إسرائيل تضرب مجددًا.. هل فشلت إيران في تجاوز عرقلة برنامجها النووي؟ في ضربة جديدة للبرنامج النووي الإيراني، كشف تقرير نشره موقع “أكسيوس” الأمريكي يوم الجمعة الماضي، عن أن إسرائيل نفذت هجومًا نوعيًا على أحد المنشآت العسكرية الإيرانية الحيوية في أواخر شهر أكتوبر 2024.
وتحديدًا، تم استهداف مجمع بارشين العسكري الذي يعد من المواقع الحساسة في البرنامج النووي الإيراني، مما قد يكون له تأثير بالغ على طموحات طهران في الحصول على سلاح نووي.
بحسب ما أفاد به المسؤولون الإسرائيليون لموقع “أكسيوس”، فإن الهجوم على مجمع بارشين كان بمثابة عائق كبير أمام إيران في مساعيها لتطوير جهاز متفجر نووي، وهو جزء أساسي من التكنولوجيا اللازمة لصناعة الأسلحة النووية.
وقد أكد المسؤولون الإسرائيليون أن المعدات المتطورة التي دُمرت في الهجوم كانت ضرورية للغاية في عملية تصميم واختبار المتفجرات البلاستيكية التي تحيط باليورانيوم، وهي المواد الأساسية التي تُستخدم في تفجير القنبلة النووية.
ما يميز هذه المعدات هو أنها تُعدّ جزءًا من التجهيزات التي تعود إلى ما قبل عام 2003، حين كانت إيران قد أوقفت برنامجها النووي العسكري. ووفقًا للمسؤولين الإسرائيليين، فإن تدمير هذه المعدات لم يكن مجرد ضربة تكتيكية فحسب، بل كان بمثابة تقويض لعنصر حاسم في القدرة الإيرانية على استئناف برنامجها النووي العسكري بشكل فعال.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران قد أنهت برنامجها النووي العسكري في بداية الألفية الجديدة تحت ضغوط دولية كبيرة، لكنها منذ سنوات عدة تُثار الشكوك حول نواياها بشأن استئناف هذا البرنامج.
ورغم أن التقارير الواردة من إسرائيل والولايات المتحدة تشير إلى أن إيران قد استأنفت بعض الأبحاث النووية الحساسة في العام الماضي، إلا أن المسؤولين يشيرون إلى أن إيران لم تتخذ بعد خطوات ملموسة نحو تطوير سلاح نووي فعلي.
وأكد المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون في تصريحاتهم لموقع “أكسيوس” أن طهران لم تُظهر أي نية لبناء سلاح نووي بشكل سريع، لكنهم أضافوا أن التهديد ما زال قائمًا وأن أي تصعيد من قبل إيران يمكن أن يعيد الأمور إلى نقطة اللاعودة.
وفي هذا السياق، أبرز المسؤولون الإسرائيليون أن إذا قررت إيران المضي قدمًا في محاولاتها لصناعة سلاح نووي، فإنها ستكون مضطرة إلى استبدال المعدات التي دُمرت في الهجوم الأخير.
هذا يعني أن إيران ستكون بحاجة إلى موارد كبيرة وقد تواجه صعوبة في الحصول على هذه المعدات المتخصصة. وفي حال حاولت إيران تلبية احتياجاتها من خلال الأسواق الدولية أو استيراد التقنيات اللازمة، فإن إسرائيل أكدت أنها ستكون قادرة على تتبع هذه المحاولات من خلال شبكات استخباراتية متقدمة، الأمر الذي سيزيد من الضغط عليها.
من جهته، قال أحد المسؤولين الإسرائيليين الكبار، الذين كان لهم اطلاع مباشر على تفاصيل العملية، لموقع “أكسيوس” أن المعدات التي تم تدميرها تعتبر بمثابة “عنق الزجاجة” بالنسبة لإيران.
وفي غياب هذه المعدات المتطورة، سيواجه الإيرانيون صعوبة كبيرة في تسريع تطوير برنامجهم النووي العسكري، ما قد يبطئ مساعيهم بشكل كبير. ووصف المسؤول الإسرائيلي هذه الضربة بأنها “استراتيجية هامة”، لأنها ستجعل من الصعب على إيران استكمال بناء سلاح نووي دون إعادة بناء هذه التقنيات المتطورة.
وفي ظل هذه التطورات، تتزايد المخاوف في المجتمع الدولي بشأن التقدم المحتمل لإيران في مجال الأسلحة النووية، خاصة في ظل سياسة التعتيم التي تتبعها طهران فيما يتعلق بتفاصيل برنامجها النووي. من جانبها، تواصل إسرائيل متابعة أي نشاط نووي إيراني عن كثب، وتعتبر أمنها القومي مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.
البرنامج النووي الإيراني يبقى نقطة خلاف رئيسية بين إيران من جهة، والدول الغربية وإسرائيل من جهة أخرى. رغم محاولات إسرائيل العديدة لعرقلة تقدم إيران في هذا المجال، عبر الهجمات الإلكترونية والتهديدات العسكرية، لا تزال إيران تواصل سعيها نحو تحقيق أهدافها النووية.
بينما يبقى المجتمع الدولي يقف عند مفترق طرق بين استخدام المزيد من الضغط أو العودة إلى المفاوضات. في هذا السياق، يبقى الملف النووي الإيراني أحد أعقد القضايا التي تشغل الساحة السياسية العالمية، وتحتاج إلى توازن دقيق بين الحلول الدبلوماسية والقوة العسكرية الموجهة.
في الوقت نفسه، تواجه هذه التطورات تحديات سياسية ودبلوماسية كبيرة على الساحة الدولية، حيث تطالب بعض الدول الغربية بالضغط على إيران لتوفير ضمانات بعدم تطوير أسلحة نووية.
كما أن هناك دعوات متزايدة لفرض مزيد من العقوبات على طهران في حال استمرار برامجها النووية العسكرية. وعلى الرغم من هذه الضغوط، يبدو أن إيران ماضية في خططها النووية، مما يثير القلق في دول المنطقة والعالم.