إيلون ماسك يتراجع ولاري إليسون يعتلي قمة قائمة الأغنياء . شهدت قائمة أثرياء العالم تغيرًا كبيرًا خلال الساعات الماضية، بعدما تمكن لاري إليسون، المؤسس المشارك لشركة البرمجيات العملاقة أوراكل، من إزاحة الملياردير الشهير إيلون ماسك عن صدارة ترتيب أغنى رجال العالم، وفقًا لمؤشر «بلومبرج» للمليارديرات.
هذا التحول اللافت جاء نتيجة القفزة القياسية التي حققتها أسهم أوراكل، والتي ارتفعت بما يزيد عن الثلث خلال دقائق معدودة من بدء التداول، وهو ما انعكس مباشرة على ثروة إليسون، البالغ من العمر 81 عامًا، لتصل إلى نحو 393 مليار دولار.
إليسون، الذي يُعتبر أحد أبرز رواد التكنولوجيا في العالم، لم يكمل دراسته الجامعية، لكنه استطاع أن يبني واحدة من أقوى شركات البرمجيات وقواعد البيانات في العالم، ويثبت أن النجاح لا يعتمد بالضرورة على المسارات التقليدية.
هذه الثروة الضخمة التي جمعها على مدار عقود من الابتكار والإدارة الناجحة جعلته يتجاوز منافسه ماسك بعدة مليارات، ليتصدر المشهد الاقتصادي العالمي.
أما إيلون ماسك، الذي احتفظ بلقب أغنى رجل في العالم لمدة أربع سنوات متتالية بفضل نجاحاته الضخمة في مجالات السيارات الكهربائية عبر شركة تيسلا، واستثماراته في سبيس إكس وستارلينك ومشروعات أخرى، فقد شهدت ثروته تراجعًا ملحوظًا.
إذ هبط سهم شركة تيسلا بنسبة تصل إلى 14% منذ بداية العام، في ظل تحديات تنافسية متزايدة وضغوط على قطاع السيارات الكهربائية. هذا الانخفاض في قيمة تيسلا لعب دورًا محوريًا في خسارة ماسك للصدارة، بخلاف الأداء الصاعد لأسهم أوراكل التي استفادت من الطفرة العالمية في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وكانت نتائج أوراكل المالية الأخيرة المحرك الأساسي لهذا التغير في قائمة الأثرياء؛ حيث أعلنت الشركة عن طلبات ضخمة من العملاء تُقدر بمليارات الدولارات، في وقت يشهد فيه العالم سباقًا محمومًا بين الشركات الكبرى للسيطرة على سوق حلول الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. هذه النتائج عززت ثقة المستثمرين في مستقبل الشركة، فاندفعت الأسهم إلى مستويات قياسية جديدة.
ورغم ذلك، يبقى هناك اختلاف بين تقييمات المؤسسات المالية الكبرى حول من يحتل المرتبة الأولى عالميًا. فبينما أكدت بلومبرج أن إليسون أصبح الأغنى عالميًا، لا تزال مجلة فوربس، صاحبة التاريخ الطويل في إحصاء الثروات، تضع ماسك في الصدارة بثروة تقدر بحوالي 439 مليار دولار، مقارنة بـ 385 مليار دولار فقط لإليسون وفق حساباتها.
هذا التباين يعود في الأساس إلى الفروقات في آليات التقييم، حيث تعتمد فوربس على تقديرات مختلفة لقيمة شركة سبيس إكس وبعض الأصول الخاصة الأخرى المملوكة لماسك، بينما تعتمد بلومبرج على أسلوب آخر أكثر ارتباطًا بقيم التداول الفعلية في الأسواق.
ويثير هذا الجدل تساؤلات عديدة حول كيفية قياس الثروات الفلكية التي يمتلكها هؤلاء المليارديرات، خاصة في ظل تقلبات الأسواق وصعوبة تحديد القيمة الحقيقية لبعض الأصول غير المدرجة في البورصات.
ومع ذلك، فإن الحدث بحد ذاته يعكس مدى التحولات السريعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وكيف يمكن لأداء سهم شركة واحدة أن يعيد رسم خريطة الأثرياء في غضون ساعات.
اللافت أن قصة لاري إليسون تحمل بُعدًا ملهمًا للكثيرين؛ فهو رجل لم يتوقف عن المغامرة والتوسع في عالم التكنولوجيا منذ تأسيسه أوراكل في سبعينيات القرن الماضي، وحتى اليوم حيث تقف شركته في قلب سباق الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، تبقى شخصية إيلون ماسك الأكثر جدلًا وحضورًا إعلاميًا، بما يقدمه من ابتكارات ثورية في مجالات الفضاء والطاقة والنقل. وبالتالي، فإن التنافس بين الرجلين يتجاوز مجرد الأرقام، ليعكس صراعًا بين رؤيتين مختلفتين لمستقبل التكنولوجيا والاقتصاد العالمي.
في النهاية، سواء اعتبرنا إليسون أو ماسك الأغنى عالميًا، تبقى الحقيقة أن هذا التغير يُظهر ديناميكية السوق، ويعكس كيف أن القرارات الاستثمارية، وأداء الشركات، وتوجهات الابتكار، يمكن أن تعيد تشكيل موازين القوة المالية في العالم بسرعة فائقة.