بحث عن ابي بن كعب كامل | موضوع تعبير عن ابي بن كعب للمرحله الاعداديه
أبي بن كعب
أبي بن كعب ابن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار (المتوفي سنة 30 هـ) صحابي وقارئ وفقيه وكاتب للوحي وراوي للحديث النبوي من الأنصار من بني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار من الخزرج. شهد بيعة العقبة الثانية، وشهد مع النبي محمد المشاهد كلها. جمع أبي بن كعب القرآن، وعرضه على النبي محمد في حياته، وكان أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن في حياة النبي محمد.
مقدمة
سيد القراء أبو منذر الأنصاري النجاري المدني المقرئ البدري ويكنى أيضا أبا الطفيل شهد العقبة وبدرا وجمع القرآن في حياة النبي ﷺ وعرض على النبي عليه السلام وحفظ عنه علما مباركا وكان رأسا في العلم والعمل رضي الله عنه حدث عنه بنوه محمد والطفيل وعبد الله وأنس بن مالك وابن عباس وسويد بن غفلة وزر بن حبيش وأبو العالية الرياحي وأبو عثمان النهدي وسليمان بن صرد وسهل بن سعد وأبو إدريس الخولاني وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعبد الرحمن بن أبزى وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبيد بن عمير وعتي السعدي وابن الحوتكية وسعيد بن المسيب وكأنه مرسل وآخرون فعن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قال كان أبي رجلا دحداحا يعني ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير وعن ابن عباس بن سهل قال كان أبي أبيض الرأس واللحية وقال أنس قال النبي ﷺ لأبي بن كعب ( إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن ) وفي لفظ ( أمرني أن أقرئك القرآن ) قال الله سماني لك قال نعم ( قال وذكرت عند رب العالمين قال ( نعم ) فذرفت عيناه
ولما سأل النبي ﷺ أبيا عن أي آية في القرآن أعظم فقال أبي ^ الله لا إله إلا هو الحي القيوم ^ [ البقرة 255 ] ضرب النبي ﷺ في صدره وقال ليهنك العلم أبا المنذر
قال أنس بن مالك جمع القرآن على عهد رسول الله ﷺ أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت و أبو زيد أحد عمومتي وقال ابن عباس قال أبي لعمر بن الخطاب إني تلقيت القرآن ممن تلقاه من جبريل عليه السلام وهو رطب وقال ابن عباس قال عمر أقضانا علي وأقرأنا أبي وإنا لندع من قراءة أبي وهو يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله ﷺ وقد قال الله تعالى ^ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ^ [ البقرة 106 ]
وروى أبو قلابة عن أنس قال قال رسول الله ﷺ أقرأ أمتي أبي وعن أبي سعيد قال قال أبي يا رسول الله ﷺ ما جزاء الحمى قال ( تجري الحسنات على صاحبها ) فقال اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجا في سبيلك فلم يمس أبي قط إلا وبه الحمى قلت ملازمة الحمى له حرفت خلقه يسيرا ومن ثم يقول زر بن حبيش كان أبي فيه شراسة قال أبو نضرة العبدي قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر طلبت حاجة إلى عمر وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر فقال إن الدنيا فيها بلاغنا وزادنا إلى الآخرة وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة فقلت من هذا يا أمير المؤمنين قال هذا سيد المسلمين أبي بن كعب قال المغيرة بن مسلم عن الربيع عن أنس عن أبي العالية قال قال رجل لأبي بن كعب أوصني قال اتخذ كتاب الله إماما وارض به قاضيا وحكما فإنه الذي استخلف فيكم رسولكم شفيع مطاع وشاهد لا يتهم فيه ذكركم وذكر من قبلكم وحكم ما بينكم وخبركم وخبر ما بعدكم الثوري وأبو جعفر الرازي واللفظ له عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي ^ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ^ قال هن أربع كلهن عذاب وكلهن واقع لا محالة فمضت اثنتان بعد رسول الله ﷺ بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض وبقي ثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم أخبرنا إسحاق الأسدي أنبأنا يوسف الحافظ أنبأنا أحمد بن محمد أنبأنا أبو علي المقرئ أنبأنا أبو نعيم حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعدان حدثنا بكر بن بكار حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني أبي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال كنت واقفا مع أبي بن كعب في ظل أطم حسان والسوق سوق الفاكهة اليوم فقال أبي ألا ترى الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا قلت بلى قال سمعت رسول الله ﷺ يقول ( يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه فيقول من عنده لئن تركنا الناس يأخذون منه لا يدعون منه شيئا فيقتل الناس من كل مئة تسعة وتسعون ( أخرجه مسلم من طريق عبد الحميد وله إسناد آخر وهو الزبيدي عن الزهري عن إسحاق مولى المغيرة عن أبي أبو صالح الكاتب حدثنا موسى بن علي عن أبيه أن عمر خطب بالجابية فقال من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدا ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذا ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله جعلني خازنا وقاسما ورواه الواقدي عن موسى أيضا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر قال أتيت المدينة فأتيت أبيا فقلت يرحمك الله اخفض لي جناحك وكان امرءا فيه شراسة فسألته عن ليلة القدر فقال ليلة سبع وعشرين سفيان الثوري عن أسلم المنقري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال قال أبي بن كعب قال لي رسول الله ﷺ ( أمرت أن أقرأ عليك القرآن ( قلت يا رسول الله وسميت لك قال ( نعم ( قلت لابي فرحت بذلك قال وما يمنعني وهو تعالى يقول ^ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ^ يونس 58
تابعه الأجلح عن عبد الله عن أبيه محمد بن عيسى بن الطباع حدثنا معاذ بن محمد بن محمد بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي قال رسول الله ﷺ ( يا أبا المنذر إني أمرت أن أعرض عليك القرآن ) فقلت بالله آمنت وعلى يدك أسلمت ومنك تعلمت فرد القول فقلت يا رسول الله وذكرت هناك قال ( نعم باسمك ونسبك في الملأ الاعلى ) قلت اقرأ إذن يا رسول الله وقد رواه أبو حاتم الرازي عن ابن الطباع فقال حدثنا معاذ بن محمد ابن معاذ بن أبي سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله بن عمرو مرفوعا استقرئوا القرآن من أربعة من ابن مسعود وأبي ومعاذ وسالم مولى أبي حذيفة وأخرج أبو داود من حديث ابن عمر أن النبي ﷺ صلى صلاة فلبس عليه فلما انصرف قال لأبي ( أصليت معنا ( قال نعم قال ) فما منعك )
شعبة عن أبي جمرة حدثنا إياس بن قتادة عن قيس بن عباد قال أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد ﷺ ولم يكن فيهم رجل ألقاه أحب إلي من أبي فأقيمت الصلاة وخرج فقمت في الصف الأول فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري فنحاني وقام في مقامي فما عقلت صلاتي فلما صلى قال يا بني لا يسوؤك الله فإني لم آت الذي أتيت بجهالة ولكن رسول الله ﷺ قال لنا كونوا في الصف الذي يليني ( وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك وإذا هو أبي رضي الله عنه الدارمي حدثنا يحيى بن حسان حدثنا عكرمة بن إبراهيم أخبرنا يزيد بن شداد حدثني معاوية بن قرة حدثني عتبة بن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثني أبي عن جدي قال كنت عند رسول الله ﷺ في يوم عيد فقال ( ادعوا لي سيد الأنصار ) فدعوا أبي بن كعب فقال ( يا أبي ائت بقيع المصلى فأمر بكنسه ) الحديث
الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء عن عطية بن قيس عن أبي إدريس الخولاني أن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق فقرؤوا يوما على عمر ^ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ^ الفتح 26 ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فقال عمر من أقرأكم هذا قالوا أبي بن كعب فدعا به فلما أتى قال اقرؤوا فقرؤوا كذلك فقال أبي والله يا عمر إنك لتعلم أني كنت أحضر ويغيبون وأدنى ويحجبون ويصنع بي ويصنع بي و والله لئن أحببت لالزمن بيتي فلا أحدث شيئا ولا أقريء أحدا حتى أموت فقال عمر اللهم غفرا إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علما فعلم الناس ما علمت ابن عيينة عن عمروا عن بجالة أو غيره قال مر عمر بن الخطاب بغلام يقرأ في المصحف ^ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ^ الاحزاب 61 ( وهو أب لهم ) فقال يا غلام حكها قال هذا مصحف أبي فذهب إليه فسأله فقال إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق
عوف عن الحسن حدثني عتي بن ضمرة قال رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم فقلت ما شأن هؤلاء فقال بعضهم ما أنت من أهل البلد قلت لا قال فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين أبي بن كعب أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن أبي قال إنا لنقرؤه في ثمان ليال يعني القرآن سلام بن مسكين حدثنا عمران بن عبد الله قال أبي بن كعب لعمر بن الخطاب مالك لا تستعملني قال أكره أن يدنس دينك
الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال عمر اخرجوا بنا إلى أرض قومنا فكنت في مؤخر الناس مع أبي ابن كعب فهاجت سحابة فقال اللهم اصرف عنا أذاها قال فلحقناهم وقد ابتلت رحالهم فقال عمر ما أصابكم الذي أصابنا قلت إن أبا المنذر قال اللهم اصرف عنا أذاها قال فهلا دعوتم لنا معكم قال معمر عامة علم ابن عباس من ثلاثة عمر وعلي وأبي
قال مسروق سألت أبيا عن شيء فقال أكان بعد قلت لا قال فاحمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا لك رأينا
الجريري عن أبي نضرة قال قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر قال أتيت عمر وقد أعطيت منطقا فأخذت في الدنيا فصغرتها فتركتها لا تسوى شيئا وألى جنبه رجل أبيض الرأس واللحية والثياب فقال كل قولك مقارب إلا وقوعك في الدنيا هل تدري ما الدنيا فيها بلاغنا أو قال زادنا إلى الاخرة وفيها أعمالنا التي نجزى بها قلت من هذا يا أمير المؤمنين قال هذا سيد المسلمين أبي بن كعب
أصرم بن حوشب عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال كان أبي صاحب عبادة فلما احتاج الناس إليه ترك العبادة وجلس للقوم عوف عن الحسن عن عتي بن ضمرة قلت لأبي بن كعب ما شأنكم يا أصحاب رسول الله ﷺ نأتيكم من الغربة ونرجو عندكم الخير فتهاونون بنا قال والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لاقولن قولا لا أبالي استحييتموني أو قتلتموني فلما كان يوم الجمعة خرجت فإذا أهل المدينة يموجون في سككها فقلت ما الخبر قالوا مات سيد المسلمين أبي بن كعب قد ذكرت أخبار أبي بن كعب في ( طبقات القراء ( وأن ابن عباس وأبا العالية وعبد الله بن السائب قرؤوا عليه وأن عبد الله بن عياش المخزومي قرأ عليه أيضا وكان عمر يجل أبيا ويتأدب معه ويتحاكم إليه قال محمد بن عمر الواقدي تدل أحاديث على وفاة أبي بن كعب في خلافة عمر ورأيت أهله وغيرهم يقولون مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة وأن عمر قال اليوم مات سيد المسلمين قال وقد سمعنا من يقول مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين قال وهو أثبت الأقاويل عندنا وذلك أن عثمان أمره أن يجمع القرآن وقال محمد بن سعد حدثنا عارم حدثنا حماد عن أيوب عن ابن سيرين أن عثمان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم ابي بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القرآن قلت هذا إسناد قوي لكنه مرسل وما أحسب أن عثمان ندب للمصحف أبيا ولو كان كذلك لاشتهر ولكان الذكر لابي لا لزيد والظاهر وفاة أبي في زمن عمر حتى إن الهيثم بن عدي وغيره ذكرا موته سنة تسع عشرة وقال محمد بن عبد الله بن نمير وأبو عبيد وأبو عمر الضرير مات سنة اثنتين وعشرين فالنفس إلى هذا أميل وأما خليفة بن خياط وأبو حفص الفلاس فقالا مات في خلافة عثمان وقال خليفة مرة مات سنة اثنتين وثلاثين وفي سنن أبي داود يونس بن عبيد عن الحسن أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب في قيام رمضان فكان يصلي بهم عشرين ركعة وقد كان أبي التقط صرة فيها مئة دينار فعرفها حولا وتملكها وذلك في ( الصحيحين)
وروى عنه ابن عباس قصة موسى والخضر وذلك في ( الصحيحين ) أيضا ولابي في الكتب الستة نيف وستون حديثا وأنبأني بنسبه الحافظ أبو محمد النوني وقال مالك بن النجار هو أخو عدي ودينار ومازن واسم النجار والدهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج قال وأبي بن كعب هو ابن عمة أبي طلحة الأنصاري وكان أبي نحيفا قصيرا أبيض الرأس واللحية قال والواقدي رأيت أهله وغير واحد يقولون مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة وقد سمعت من يقول مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين وهو أثبت الاقاويل عندنا قال لان عثمان أمره أن يجمع القرآن روى حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن ابن سيرين أن عثمان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم أبي وزيد بن ثابت في جمع القرآن له عند بقي بن مخلد مئة وأربعة وستون حديثا منها في البخاري ومسلم ثلاثة أحاديث وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بسبعة
سيرته
أسلم أبي بن كعب بن قيس بن زيد الخزرجي، وشهد بيعة العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار. ولما هاجر النبي محمد، آخى النبي محمد بينه وبين طلحة بن عبيد الله، وقيل بينه وبين سعيد بن زيد. وقد شهد أبي بن كعب مع النبي محمد المشاهد كلها.
بعد وفاة النبي محمد، تفرغ أبي بن كعب للعبادة، إلى أن وجد حاجة الناس إليه، فترك العبادة وجلس ليُعلّم الناس. قال مسروق بن الأجدع: «انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم الستة إلى علي وابن مسعود». وقال معمر بن راشد: «عامة علم ابن عباس من ثلاثة: عمر، وعلي، وأبي».
اختُلف في وقت وفاة أبي بن كعب، فقيل مات بالمدينة المنورة سنة 22 هـ، وقيل سنة 19 هـ، وقيل سنة 32 هـ، وقيل سنة 20 هـ، وقيل سنة 30 هـ وهو الراجح. وقد شهد عتي بن ضمرة يوم وفاته، فقال: «رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: «ما شأن هؤلاء؟»، فقال بعضهم: «ما أنت من أهل البلد؟!»، قلت: «لا»، قال: «فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب»».
كان أبي رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير، نحيفًا، أبيض الرأس واللحية، وكان امرءًا فيه شراسة، وقد ترك من الولد الطفيل ومحمد وأمهما أم الطفيل بنت الطفيل بن عمرو الدوسية، وعبد الله وأم عمرو لم يُذكر اسم أمهاتهم.
مكانته
كان أّبي بن كعب من فقهاء الصحابة، وكان من كُتَّاب الوحي، ومن اعتبر من أفضل قرّاء القرآن، وهو أحد الإثنا عشر الذين بايعوا الرسول، في بيعة العقبة. وقد روي أن أُبي بن كعب قال:
«سألني رسول الله ما هي برأيك أعظم آية جاءت في القرآن الكريم؟، فقلت: آية الكرسي، فضرب رسول الله على صدري، وقال لي: ليهنئك العلم يا أبا المنذر». وقد جاء في الحديث: “أقرؤكم أُبي” وقد أسند إليه النبي مهمة تعليم الوفود القرآن وتفقيهها في الدين وكان النبي إذا غاب عن المدينة يستخلفه لإمامة المسلمين في الصلاة وقد قال عنه عمر بن الخطاب: “سيد المسلمين أبي بن كعب”. وجاء في صحيح البخاري ان الرسول قال لأُبي بن كعب حين نزلت (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) «إن الله أمرني أن أقرأ عليك (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال أبي: آلله سماني لك ؟ قال نعم الله سماك لي فجعل أبي يبكي».
منزلته عند المسلمين
روى أنس بن مالك عن النبي محمد قوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، وَلكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.» وقال عمرو بن العاص: «كنت عند رسول الله في يوم عيد، فقال: «ادعوا لي سيد الأنصار». فدعوا أبي بن كعب، فقال: «يا أبي، ائت بقيع المصلى، فأمر بكنسه»».
كان عمر بن الخطاب يُجل أبيًّا، ويتأدب معه، ويتحاكم إليه. وقد روى عن عمر بن الخطاب قوله: «أقضانا علي، وأقرؤنا أبي، وإنا لندع من قراءة أبي، وهو يقول: «لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله ، وقد قال الله تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ »». كما رُوي أنه طلب رجل حاجة إلى عمر، وإلى جنبه رجل أبيض الثياب والشعر، فقال الشيخ: «إن الدنيا فيها بلاغنا، وزادنا إلى الآخرة، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة». فسأل الرجل: «من هذا يا أمير المؤمنين؟»، قال: «هذا سيد المسلمين أبي بن كعب». وحين خطب عمر بالجابية، قال: «من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيدًا، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذًا، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني؛ فإن الله جعلني خازنًا وقاسمًا». ورُوي أن أبيًا بن كعب قال لعمر بن الخطاب: «مالك لا تستعملني؟»، قال: «أكره أن يدنس دينك».
أبي بن كعب والقرآن
كان أبي بن كعب ممن يُحسنون الكتابة من العرب في الجاهلية قبل الإسلام، وكانوا معدودون. فاختاره النبي محمد ليكون كاتبه الأول للوحي من الأنصار. جمع أبي بن كعب القرآن في حياة النبي محمد، وعرضه عليه. روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي محمد أنه قال: «خُذُوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة.» وقال أنس بن مالك: «قال النبي لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، قال: «الله سماني لك؟»، قال: «نعم». قال: «وذُكرت عند رب العالمين؟»، قال: «نعم». فذرفت عيناه». وقال أيضًا: «جمع القرآن على عهد رسول الله أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي»، كما روى أنس عن النبي محمد أنه قال: «أقرأ أمتي أبي». وكان أبي يُتم قراءة القرآن في ثمان ليال.
وقد عرض عبد الله بن عباس وأبو هريرة وعبد الله بن السائب وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وأبو عبد الرحمن السُلمي وأبو العالية الرياحي القرآن على أبي بن كعب، فأجازهم. وزعم محمد بن سيرين أن عثمان بن عفان، لما أراد جمع القرآن، أسند تلك المهمة إلى اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت.
روايته للحديث النبوي
روى عن: النبي محمد.
روى عنه: بنوه محمد والطفيل وعبد الله، وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس وسويد بن غفلة وزر بن حبيش وأبو العالية الرياحي وأبو عثمان النهدي وسليمان بن صرد وسهل بن سعد وأبو إدريس الخولاني وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعبد الرحمن بن أبزي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبيد بن عمير الليثي وعتي بن ضمرة السعدي وعبادة بن الصامت وعبد الله بن خباب بن الأرت وعمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وجابر أو جويبر العبدي والجارود بن أبي سبرة الهذلي وجندب بن عبد الله البجلي وسعيد بن المسيب وعبد الله بن أبي بصير وعبد الله بن رباح الأنصاري وعبد الله بن فيروز الديلمي وعبد الله بن أبي الهذيل وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وعطاء بن يسار وعطية الكلاعي وعمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري وقيس بن عباد الضبعي ومسروق بن الأجدع والمغيرة بن نوفل ونفيع أبو رافع الصائغ ويحيى بن الجزار وأبو الأسود الدؤلي وأبو بصير الأعمى.
منزلته عند أهل الحديث: لأبي بن كعب أكثر من ستين حديثًا، رواها عنه الجماعة، كما أنه له في مسند بقي بن مخلد 164 حديثًا، منها ثلاثة أحاديث متفق عليها، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بسبعة.
مناقبه
الزهد
عن جُندب بن عبد الله البجلي قال: أتيت المدينة ابتغاء العلم، فدخلت مسجد رسول الله فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون، فجعلت أمضـي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقـةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قدم من سفر. فسمعته يقول: (هلك أصحاب العُقدة ورب الكعبة، ولا آسى عليهم)… أحسبه قال مراراً… فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام، فسألت عنه بعدما قام قلت: من هذا؟. قالوا: هذا سيد المسلمين أبي بن كعب)… فتبعته حتى أتى منزله، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه أمره بعضه بعضاً.
الورع
قال أبي بن كعب: (يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك في صلاتي؟). قال: (ما شئت، وإن زدت فهو خيرٌ)… قال: (الرُّبـع؟)….. قال: (ما شئـت، وإن زدت فهو خيرٌ)… قال: (أجعلُ النصـف؟)…
قال: (ما شئـت، وإن زدت فهو خيرٌ)… قال: (الثلثيـن؟)….. قال: (ما شئـت، وإن زدت فهو خيرٌ)… قال: (اجعـل لك صلاتي كلّها؟)… قال: (إذاً تُكفـى همَّك ويُغفَر ذنبُك).
وبعد وفاة الرسول، ظل أبي على عهده في عبادته وقوة دينه، وكان دوما يذكر المسلمين بأيام الرسول ويقول: «لقد كنا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووجوهنا واحدة، فلما فارقنا اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا».
وعن الدنيا يتحدث ويقول: ((ان طعام ابن آدم، قد ضرب للدنيا مثلا، فان ملحه وقذحه فانظر إلى ماذا يصير؟)).
وحين اتسعت الدولة الإسلامية ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم، قال:(هلكوا ورب الكعبة، هلكوا وأهلكوا، أما اني لا آسى عليهم، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين) وقيل انه كان أكثر ما يخشاه هو أن يأتي على المسلمين يوما يصير بأس أبنائهم بينهم شديد.
وقعة الجابية
شهد أبي بن كعب مع عمر بن الخطاب وقعة الجابية، وقد خطـب عمر بالجابية فقال: (أيها الناس من كان يريـد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أبـيَّ بن كعـب).
الدعوة المجابة
روى عن ابن عباس (صلى الله عليه وسلم) قال: قال عمر بن الخطاب: (اخرجوا بنا إلى أرض قومنا). قال: فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس، فهاجت سحابة، فقال أبيُّ: (اللهم اصرف عنّا أذاها) فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم. فقال عمر: (أمَا أصابكم الذي أصابنا؟). قلت: (إن أبا المنذر دعا الله عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها)… فقال عمر: (ألا دعوتُمْ لنا معكم؟!).
الوصية
قال رجلٌ لأبي بن كعب: (أوصني يا أبا المنذر).قال: (لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل عدوَّك، واحترس من صديقك، ولا تغبطنَّ حيّاً إلا بما تغبطه به ميتاً، ولا تطلب حاجةً إلى مَنْ لا يُبالي ألا يقضيها لك).
وفاته
عن عبـد الله بن أبي نُصير قال: عُدْنا أبي بن كعـب في مرضه، فسمع المنادي بالأذان فقال: (الإقامة هذه أو الأذان؟)… قلنا: (الإقامـة)… فقال: (ما تنتظرون؟ ألا تنهضون إلى الصلاة؟)… فقلنا: (ما بنا إلا مكانك)… قال: (فلا تفعلوا قوموا، إن رسول الله صلى بنا صلاة الفجر، فلمّا سلّم أقبل على القوم بوجهه فقال: (أشاهدٌ فلان؟ أشاهدٌ فلان؟). حتى دعا بثلاثة كلهم في منازلهم لم يحضروا الصلاة فقال: ((إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْواً، واعلم أنّ صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتك وحدك، وإن صلاتك مع رجلين أفضل من صلاتك مع رجل، وما أكثرتم فهو أحب إلى الله، وإن الصفّ المقدم على مثل صف الملائكة، ولو يعلمون فضيلته لابتدروه، ألا وإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحدَه أربعاً وعشرين أو خمساً وعشرين)). وكان الرسول قد قال : (ما مِنْ شيءٍ يصيب المؤمن في جسده إلا كفَّر الله عنه به من الذنوب). فقال أبي بن كعب: (اللهم إنّي أسألك أن لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبيٌ بن كعب حتى يلقاك، لا يمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك). فارتكبته الحمى فلما تفارقه حتى مات، وكان في ذلك يشهد الصلوات ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو. توفي سنة 30 هـ , يقول عُتيّ السعديّ: قدمت المدينة في يوم ريحٍ وغُبْـرةٍ، وإذا الناس يموج بعضهم في بعـض. فقلت: (ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض؟)… فقالوا: (أما أنت من أهل هذا البلد؟)… قلت: (لا)… قالوا: (مات اليوم سيد المسلمين، أبيّ بن كعب).