على الرغم من أن السعر يبدو مرتفعًا بالنسبة للكثيرين، فإن السبب وراء هذه الضجة ليس السعر فقط، بل المكونات الغريبة التي تحتوي عليها الزجاجة. ووفقًا لوصف المعرض، فإن الزجاجة تحتوي على مكونات فريدة جدًا تم جمعها من شوارع القاهرة وأحيائها المختلفة. فمكونات الزجاجة تشمل خليطًا من الرمل، الزلط، بقايا الطعام، الحشرات، أعقاب السجائر، فضلات الحيوانات، وغيرها من المخلفات التي تجمعها المدينة.
بيع زجاجة “تراب القاهرة” بسعر 500 جنيه
يبيع معرض “كايرو بوليتان” زجاجة “تراب القاهرة” بسعر 500 جنيه مصري، بالإضافة إلى تكاليف الشحن، ولكن وفقًا للمصادر المحلية، فإن الشحن غير متوفر حاليًا. المعرض الفني يعرض هذه الزجاجة للبيع عبر موقعه الإلكتروني.
حيث يمكن للمشترين طلب الزجاجة التي تحتوي على مكونات متعددة تم جمعها من مختلف أنحاء المدينة. وتباع الزجاجة بشكل محدود، بحيث تُعرض في المعرض على فترات معينة، مما يضيف عنصر الندرة والجاذبية للمنتج.
الزجاجة أثارت جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيدين ومعارضين. البعض يرى أن هذه الزجاجة تمثل نوعًا من الفن المبتكر الذي يعكس واقع المدينة ويجمع بين الماضي والحاضر. في حين أن آخرين يرون أن بيع “تراب” من الشوارع بهذا السعر يعد تصرفًا غريبًا وغير مبرر، ويعتبرون أن المكونات التي تحتوي عليها الزجاجة لا تبرر سعرها المرتفع.
مكونات “تراب القاهرة”
بالنظر إلى المكونات التي تحتوي عليها زجاجة “تراب القاهرة”، نجد أنها ليست مجرد تراب عادي. وفقًا لوصف المعرض، يحتوي التراب على مزيج من الزلط، الرمل، بقايا الطعام مثل الكشري وقشر اللب والشاي.
بالإضافة إلى الحشرات، أعقاب السجائر، مسحوق العظام، النباتات المتحللة، الورق، الجير، فضلات المواشي والحيوانات، الشعر الآدمي والحيواني، الدهانات الجافة، الفخار، عيدان الخشب، الغيار المعدني، القش، الحصى، الفلين، وغير ذلك من العناصر التي تم جمعها من شوارع المدينة.
وفيما يخص التفسير الفني للمكونات، يشير المعرض إلى أن كل زجاجة تحتوي على مزيج فريد من المكونات، رغم التشابه بين بعضها في الذرات. ويعتقد المعرض أن هذه الزجاجات تمثل قطعة من الحياة اليومية في القاهرة، حيث تجمع مكونات من بيئة المدينة بكل تفاصيلها المعيشية، الثقافية، والاجتماعية.
هدف بيع “تراب القاهرة”
بالإضافة إلى المكونات الغريبة، يسعى المعرض من خلال هذا المنتج إلى نقل رسالة فنية عميقة. في تصريحات صحفية، قال المسؤولون عن المعرض إن “تراب القاهرة” ليس مجرد منتج للبيع، بل هو محاولة لتوثيق تاريخ المدينة الذي يكمن في كل ذرة من هذا التراب.
القاهرة، التي تعتبر من أقدم وأكبر العواصم في العالم، تحمل في ترابها تاريخًا طويلًا من العصور القديمة وحتى العصر الحديث. كل جزء من التراب يحمل في طياته آثارًا لمختلف العصور والأحداث التي مرت بها المدينة.
يقول المعرض إن “عمر التراب يقارب عمر المدينة نفسها”. ويضيف أن هذا التراب يحتوي على بقايا كل ما نستهلكه من مخلفات، والتي تعود إلى آلاف السنين. فكل قطعة من التراب تحمل معها جزءًا من تاريخ الحياة اليومية في القاهرة، بدءًا من الطعام الذي نستهلكه، وصولاً إلى فضلات الحيوانات والمخلفات البشرية. يتحدث المعرض عن “التراب” باعتباره الدليل الوحيد على وجودنا في المدينة، وعلى مدى تأثيرنا على البيئة المحيطة.
وأوضح المعرض أن هذا التراب سيكون في المستقبل جزءًا من تاريخ المدينة، وسيبقى مرجعية للأجيال القادمة لفهم ما كانت عليه حياة الناس في هذه الحقبة الزمنية. ووفقًا للمسؤولين، فإن هذه الزجاجة هي في الواقع محاولة لحفظ “رفات حياتنا” وأيضًا “رفات أمواتنا”، مشيرين إلى أن “لا تركيبة مثل تركيبة تراب القاهرة، ولا يوجد شيء أكثر منها حولنا”.
على الرغم من الرسالة التي يروج لها المعرض، فإن فكرة بيع “تراب” بهذه الطريقة لم تمر مرور الكرام على مستخدمي الإنترنت. فقد ظهرت العديد من التعليقات التي تتساءل عن قيمة هذا المنتج، وكيف يمكن للناس أن يشتروا زجاجة تحتوي على مواد غير قيمة في ظاهرها.
البعض يرى أن هذه الزجاجة ليست سوى ترويج لمنتج تجاري ليس له قيمة حقيقية، بينما يعتقد آخرون أن ما يقدمه المعرض هو نوع من الفن التجريدي الذي يحاول ربط الماضي بالحاضر بطرق غير تقليدية.
وفي المقابل، هناك من يقدرون الفكرة ويحترمون رؤية المعرض الفنية. هؤلاء يرون أن هذه الزجاجة تمثل توثيقًا فنيًا لمدينة القاهرة بكل تفاصيلها، وأنه لا بأس في النظر إليها كقطعة فنية مبتكرة تتجاوز المفهوم التقليدي للأشياء.
على الرغم من الجدل الذي أثارته زجاجة “تراب القاهرة”، فإنها بلا شك تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول الفن المعاصر، وماهية القيم الثقافية والتاريخية التي يمكن أن يحملها أي منتج أو قطعة فنية.
يعتقد البعض أن هذه الزجاجة تمثل رمزًا للمدينة وذاكرتها، بينما يراها آخرون مجرد فكرة تجارية غريبة. وفي النهاية، تظل “زجاجة تراب القاهرة” مثالاً على كيفية تحويل تفاصيل الحياة اليومية إلى فن يمكن أن يثير الاهتمام والتساؤلات.