أبرز هذه التوقعات تذهب إلى أن الدولار قد يصل إلى 70 جنيهاً، وهو ما أثار قلق بعض المواطنين والمستثمرين، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة المصرية طمأنة الجميع عبر تصريحات رسمية. هذا المقال يسلط الضوء على آخر المستجدات المتعلقة بهذا الشأن، ويقدم تحليلاً للتصريحات الحكومية التي تؤكد على استقرار سعر الجنيه مقابل الدولار في الفترة المقبلة.
توقعات بارتفاع الدولار إلى 70 جنيهاً
أحدثت الأخبار المتداولة حول وصول سعر الدولار إلى 70 جنيهاً ضجة كبيرة في الأوساط الاقتصادية والشعبية. حيث أشار بعض المحللين إلى أن سعر الدولار قد يرتفع بنسب تتراوح بين 30 و40% خلال الفترة المقبلة، بناءً على عدة عوامل اقتصادية داخلية وخارجية.
هذه التوقعات استندت إلى مجموعة من المؤشرات، من بينها التغيرات في سوق الصرف العالمي، إضافة إلى التضخم في بعض الدول الكبرى، وكذلك الوضع الاقتصادي المحلي في مصر.
لكن الحكومة المصرية على لسان المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، أكدت في تصريحات لها أن هذه التوقعات مبالغ فيها ولا أساس لها من الصحة. فقد صرح الحمصاني بأن “الدولار لن يصل إلى 70 جنيهاً”، مشيراً إلى أن رئيس مجلس الوزراء كان حريصاً على نفي هذه التوقعات في تصريحات رسمية.
وقال الحمصاني في مداخلته الهاتفية ببرنامج “الساعة 6″، عبر قناة “الحياة”، مع الإعلامية عزة مصطفى، إن “الزيادة المتوقعة في سعر الدولار ستكون ضمن حدود معقولة، تتراوح بين 4 و5% فقط، بناءً على العرض والطلب في السوق”.
تأكيد الحكومة على التزامها بسعر صرف مرن
منذ مارس الماضي، قررت الحكومة المصرية اتباع سياسة “سعر الصرف المرن”، وهي سياسة تتيح للجنيه المصري التحرك بحرية أكبر مقابل العملات الأجنبية، بما يتناسب مع العرض والطلب في سوق الصرف. وفقاً لهذه السياسة، يتم تحديد سعر الجنيه بناءً على العوامل الاقتصادية الداخلية والعالمية، دون تدخل مباشر من البنك المركزي في تحديد هذا السعر.
وفي هذا السياق، أكد الحمصاني أن الحكومة ملتزمة بسياسة السعر المرن منذ مارس 2024، وأن هذه السياسة أسهمت في القضاء على السوق الموازية للعملة، وأدت إلى استقرار نسبي في سعر الصرف. وقال: “لقد نجحنا في توحيد سعر الصرف، وهو ما كان شرطاً رئيسياً للمحافظة على استقرار سعر الجنيه، ولم يعد هناك أي تباين بين سعر السوق الرسمية والسوق السوداء”.
التعليق الرسمي من الحكومة يأتي في وقت حساس، حيث يتخوف البعض من تكرار أخطاء الماضي المتعلقة بتحديد سعر الصرف. ففي السنوات السابقة، حاولت بعض الحكومات التدخل المباشر في تحديد سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية، ما أدى إلى نتائج غير مرضية، بما في ذلك تضخم العملة المحلية بشكل كبير وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين.
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في وقت سابق أنه “لن يتم تكرار الأخطاء السابقة فيما يتعلق بالتدخل لتحديد سعر الصرف”. وأوضح مدبولي خلال مؤتمر صحفي أن مصر الآن تشهد تطبيق سياسة سعر صرف مرن منذ مارس 2024، وهو ما يعتبر تطوراً مهماً في الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن الحكومة لن تلجأ إلى تعويم الجنيه مرة أخرى بشكل مفاجئ، مثلما حدث في مارس 2022، مشيراً إلى أن الزيادة التي شهدها سعر الدولار في الأشهر الماضية كانت ضمن المعدلات الطبيعية والمتوقعة، إذ ارتفع السعر بنسبة تراوحت بين 4 و5% فقط.
نظرة الحكومة على التوقعات المستقبلية لسعر الدولار
على الرغم من تصريحات الحكومة التي تهدف إلى تهدئة الأوضاع الاقتصادية، يظل سؤال “هل سيستمر سعر الدولار في الارتفاع؟” قائماً في الأوساط الاقتصادية. بحسب تصريحات الحمصاني، فإن هناك بعض المؤشرات التي قد تؤثر في حركة الدولار خلال الفترة القادمة، مثل الأسعار العالمية للسلع الأساسية، وحركة الاقتصاد العالمي، وأيضا السياسات الاقتصادية الداخلية لمصر.
من جانب آخر، أكد مدبولي أنه لا داعي للقلق بشأن تقلبات سعر الصرف، حيث أن “الحكومة تعمل على تعزيز الاقتصاد المصري وتنفيذ الإصلاحات اللازمة التي تساهم في استقرار السوق المالية”.
وأشار إلى أن المستثمرين وأصحاب الأعمال في مصر يبدون ارتياحهم حيال الأوضاع الاقتصادية الحالية، حيث شهدت العديد من القطاعات تحسناً في الأداء، وهو ما يعكس استقرار الاقتصاد على المدى البعيد.
تظل التوقعات بشأن سعر الدولار والجنيه المصري محط أنظار الجميع، خاصة في ظل ما يشهده العالم من تحولات اقتصادية. ولكن مع استمرار الحكومة في سياسة السعر المرن، وتأكيدها على عدم تكرار أخطاء الماضي، يظل الوضع تحت السيطرة وفقاً للمسؤولين.
على الرغم من الزيادة المعتدلة في سعر الدولار، إلا أن الحكومة تؤكد أن التحديات الاقتصادية لا تعني فقدان السيطرة على سعر الصرف، وأن الزيادة ستكون ضمن حدود معقولة، دون تأثيرات سلبية كبيرة على المواطن المصري أو السوق المحلية.
إن التوجه إلى سياسة سعر الصرف المرن، إلى جانب الجهود المبذولة لتوحيد سعر الجنيه والقضاء على السوق السوداء، يعد خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، تواصل الحكومة عملها في تعزيز الأوضاع الاقتصادية، ما يشير إلى أنه سيكون هناك استقرار مستقبلي في سعر الدولار والجنيه المصري.