تراجع الأسعار لا يُنعش المبيعات والأسواق في حالة ركود حتى مطلع 2026 . يشهد سوق السيارات في مصر خلال الفترة الحالية حالة من الركود الشديد غير المسبوق منذ سنوات، سواء في مبيعات السيارات الجديدة أو المستعملة، وذلك نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية وتغيرات العرض والطلب، إلى جانب التوقعات المستمرة بانخفاض الأسعار حتى مطلع العام المقبل 2026.
وفي هذا السياق، أكد المهندس خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، أن السوق المحلي يمر بمرحلة دقيقة للغاية تتسم بالجمود وضعف الإقبال، موضحًا أن التراجع في حركة المبيعات أصبح ملموسًا في مختلف الشرائح السعرية دون استثناء.
وخلال لقائه مع الإعلامي شريف عامر في برنامج «يحدث في مصر» المذاع عبر قناة «MBC مصر»، أشار خالد سعد إلى أن ما يُعرف بالفئة الاقتصادية — والتي تتراوح أسعارها بين 600 ألف ومليون جنيه — كانت تمثل في السابق الشريحة الأكثر طلبًا من قبل المستهلكين، إلا أنها اليوم تعاني من ركود حاد في حركة البيع والشراء.
وأضاف أن الشريحة الأقل سعرًا، والتي تشمل السيارات المستعملة أو الصغيرة دون 200 ألف جنيه، هي الوحيدة التي ما زالت تشهد نسبيًا حركة تداول محدودة، نظرًا لاعتماد عدد كبير من المواطنين على تلك الفئة لتلبية احتياجاتهم اليومية بأسعار معقولة.
وأوضح الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات أن الانخفاض الأخير في الأسعار لم ينجح في تنشيط السوق كما كان متوقعًا، بل على العكس، دفع العديد من المستهلكين إلى التريث والتأجيل في قرارات الشراء، أملاً في أن تشهد الأسعار مزيدًا من التراجع خلال الأشهر المقبلة.
وأشار إلى أن معظم عمليات البيع والشراء في السوق المصري باتت تعتمد على نظام التقسيط وليس الدفع النقدي المباشر، وهو ما يجعل المستهلك أكثر حذرًا في اتخاذ قراره، خصوصًا في ظل حالة عدم الاستقرار في الأسعار والمخاوف من تغيرات اقتصادية جديدة.
وتابع قائلاً إن الركود الحالي ليس مجرد ظاهرة مؤقتة، بل هو نتيجة تراكمات مستمرة منذ العامين الماضيين، حيث شهد السوق المصري موجة من الارتفاعات الحادة في الأسعار بسبب اضطرابات الاستيراد وارتفاع تكاليف الشحن وسعر الدولار، وهو ما أدى إلى إحجام شريحة كبيرة من المستهلكين عن الشراء.
وأكد خالد سعد أن الأسعار ستستمر في التراجع حتى نهاية العام الجاري 2025، مع توقعات بأن يمتد هذا الاتجاه الهبوطي إلى بداية عام 2026، مضيفًا أن السوق يمر بمرحلة “إعادة توازن” بين العرض والطلب، وأن الشركات والموزعين يعيدون النظر في خطط التسعير والتوريد لتجنب خسائر إضافية.
كما أشار إلى أن المستهلك المصري أصبح أكثر وعيًا بالسوق، ولم يعد يتخذ قراراته بناءً على العاطفة أو الرغبة في اقتناء سيارة جديدة فحسب، بل أصبح يدرس بدقة العوامل الاقتصادية والفروق السعرية بين الجديد والمستعمل، ويفضل الانتظار حتى تتضح الرؤية وتستقر الأسعار رسميًا.
من جانبه، لفت الأمين العام إلى أن الحكومة تعمل بالتعاون مع الجهات المعنية على تشجيع الصناعة المحلية وتوفير حوافز للمصنعين لزيادة الإنتاج المحلي من السيارات خلال العام المقبل، مشيرًا إلى أنه مع بداية عام 2026 من المتوقع أن تعود السيارات المحلية للظهور بقوة داخل السوق المصري، بما يسهم في تعزيز المنافسة وخفض الأسعار تدريجيًا.
وأكد خالد سعد أن الرهان الحقيقي خلال الفترة المقبلة سيكون على تنمية صناعة السيارات محليًا، ودعم خطوط التجميع المحلية وتوفير المكونات بأسعار مناسبة، ما يسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي الذي يُعد السبب الرئيسي في تقلب الأسعار وارتفاع التكلفة النهائية على المستهلك.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن استقرار سوق السيارات المصري مرهون بتحقيق توازن بين العرض والطلب، إلى جانب استقرار سعر الصرف وانخفاض معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن العام الجديد قد يشهد عودة تدريجية للانتعاش في حالة استمرار تراجع الأسعار وطرح طرازات جديدة من السيارات المحلية والمجمعة داخل مصر.
وبين توقعات استمرار انخفاض الأسعار حتى مطلع 2026، وتفاؤل الصناع بعودة الإنتاج المحلي، يبقى المشهد في سوق السيارات المصري رهين المتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، بينما ينتظر المستهلك المصري اللحظة المناسبة لاتخاذ قرار الشراء بثقة أكبر في سوق أكثر استقرارًا وعدالة في الأسعار.