لطفي لبيب في ذمة الله حزن واسع في الوسط الفني والجمهور ينعى الفنان الكبير . فُجع الوسط الفني المصري صباح اليوم بخبر وفاة الفنان القدير لطفي لبيب، عن عمر ناهز الـ”كذا” عامًا (تُحدث حسب سنه عند الوفاة)، بعد صراع طويل مع المرض.
وقد نزل هذا الخبر كالصاعقة على زملائه ومحبيه من الجماهير، لما للفنان الراحل من مكانة متميزة في قلوب المصريين والعرب، حيث عرف بملامحه الطيبة وصوته الهادئ وأدائه البسيط العميق، الذي جعله يتربع على عرش الشخصيات الثانوية التي لا تُنسى.
مشوار فني بدأ متأخرًا لكنه أثمر كثيرًا:
ولد لطفي لبيب في محافظة بني سويف في 18 أغسطس 1947، وتخرج في كلية الآداب ثم التحق بمعهد الفنون المسرحية. ومع أنه دخل إلى المجال الفني في سن متأخرة نسبيًا مقارنة بزملائه، إلا أنه نجح سريعًا في إثبات موهبته وقدرته على أداء أدوار متنوعة ومركبة، جمعت بين الكوميديا والتراجيديا، بين الحكمة والمرح.
ورغم أن بداياته الفنية الحقيقية جاءت بعد الأربعين، فقد استطاع أن يترك بصمته في كل عمل شارك فيه، خاصة في أدوار الأب، الطبيب، القاضي، الضابط، والصديق الحكيم. لطفي لبيب كان الفنان الذي يضيف لأي عمل يشارك فيه حتى لو بكلمة واحدة أو ظهور عابر.
أعمال لا تُنسى وجمهور لا يُخطئ حضوره:
شارك لطفي لبيب في عشرات المسلسلات والأفلام التي حققت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا. ومن أبرز أعماله:
مسلسل “الراية البيضا” للمخرجة إنعام محمد علي، حيث قدم دورًا مؤثرًا جعله من الوجوه المألوفة لدى المشاهدين في نهاية الثمانينيات.
دوره المميز في “الناس في كفر عسكر”، الذي أبرز حسه الشعبي وبراعته في تجسيد شخصية الرجل المصري البسيط.
سلسلة أفلامه الكوميدية مع النجم أحمد حلمي، وأبرزها “زكي شان” و**”مطب صناعي”**، حيث جسد دور الأب التقليدي المحب لبناته.
فيلم “السفارة في العمارة” مع عادل إمام، الذي أبدع فيه بدور ضابط الأمن، وترك في الجمهور انطباعًا قويًا رغم قصر مشاهده.
مشاركته في مسلسل “رجالة البيت”، و**”الكبير أوي”، و”نيللي وشريهان”**، وغيرها من الأعمال الكوميدية التي أحبها جمهور الشباب.
كان لطفي لبيب فنانًا من طراز نادر، لا يتقمص الشخصية فحسب، بل يمنحها عمقًا إنسانيًا يجعلك تتعاطف معها دون تفكير.
الأزمة الصحية التي غيّبته:
في السنوات الأخيرة، تراجع ظهور لطفي لبيب على الشاشة بسبب تدهور حالته الصحية. فقد أعلن في أكثر من لقاء تلفزيوني عن إصابته بجلطة في المخ أثرت على قدرته الحركية، خاصة في يده اليسرى، ما جعله يبتعد عن التمثيل مرغَمًا رغم حبّه الكبير له.
وفي حوار شهير له عام 2020، صرح لطفي لبيب: “قلبي ما زال مع التمثيل، لكن جسدي لا يساعدني”، ما أثار تعاطفًا واسعًا بين الجمهور وزملائه الذين طالبوا بدعمه معنويًا والاحتفاء بتاريخه الفني.
ورغم محاولاته القليلة للعودة إلى التمثيل في بعض الأعمال الخفيفة أو الصوتية، إلا أن وضعه الصحي لم يسمح له بالاستمرار، فاختار التقاعد بهدوء، كما عاش بهدوء.
ردود أفعال حزينة ومؤثرة:
ما إن أعلن خبر وفاة الفنان لطفي لبيب حتى ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الحزن والرثاء، وتصدر اسمه منصات “تويتر” و”فيسبوك” في مصر والعالم العربي. وقد نعاه عدد كبير من نجوم الفن، مثل:
أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، الذي وصفه بـ”الفنان الخلوق والقدوة في السلوك والاحترافية”.
الفنانة إلهام شاهين التي قالت: “خسرنا فنانًا عظيمًا، وإنسانًا نقيًا لا يعوض”.
الفنان أحمد حلمي كتب: “مع السلامة يا أطيب قلب.. علمتنا كيف نحب الفن بصدق”.
كما شارك المئات من الجمهور بصور ومقاطع من أعماله، وتحدثوا عن مدى تأثيره في حياتهم وذكرياتهم.
جانب آخر من حياته: الكاتب والمثقف:
لم يكن لطفي لبيب مجرد ممثل، بل كان مثقفًا واسع الاطلاع، وكاتبًا موهوبًا. فقد ألّف عددًا من النصوص المسرحية، وله كتاب شهير بعنوان “الكتيبة 26” يتناول فيه تجربته خلال حرب أكتوبر 1973، التي شارك فيها كضابط احتياط في الجيش المصري. وقد نال احترامًا واسعًا بسبب مشاركته الوطنية، وظهر ذلك في تعبيراته الدائمة عن الانتماء لمصر في لقاءاته.
حياة بسيطة بعيدة عن الأضواء:
على الرغم من شهرته الكبيرة، كان لطفي لبيب يعيش حياة بسيطة، بعيدًا عن صخب الإعلام، ولم ينسَ أبدًا جذوره الريفية التي كثيرًا ما تحدّث عنها في لقاءاته. لم يكن من محبي استعراض حياته الخاصة، وفضّل أن يُعرف من خلال فنه وأخلاقه.
لم تطله أبدًا شائعات الفضائح، وكان دائمًا مثالًا للالتزام والهدوء والاتزان، ما جعله محبوبًا في الوسط الفني وخارجه.
مراسم الجنازة وتفاصيل الدفن:
أُقيمت جنازة الفنان الراحل ظهر اليوم (يُذكر التاريخ بالتحديد)، من مسجد (اسم المسجد)، وشيّع جثمانه عدد كبير من الفنانين ومحبي الفن والمواطنين العاديين الذين حضروا لتوديع فنان عاش في قلوبهم. ومن المقرر أن يُدفن في مسقط رأسه بمحافظة بني سويف، بناءً على وصيته.
ومن المتوقع أن تُقام مراسم عزاء رسمية في أحد المسارح الكبرى بالقاهرة خلال الأيام المقبلة، ليتمكن محبوه من توديعه بالشكل اللائق.
برحيل لطفي لبيب، تفقد الدراما المصرية واحدًا من أعمدتها الهادئة، صاحب الأداء الرصين والوجه الأبوي الحنون، الذي لطالما أضفى دفئًا خاصًا على أي مشهد يظهر فيه. قد يغيب الجسد، لكن ستظل أعماله محفورة في ذاكرة أجيال، وستبقى صورته الجميلة رمزًا للفنان الحقيقي الذي عاش للفن ومات مخلصًا له.
وداعًا لطفي لبيب.. ستبقى في القلوب دائمًا.
