شاكر محظور أمام جهات التحقيق مخالفات إلكترونية وسوء استخدام وسائل التواصل . خلال الساعات القليلة الماضية، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على صانع المحتوى المعروف على تيك توك باسم “شاكر محظور”، بعد سلسلة من الفيديوهات التي أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، واتُّهم من خلالها بانتهاك القيم الأسرية والآداب العامة، في استمرار لحملة أمنية موسعة تستهدف ما يعرف بـ”تيكتوكرز المحتوى غير الأخلاقي”.
من هو “شاكر محظور دلوقتي”؟
شاكر محظور، شاب عشريني تصدر التريند في الأشهر الماضية، بفضل مقاطع فيديو تتضمن مواقف مفتعلة، وسلوكيات وعبارات مثيرة للجدل، جعلته حديث مستخدمي مواقع التواصل، بين مؤيد ومعارض. حصل على آلاف المتابعين، وحقق أرباحًا من البث المباشر والتفاعل، لكن محتواه لاقى انتقادات كثيرة بسبب ما اعتبره البعض تجاوزًا للخطوط الحمراء الاجتماعية والقانونية.
بداية الاشتعال: محتوى خادش يثير الغضب
بدأ الجدل حول “شاكر محظور” عندما نشر سلسلة من المقاطع التي تتضمن إيحاءات لفظية، وتصرفات وُصفت بأنها تتنافى مع القيم المصرية. ورغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها جهات رسمية بشأن الالتزام بضوابط النشر على السوشيال ميديا، واصلت قناته على تيك توك نشر محتوى يتسم بالإثارة والابتذال، بهدف جذب المشاهدات وزيادة الأرباح.
وتم رصد منشورات وبث مباشر يقوم فيه شاكر بمهاجمة فئات مختلفة، فضلًا عن تفاعلات مع فتيات في إطار غير لائق، وهو ما شكل مزيجًا من الانتهاك الأخلاقي والتحريض السلوكي، وفقًا لوصف عدد من المحامين الذين تقدموا ببلاغات رسمية ضده.
تحرك قانوني سريع وبلاغات رسمية
وبناءً على بلاغات قدمها مواطنون وعدد من المحامين، باشرت النيابة العامة التحقيق في المحتوى الذي ينشره “شاكر محظور”، وتبين من خلال الفحص الفني أن المقاطع تحتوي على مخالفات صريحة لأحكام القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وقد تضمنت المخالفات:
نشر محتوى غير لائق.
الإساءة للقيم المجتمعية.
التربح غير المشروع من محتوى خادش.
تحريض على أفعال تتنافى مع القانون والأخلاق.
واستندت البلاغات إلى مواد قانونية تُجرّم نشر مثل هذا المحتوى عبر المنصات الرقمية، وتمنح الجهات الأمنية صلاحية التحفظ على الأجهزة المستخدمة في إنتاج المحتوى وفحصها.
لحظة القبض على شاكر محظور
بحسب بيان وزارة الداخلية، تم تحديد مكان إقامة شاكر في إحدى المحافظات خارج القاهرة، وبعد استصدار إذن من النيابة، جرى تنفيذ مأمورية فجر اليوم داهمت مقر إقامته، وتم ضبطه بصحبة عدد من الأجهزة الإلكترونية التي يُشتبه في استخدامها لإنتاج وبث المحتوى المخالف.
وعُثر بحوزته على هاتفين محمولين، ولاب توب، وجهاز كاميرا احترافية، بالإضافة إلى مفكرة تحتوي على سيناريوهات معدة مسبقًا لبعض المقاطع، ما يعزز فرضية تعمده التخطيط المسبق لإنتاج محتوى مثير للجدل، بغرض رفع معدلات التفاعل.
التحقيقات الأولية: اعترافات ومفاجآت
أمام جهات التحقيق، أقر شاكر أنه كان يدير حساباته على تيك توك ويوتيوب بنية التربح، وأنه لجأ إلى ما وصفه بـ”المبالغة في الأداء” لجذب المشاهدات. وقال إن المنافسة الكبيرة على المنصات فرضت عليه تقديم محتوى “مختلف” كي يحافظ على جمهوره، مضيفًا أنه لم يكن يهدف إلى الإساءة لأي جهة.
كما اعترف بأن الأرباح التي تلقاها عبر البث المباشر كانت تفوق 100 ألف جنيه شهريًا، لكنه أنفق معظمها على إنتاج المحتوى.
وبسؤاله عن مخالفته للأعراف المجتمعية، أقر بأنه لم يكن يقدّر حجم التأثير السلبي لمحتواه، لكنه أبدى ندمه على ما بدر منه، على حد وصفه.
ردود فعل على مواقع التواصل
فور إعلان نبأ القبض عليه، انقسمت تعليقات المتابعين بين مؤيد للقرار، ومعارض يراه تضييقًا على الحريات. وعبّر كثيرون عن دعمهم الكامل لتحرك الدولة ضد ما وصفوه بـ”الفوضى الأخلاقية” المنتشرة على بعض المنصات، مؤكدين أن ضبط المحتوى الرقمي بات ضرورة لحماية المجتمع، خاصة فئتي الشباب والمراهقين الأكثر تأثرًا.
بينما رأى آخرون أن الحل لا يكمن في القبض فقط، بل في خلق بدائل إعلامية هادفة، وتشجيع المحتوى الإيجابي الذي يجذب المشاهد دون إسفاف.
التيكتوكرز في مرمى نيران القانون
يأتي سقوط “شاكر محظور” ضمن موجة من الحملات الأمنية المكثفة التي استهدفت مؤخرًا عددًا من صانعي المحتوى مثل “مداهم”، و”سوزي الأردنية”، و”علياء قمرون”، و”أم مكة”، وغيرهم، ممن اتُهموا ببث محتوى يتنافى مع قيم المجتمع. وتُعد هذه التحركات جزءًا من خطة وطنية شاملة لمواجهة الإسفاف الرقمي، والحد من الانحرافات السلوكية المنتشرة عبر المنصات.
وقد أعلنت النيابة العامة مرارًا أنها لن تتهاون مع أي شخص يستخدم منصات التواصل للإضرار بالقيم العامة أو التحريض على الفجور، وشددت على أن القوانين الحالية تمنح صلاحيات واسعة للتدخل السريع ضد هذه الممارسات.
بين القانون والأخلاق.. ماذا بعد؟
تُثير قضية “شاكر محظور” أسئلة كثيرة حول مستقبل المحتوى الرقمي في مصر، وحدود حرية التعبير على الإنترنت. فبينما يرى البعض أن الرقابة الصارمة ضرورية لحماية المجتمع، يحذر آخرون من خطر تحول تلك الرقابة إلى أداة لتكميم الأفواه.
لكن في ظل اتساع استخدام الإنترنت، وتزايد نفوذ صانعي المحتوى بين الجمهور، يبدو أن الدولة عازمة على فرض قواعد أكثر صرامة، وضبط بيئة التواصل الاجتماعي بشكل يحفظ التوازن بين حرية النشر وحماية القيم.
وفي نهاية المطاف، تظل المسؤولية مشتركة بين الأفراد، والمجتمع، والجهات الرقابية، لوضع حد لتفشي المحتوى الضار، والعمل على تنمية الوعي الرقمي لدى مختلف الفئات، خصوصًا في ظل الانتشار الكبير للمنصات لدى الشباب والمراهقين.