مواد طبيعية في غذائنا تساعد على خفض ضغط الدم وتقوية القلب . مركبات طبيعية في أطعمة شهيرة تساعد على خفض ضغط الدم وتعزيز صحة القلب في ظل تزايد الاهتمام بالوقاية من أمراض القلب والضغط المرتفع، سلط فريق بحثي دولي الضوء على مركبات نباتية طبيعية يمكن أن تُحدث فرقًا ملحوظًا في صحة القلب والأوعية الدموية.
وتشير أحدث الدراسات إلى أن هذه المركبات، المعروفة باسم “فلافان-3-أولز” (Flavan-3-ols)، قد تسهم في خفض ضغط الدم وتحسين وظائف الأوعية، ما يعزز من أهمية تضمينها في النظام الغذائي اليومي.
وتعد “فلافان-3-أولز” أحد أنواع الفلافونويدات النباتية، وهي مركبات طبيعية توجد في العديد من الأطعمة الشائعة التي نستهلكها يوميًا، مثل الشاي، والكاكاو، والعنب، والتفاح، وبعض أنواع التوت. ولعلّك قد شعرت بطعمها القوي أو المرّ في الشوكولاتة الداكنة أو الشاي المركز، وهي النكهة التي تدل على وجود هذه المركبات بتركيز عالٍ.
دراسة علمية تكشف فعالية المركبات الطبيعية
قاد البروفيسور كريستيان هايس من جامعة Surrey فريقًا بحثيًا دوليًا لتحليل بيانات موسعة تم جمعها من 145 تجربة سريرية، شملت أكثر من 5200 مشارك من مختلف أنحاء العالم. وركّزت الدراسة على قياس تأثير تناول مركبات “فلافان-3-أولز” على مؤشرين رئيسيين لصحة القلب:
ضغط الدم الانقباضي والانبساطي
التمدد بوساطة التدفق (FMD)، وهو مقياس لقدرة الأوعية الدموية على التمدد عند تدفق الدم.
وأظهرت نتائج التحليل أن تناول نحو 586 ملغ يوميًا من مركبات “فلافان-3-أولز” – وهي كمية يمكن الحصول عليها من كوبين إلى ثلاثة من الشاي أو حصة من الشوكولاتة الداكنة – أدى إلى انخفاض متوسط في ضغط الدم الانقباضي بمقدار 2.8 ملم زئبق، وهو رقم يُعد ذا دلالة طبية.
أما لدى الأشخاص الذين يعانون بالفعل من ارتفاع ضغط الدم المزمن، فقد كان التأثير أكبر وأكثر وضوحًا، إذ وصل الانخفاض إلى 6 – 7 ملم زئبق في الضغط الانقباضي، و4 ملم زئبق في الضغط الانبساطي، وهي نتائج تقترب من فعالية بعض الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
تحسين في وظيفة الأوعية ونتائج وقائية واعدة
إلى جانب انخفاض ضغط الدم، أظهرت الدراسة تحسّنًا في وظيفة الأوعية الدموية بنسبة 1.7% حتى لدى الأشخاص الأصحاء. ويُعتبر هذا مؤشراً على قدرة المركبات على دعم الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، حتى قبل ظهور الأعراض أو الاضطرابات المزمنة.
ويؤكد الباحثون أن هذا التأثير الوقائي يُعزى إلى قدرة “فلافان-3-أولز” على تحسين تدفق الدم، وتقليل الالتهابات، وتعزيز مرونة الأوعية الدموية، ما ينعكس على تقليل مخاطر الإصابة بتصلب الشرايين أو الجلطات القلبية.
مصادر غذائية طبيعية غنية بـ”فلافان-3-أولز”
لحسن الحظ، لا يحتاج الإنسان إلى تناول مكملات غذائية للحصول على هذه المركبات المفيدة، إذ تتوفر بكميات مناسبة في مجموعة متنوعة من الأطعمة اليومية، منها:
الشاي الأخضر أو الأسود: كوبان إلى ثلاثة يوميًا.
الشوكولاتة الداكنة (ذات تركيز كاكاو مرتفع): حصة بحجم 56 جرامًا.
مسحوق الكاكاو الطبيعي: ملعقتان كبيرتان.
التفاح: من 2 إلى 3 تفاحات يوميًا.
العنب، الكمثرى، التوت بأنواعه: فواكه موسمية ذات قيمة غذائية عالية.
وتشير الدراسة إلى أن الطعام الطبيعي يتفوق على المكملات في فعالية هذه المركبات، إذ أن تفاعل “فلافان-3-أولز” مع مركبات أخرى داخل الفاكهة أو النبات نفسه يعزز من تأثيرها الفسيولوجي في الجسم.
هل تُغني هذه المركبات عن الدواء؟
ورغم النتائج الإيجابية، يوضح الباحثون أن مركبات “فلافان-3-أولز” ليست بديلاً عن الأدوية، خصوصًا للحالات المتقدمة من ضغط الدم المرتفع أو أمراض القلب.
ومع ذلك، فإن إدراج هذه الأطعمة ضمن نظام غذائي متوازن يمكن أن يعزز من فعالية الأدوية، ويقلل الحاجة المستقبلية إلى الجرعات العالية، أو حتى يساهم في الوقاية المبكرة.
كما أن هذه المركبات يمكن أن تكون جزءًا من استراتيجية صحية متكاملة تشمل تقليل استهلاك الملح، وممارسة الرياضة بانتظام، والإقلاع عن التدخين، والنوم الجيد، والتحكم في التوتر النفسي.
آثار جانبية محدودة وآمنة لغالبية الناس
أشارت الدراسة إلى أن تناول “فلافان-3-أولز” لم يرتبط بأي آثار جانبية خطيرة، بل اقتصرت الآثار الجانبية الخفيفة على بعض الاضطرابات الهضمية الطفيفة لدى عدد محدود من المشاركين.
وهو ما يجعل هذه المركبات آمنة نسبيًا لمعظم الأشخاص، بما فيهم من يعانون من مشاكل مزمنة في القلب أو ضغط الدم، لكن دائمًا بعد استشارة الطبيب المختص.
توصيات أخيرة.. الصحة في الغذاء
تؤكد هذه النتائج على أن التغذية السليمة لا تزال حجر الزاوية في الوقاية والعلاج من الأمراض المزمنة. فبدلًا من البحث عن حلول معقدة أو باهظة، يمكن لبعض التغييرات البسيطة في نظامنا الغذائي أن تُحدث تحولًا حقيقيًا في صحتنا العامة.
ويُنصح بتضمين الأطعمة الغنية بـ”فلافان-3-أولز” ضمن وجباتنا اليومية بشكل معتدل ومنتظم، كجزء من نمط حياة صحي ومتوازن.