فبينما تمثل الحروب كارثة كبرى تُخلّف آلاف القتلى، فإن التدخين يفتك يوميًا بمئات الآلاف من الأرواح في صمت، دون أن يثير نفس الضجة أو الرعب الإعلامي.وخلال حديثه في برنامجه الطبي التوعوي “قلبك مع جمال شعبان”، شدّد على أن كل دقيقة تمر على كوكب الأرض تشهد سقوط ضحية جديدة للتدخين، وهو ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية والصحية.
وأضاف أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن كل سيجارة يتناولها المدخن تُنقص من عمره ما يقارب 11 دقيقة، وهو ما يعني أن من يدخن علبة كاملة يوميًا، يخسر ما يقارب 3 ساعات ونصف من عمره في اليوم الواحد فقط، أي أكثر من 50 يومًا سنويًا.
وأشار الدكتور شعبان إلى أن خطورة السيجارة الأولى نفسها لا تقل عن باقي السجائر، بل إن أول سيجارة يتناولها المدخن تحمل تأثيرًا سلبيًا يصل إلى 80% من إجمالي الضرر الواقع على أجهزة الجسم، خصوصًا القلب والرئتين والأوعية الدموية.
وهذا ما يفسر إصابة كثير من المدخنين المبكرين بأمراض القلب المزمنة، وضيق الشرايين، والانسداد الرئوي المزمن، وحتى أنواع متعددة من السرطان.
كما شدّد على أن التدخين السلبي – أي استنشاق غير المدخنين لدخان السجائر – لا يقل خطرًا عن التدخين المباشر، إذ يصيب الأطفال والنساء بأمراض خطيرة، منها الربو، الالتهابات التنفسية المزمنة، وضعف المناعة. لذلك نصح المواطنين بالابتعاد تمامًا عن أي بيئة يكثر فيها التدخين، والحرص على التواجد في أماكن مفتوحة ونقية.
وأوضح أن التدخين لم يعد مجرد عادة سيئة، بل تحول إلى وباء عالمي تعجز الأنظمة الصحية عن السيطرة على آثاره، مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية تؤكد أن التدخين يتسبب في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنويًا، منهم مليون ضحية تقريبًا نتيجة التدخين السلبي فقط.
ولفت إلى أن مواجهة التدخين تتطلب تكاتف جميع الأطراف: الحكومة بتشديد الرقابة وفرض الضرائب العالية على منتجات التبغ، الإعلام بتكثيف حملات التوعية، والأسر بزرع الوعي الصحي في أبنائها منذ الصغر.
وختم الدكتور جمال شعبان حديثه برسالة قوية: “كل سيجارة تشعلها، كأنك تحرق جزءًا من عمرك بيدك.. حياتك غالية، فلا تفرط فيها مقابل وهم المتعة اللحظية.”