مصر تصدم إثيوبيا بعد كارثة الانهيارات القاتلة وتوجه تهديدًا جديدًا لسد النهضة . سد النهضة والتحديات المائية في مصر: مشروع أنهار الصعيد وحلول الاستمطار ومع بدء إثيوبيا في الملء الخامس لسد النهضة الذي تم بناؤه على النيل الأزرق منذ ما يقارب عشر سنوات، يواجه مصر تحديًا مائيًا غير مسبوق يتطلب البحث عن حلول مبتكرة لمواجهة شح المياه والحفاظ على الأمن المائي.
في هذا السياق، كشف الدكتور محمد سيد علي، أستاذ هندسة الفضاء والنانو بجامعة يابانية، عن مشروع قومي جديد يحمل اسم “أنهار الصعيد الخمسة” والذي يهدف إلى تعزيز الموارد المائية لمصر وحل مشكلة المياه التي تواجهها البلاد في ظل تهديدات سد النهضة.
خمسة أنهار جديدة في الصعيد: فكرة مبتكرة لتعزيز الموارد المائية
أكد الدكتور محمد سيد علي أن مشروع “أنهار الصعيد الجديدة” يعتمد على إنشاء خمسة أنهار جديدة في مناطق متعددة من صعيد مصر، وهو مشروع يُعد بمثابة حلم كبير لمصر في ظل التحديات المائية الحالية.
وفقًا للخبير، سيشمل المشروع إنشاء نهر عجيب يتجه عكس اتجاه نهر النيل. هذا النهر الذي سيبدأ من جبال البحر الأحمر شمالًا ويتجه جنوبًا عبر وادي قنا ليصب في النيل عند ثنية قنا.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء ثلاثة أنهار أخرى في أودية أسيوط، وطرفة، وسنور، لتصب جميعها في النيل في محافظات أسيوط وسوهاج والمنيا وبني سويف. أما النهر الخامس، فسيبدأ من جبال جنوب سيناء ويصب في البحر المتوسط عند العريش.
الاستمطار الصناعي: حل مؤقت للأزمة المائية
إلى جانب مشروع أنهار الصعيد الخمسة، اقترح الدكتور محمد سيد علي تطبيق تقنية الاستمطار الصناعي كحل مؤقت لمشكلة المياه في مصر. الاستمطار، المعروف أيضًا بالمطر الصناعي، هو عملية صناعية تهدف إلى زيادة هطول الأمطار في مناطق معينة باستخدام تقنيات متطورة.
يعتقد الدكتور سيد علي أن الاستمطار قد يكون ضروريًا لحل أزمة المياه في مصر، خاصة بعد التأثيرات السلبية لسد النهضة على إمدادات المياه من نهر النيل. وأضاف أنه يمكن البدء في عملية الاستمطار بشكل مؤقت في مناطق جبل الطور في سيناء وجبل رأس غارب في البحر الأحمر، وهي مناطق تشهد توافر السحب والغيوم في أغلب أشهر السنة.
الآلية المقترحة للاستفادة من الاستمطار في رأس غارب والطور
تعتبر منطقة رأس غارب والطور من المواقع التي يتوفر فيها السحب والغيوم طوال أشهر معينة من السنة، إلا أن هذه الغيوم لا تمطر بشكل طبيعي إلا نادرًا. وفقًا للبيانات المناخية التي جمعها الدكتور سيد علي من مصادر علمية متخصصة، تتواجد الغيوم في هذه المناطق بدءًا من أكتوبر وحتى مايو، ويبلغ ذروتها في شهر ديسمبر.
بفضل هذه الظروف المناخية، يمكن لمصر استغلال هذه الفرصة من خلال تنفيذ عملية الاستمطار الصناعي في هذه المناطق لزيادة كمية الأمطار المتساقطة، وهو ما سيعزز من الموارد المائية في هذه المناطق ويعطي دفعة قوية للزراعة.
أسباب اختيار رأس غارب والطور لعملية الاستمطار
أكد الدكتور سيد علي أن اختياره لمنطقتي رأس غارب والطور لم يكن عشوائيًا، بل جاء بناءً على عدة أسباب جيولوجية، مناخية، وديموغرافية. فقد كانت هذه المناطق تحتوي على أودية جافة في الماضي كانت تعد أنهارًا، ما يعني أن هذه الأراضي قادرة على احتجاز المياه وزيادة قدرة الأرض على امتصاص الأمطار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المنطقة تشهد توافر الغيوم بشكل سنوي لعدة أشهر، ما يجعلها موقعًا مثاليًا للاستفادة من تقنيات الاستمطار.
الاستفادة من الاستمطار في زيادة الرقعة الزراعية وتوفير المياه
يرى الدكتور سيد علي أن مشروع الاستمطار الصناعي لا يقتصر على زيادة الموارد المائية فحسب، بل يمتد ليشمل تحسين الوضع الزراعي في مناطق شحيحة المياه مثل مدن سيناء والمدن المطلة على البحر الأحمر.
من خلال زيادة كمية الأمطار المتساقطة، يمكن تحسين جودة التربة وزيادة الرقعة الزراعية في هذه المناطق، وهو ما سيسهم في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين في هذه المناطق التي تعاني من نقص المياه.
الاستثمار في الاستمطار كحل مستدام
من خلال التفكير في الاستمطار كحل مؤقت وفعال، أكد الدكتور محمد سيد علي على أهمية بناء بيئة طبيعية تساعد في جعل المطر يسقط بشكل طبيعي في المستقبل. وهذا يتم عن طريق إنشاء غطاء نباتي يساعد على تخفيض درجات الحرارة ويزيد من قدرة الأرض على الاحتفاظ بالمياه. إن مثل هذه الحلول المستدامة قد تكون حلاً طويلاً الأمد لمشكلة المياه في مصر.
الاستفادة من مشروع أنهار الصعيد والاستمطار
يظل مشروع “أنهار الصعيد” بالإضافة إلى الاستمطار الصناعي من الحلول المستقبلية التي يمكن أن تساعد مصر على تجاوز أزمة المياه الناتجة عن سد النهضة. ومع استمرار التحديات المائية في المنطقة، تظل هذه المشاريع بمثابة آمال كبيرة لتحسين الوضع الزراعي والمائي في مصر، مما يسهم في الحفاظ على الأمن المائي والاقتصادي للبلاد.