إلهام شاهين ومحمود حميدة يسلطان الضوء على “ترميم أرشيفات الفنانين” في مهرجان القاهرة السينمائي . يشهد مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام نقاشًا مهمًا حول موضوع “ترميم أرشيفات الفنانين”، وهو موضوع يمس جانبًا أساسيًا من الحفاظ على التراث السينمائي العربي.
في ندوة هامة ضمن فعاليات المهرجان، تلتقي النجمة إلهام شاهين والفنان محمود حميدة مع جمهور المهرجان والمختصين في صناعة السينما لمناقشة أهمية ترميم وحفظ أرشيفات الأعمال السينمائية والفنية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة السينما المصرية والعربية.
الحفاظ على ذاكرة السينما
في السنوات الأخيرة، أصبحت مسألة ترميم الأعمال السينمائية القديمة وحفظها من التلف والتدهور أحد المواضيع الأكثر أهمية في صناعة السينما العالمية، حيث تكمن أهمية الأرشيف السينمائي في كونه سجلًا تاريخيًا يعكس تطور الفن السينمائي وثقافة المجتمع.
ولقد ساهمت الأرشيفات السينمائية في الحفاظ على الذاكرة الفنية لأجيال كاملة، مما جعلها مصدرًا لا غنى عنه لدراسة تطور السينما وفهم سياقاتها الثقافية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق، يكتسب موضوع “ترميم أرشيفات الفنانين” بعدًا جديدًا في مهرجان القاهرة السينمائي، الذي يعد واحدًا من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم العربي.
الفنانين ودورهم في الحفاظ على الأرشيف
إلهام شاهين ومحمود حميدة، اللذان يعدان من أبرز الفنانين في تاريخ السينما المصرية والعربية، لا يعكسان فقط تاريخ الفن السابع، بل يعكسان أيضًا الحاجة الملحة لحماية هذه الذكريات السينمائية.
خلال الندوة، يعبر كلاهما عن تقديرهما العميق لجهود الحفاظ على الأرشيفات الفنية، معتبرين أن السينما هي مرآة المجتمع، وأن أي محاولات لإتلاف أو إهمال الأعمال السينمائية القديمة يعد بمثابة إهمال جزء من التاريخ الثقافي.
في حديثها، أبدت إلهام شاهين اهتمامًا خاصًا بترميم الأفلام القديمة التي شاركت في بطولتها، والتي تعد جزءًا من مسيرتها الفنية الطويلة. بالنسبة لها، تُعد الأفلام التي قدمتها مع كبار المخرجين والمنتجين في تاريخ السينما المصرية، مثل يوسف شاهين، وسامي شهاب، وحسين فهمي، والأفلام التي شاركت فيها مع النجوم الراحلين مثل أحمد زكي وعادل إمام، علامات فارقة في تاريخ الفن المصري.
وحول هذه الأفلام، تحدثت عن أهمية ترميم هذه الأعمال وحفظها للأجيال القادمة، حيث أكدت على أن “الترميم لا يعني فقط إصلاح الأخطاء التقنية في الصورة والصوت، بل هو إعادة إحياء الذاكرة الفنية للمجتمع بأسره.”
أما محمود حميدة، فقد ركز في حديثه على تأثير الحفاظ على الأرشيف الفني في نقل المعرفة للأجيال الجديدة من المخرجين والممثلين. وأشار إلى أن أرشيف الأفلام الكلاسيكية يحتوي على أدوات تعليمية لا تقدر بثمن.
وأنه من خلاله يمكن للمبدعين الجدد دراسة أساليب المخرجين والفنانين القدامى وتعلم تقنياتهم وأساليبهم الفريدة. وأوضح أن الترميم لا يقتصر على إعادة جمالية الصورة، بل هو عملية تثقيفية تحفظ لنا إرثًا ثقافيًا نادرًا، يمكن أن يكون مصدر إلهام للأجيال الجديدة.
أهمية ترميم الأرشيفات في العصر الرقمي
في عصر التكنولوجيا الحديثة، حيث أصبح كل شيء رقميًا، لا يمكن إنكار أهمية الترميم الرقمي للأعمال السينمائية. كما أن التكنولوجيا المتطورة في مجال الترميم الرقمي قد أتاح فرصًا كبيرة لتحسين جودة الأفلام القديمة، مما جعل من الممكن الحفاظ على الكثير من الأفلام التي كانت معرضة للفقدان بسبب تقادم وسائل التسجيل والتخزين التقليدية.
تسهم هذه التكنولوجيا في إعادة إحياء الأفلام الكلاسيكية التي كانت تعتبر مفقودة أو تالفة. على سبيل المثال، يمكن الآن حفظ الصور عالية الجودة للأفلام القديمة، إضافة إلى تحسين الصوت والمونتاج.
مما يجعل هذه الأعمال تصل إلى جمهور جديد يمكنه الاستمتاع بها بنفس القيمة الفنية والجمالية التي كانت عليها عند عرضها لأول مرة. وبذلك، يمكن القول إن التكنولوجيا الحديثة قد فتحت أبوابًا جديدة للحفاظ على الفن السينمائي بطريقة مبتكرة.
التعاون بين المهرجانات وصناع السينما
إن مهرجان القاهرة السينمائي يعد منصة مثالية لتسليط الضوء على هذا الموضوع الحيوي. فهو لا يقتصر على عرض الأفلام الحديثة فقط، بل يوفر أيضًا فرصًا للحديث عن التراث السينمائي وحمايته. من خلال الندوات والحلقات النقاشية التي يعقدها المهرجان، يتمكن الفنانين والمختصين من تبادل وجهات نظرهم حول كيفية الحفاظ على هذه الأعمال الفنية من التلف والضياع.
إلى جانب ذلك، يُعد مهرجان القاهرة السينمائي نقطة انطلاق لتعزيز التعاون بين المؤسسات الفنية والمهرجانات السينمائية العالمية، بهدف تحقيق التنسيق بين جهات التراث السينمائي لحفظ واستعادة الأعمال الفنية التي تحتاج إلى ترميم. ويُتوقع أن تكون هذه المبادرات خطوة هامة نحو تشجيع المزيد من الاهتمام بترميم الأعمال الفنية والسينمائية من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة.
الخاتمة
في الختام، تعد مسألة “ترميم أرشيفات الفنانين” أمرًا بالغ الأهمية في الحفاظ على التراث الفني والسينمائي، وفي مهرجان القاهرة السينمائي، يتعاون الفنانان إلهام شاهين ومحمود حميدة مع المتخصصين في هذا المجال لإلقاء الضوء على هذا الموضوع الحساس.
إن ترميم هذه الأعمال ليس فقط عملية تقنية، بل هو جهد جماعي للحفاظ على جزء من هوية الثقافة العربية، وبالتالي يجب على الجميع — سواء من مبدعين أو مسؤولين أو حتى الجمهور — المشاركة في هذا المشروع العظيم لضمان استدامة الإرث الفني للأجيال القادمة.