاك منتجات الصلب النهائية في دول الخليج قد ارتفع بنسبة 4% خلال العام 2024، وهو ما يعكس النشاط القوي في قطاع البناء والاستثمارات الحكومية في مشاريع التنمية الكبرى.
كما أشار متى إلى أن بعض دول الخليج، مثل السعودية، تستهدف زيادة استهلاكها من الصلب من خلال دعم مشاريع كبرى مثل “نيوم” و”تطوير البحر الأحمر”. وأوضح أن اقتصاديات دول الخليج شهدت تباطؤًا في العام 2023، لكن من المتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 2.8% في 2024، مدفوعًا بزيادة الإنتاج النفطي وتنوع الاقتصاد في مجالات أخرى.
كما تناول متى في حديثه تطورات صناعة الحديد في شمال أفريقيا، موضحًا أن مصر والجزائر تقودان النمو في المنطقة، رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها. ورغم التحديات التي تواجه صناعة الصلب في المنطقة، من المتوقع أن يرتفع إنتاج الصلب الخام في المنطقة بنسبة 5% في 2024، ما يعكس التفاؤل بمستقبل هذه الصناعة.
وفي النهاية، خلصت مناقشات المؤتمر إلى أن صناعة الحديد والصلب تواجه تحديات كبيرة، إلا أن فرص النمو والتوسع فيها تظل قائمة، ويجب على الحكومات والمستثمرين العمل معًا لتجاوز العقبات التي تعترض طريق هذه الصناعة الاستراتيجية.