الوزن المثالي وصحة القلب طريقك لحياة أطول . في ظل الاهتمام المتزايد بالصحة العامة والوقاية من الأمراض المزمنة، يطرح العلماء وخبراء التغذية تساؤلات حول العلاقة بين الوزن المثالي ومتوسط العمر المتوقع.
وتوضح الدكتورة ناتاليا كروغليوفا، خبيرة التغذية الشهيرة، أن هناك علاقة وثيقة بين مؤشر كتلة الجسم (BMI) وطول العمر، حيث إن الأشخاص المعمرين غالبًا ما يمتلكون مؤشر كتلة جسم يقع في النطاق الطبيعي، لكنه يميل إلى الاقتراب من الحد الأعلى لهذا النطاق.
وتشير إلى أن المؤشر المثالي لكتلة الجسم، والذي يساهم في دعم الصحة العامة وتقليل مخاطر الوفاة المبكرة، يتراوح بين 18.5 و24.9. ويُعد مؤشر كتلة الجسم أداة بسيطة لكنها فعالة لتقييم العلاقة بين وزن الشخص وطوله، وتحديد ما إذا كان الوزن ضمن الحدود الصحية، أو إن كان هناك نقص في الوزن أو زيادة أو حتى سمنة.
كيف يُحسب مؤشر كتلة الجسم؟
تتم عملية حساب مؤشر كتلة الجسم من خلال قسمة وزن الجسم بالكيلوغرام على مربع الطول بالأمتار. فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يزن 70 كيلوجرامًا، وطوله 1.75 متر، فإن مؤشر كتلة جسمه سيكون:
BMI = 70 ÷ (1.75)² = 22.86
وهو ما يقع في النطاق المثالي، وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية والهيئات الطبية العالمية.
ما العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم وطول العمر؟
تشير العديد من الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يحتفظون بمؤشر كتلة جسمهم ضمن النطاق الصحي، يكون لديهم معدلات أقل للإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، ما يسهم في زيادة فرصهم في حياة أطول وأكثر صحة.
المثير للاهتمام، كما توضح الدكتورة كروغليوفا، هو أن كبار السن غالبًا ما يمتلكون مؤشرًا أعلى ضمن النطاق الطبيعي، أي أن وزنهم يكون قريبًا من الحد الأعلى الموصى به.
وتضيف أن هذا الارتفاع الطفيف في الوزن قد لا يكون ضارًا، بل قد يوفر نوعًا من الحماية الصحية في حالات الإصابة المفاجئة أو الأمراض، إذ يمنح الجسم مخزونًا إضافيًا من الطاقة يمكن أن يكون مفيدًا في ظروف معينة.
هل مؤشر كتلة الجسم يعكس كل شيء؟
ورغم أهمية مؤشر كتلة الجسم في تقديم مؤشر عام عن الحالة الصحية للفرد، إلا أن الدكتورة كروغليوفا تؤكد أن هذا المؤشر لا يجب الاعتماد عليه بشكل منفرد. فهناك حالات – لا سيما بين الرياضيين أو الأشخاص ذوي الكتلة العضلية العالية – قد يكون لديهم مؤشر مرتفع دون أن يكون لديهم دهون زائدة أو مخاطر صحية حقيقية.
وتقول:
“الرياضيون على سبيل المثال، قد يسجلون مؤشرات مرتفعة بسبب الكتلة العضلية، ما قد يؤدي إلى تفسير خاطئ لحالتهم الصحية، وكأنهم يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وهو أمر غير دقيق.”
ما البدائل الدقيقة لتقييم الوزن والصحة؟
في ضوء هذا التحدي، تنصح الخبيرة باستخدام مقاييس إضافية إلى جانب مؤشر كتلة الجسم، للحصول على تقييم أكثر دقة وشمولية لحالة الجسم، مثل:
قياس نسبة الدهون في الجسم
محيط الخصر
نسبة الخصر إلى الورك
مستوى النشاط البدني
التاريخ الوراثي
معدل الأيض الأساسي
كل هذه المؤشرات تساهم في تكوين صورة متكاملة عن صحة الجسم وحالة الوزن، وتساعد المختصين في تقديم نصائح دقيقة ومخصصة لكل شخص.
الوزن المثالي ليس رقماً ثابتاً
من الجدير بالذكر أن مفهوم “الوزن المثالي” لا ينطبق على الجميع بنفس الصورة. فالعوامل الفردية مثل الجنس، العمر، البنية الجسدية، مستوى اللياقة، ونمط الحياة تلعب دورًا جوهريًا في تحديد الوزن المناسب لكل فرد.
فما يُعتبر مثاليًا لشخص قد لا يكون كذلك لشخص آخر، حتى وإن تساويا في الطول والوزن. ولهذا السبب، تنصح الدكتورة ناتاليا بالنظر إلى الصورة الكلية للصحة بدلًا من التركيز فقط على الرقم الموجود على الميزان.
توصيات للحفاظ على وزن صحي يدعم الحياة الطويلة
لتحقيق توازن صحي يُساهم في دعم طول العمر، تنصح الخبيرة باتباع بعض الإرشادات الأساسية:
اتباع نظام غذائي متوازن يضم الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، البروتينات، والدهون الصحية.
الحرص على النشاط البدني المنتظم مثل المشي، السباحة، أو التمارين الخفيفة على الأقل 150 دقيقة أسبوعيًا.
شرب كميات كافية من الماء يوميًا.
تجنب الإفراط في تناول السكريات والدهون المشبعة.
النوم الجيد ليلاً بمعدل لا يقل عن 7–8 ساعات يوميًا.
إجراء فحوصات دورية لمتابعة مؤشرات الصحة الأساسية مثل ضغط الدم، الكوليسترول، وسكر الدم.
في النهاية، فإن مؤشر كتلة الجسم هو أداة قيمة ومفيدة لفهم الحالة العامة للوزن، لكنه لا يُغني عن التقييم الشامل للصحة. ولعل الرسالة الأهم التي تقدمها الدكتورة كروغليوفا هي أن الوزن المثالي ليس فقط هدفًا جماليًا، بل هو استثمار طويل الأمد في الصحة والعافية وطول العمر.
لذلك، من الأفضل التعامل مع موضوع الوزن بمنظور شامل يأخذ في الاعتبار الجوانب النفسية، البدنية، والوظيفية للجسم، وليس فقط الرقم الذي يظهر على الميزان.