من هنا جاء مشروع قانون الضمان الاجتماعي، الذي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحماية المالية للأفراد والأسر الأكثر حاجة. ويعد الدعم النقدي أحد أهم أشكال هذا الدعم، حيث يقدم مساعدة مالية مباشرة للأسر الفقيرة والمتوسطة الحال لتحسين ظروفهم الاقتصادية. ومع ذلك، تم تحديد بعض الحالات التي تؤدي إلى وقف الدعم النقدي عن المستفيدين، وهو ما تم تحديده بشكل رسمي في المادة 34 من قانون الضمان الاجتماعي.
حالات تؤدي إلى وقف الدعم النقدي
أورد مشروع القانون العديد من الحالات التي تستدعي وقف الدعم النقدي، بهدف ضمان وصول هذا الدعم إلى الفئات المستحقة فقط، حيث يسعى القانون إلى تحقيق العدالة والتأكد من أن الدعم يصل إلى من يحتاجه بالفعل. وفيما يلي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى وقف الدعم:
1. تغير مستوى معيشة المستفيدين
من أبرز الحالات التي تم النص عليها في المادة 34 من القانون هي حدوث تغير كبير في مستوى معيشة المستفيدين من الدعم النقدي. فالدعم يُمنح بناءً على معايير محددة تشمل دخل الأسرة ومستوى الحياة الذي تعيشه.
وبالتالي، إذا شهدت الأسرة تغييرات في دخلها أو مستوى حياتها بما يتجاوز حدود المعايير المحددة من قبل الجهات المختصة، يتم وقف الدعم. هذا يشمل زيادة دخل الأسرة بشكل مفاجئ أو أي تغيرات تؤدي إلى تجاوز المستفيدين للأحكام المعتمدة في معايير الاستحقاق.
2. التزوير أو التدليس في البيانات المقدمة
إذا تم اكتشاف أن الأفراد المستفيدين قد قدموا بيانات مزورة أو تم التلاعب في المعلومات عند التقديم للحصول على الدعم، يُوقف الدعم فورًا. وتعتبر هذه حالة من حالات التلاعب في النظام تهدف إلى الاستفادة غير المشروعة من الدعم، ويُعد التزوير جريمة تستدعي المعاقبة وإيقاف الدعم.
3. الإدانة في بعض الجرائم
إحدى الحالات التي تؤدي إلى وقف الدعم النقدي هي إدانة المستفيدين أو أرباب الأسر في بعض الجرائم. ويتضمن ذلك عدة أنواع من الجرائم التي تعتبر خرقًا للقانون، ومنها:
- التسول: يعد التسول من الجرائم التي تتسبب في استغلال الأشخاص في الحصول على الأموال دون وجه حق.
- الاتجار بالبشر: وهي جريمة ذات تأثير بالغ على حقوق الإنسان، تتسبب في ظلم كبير للضحايا.
- تعريض الأطفال للخطر: يعتبر من الجرائم ضد حقوق الطفل وقد يكون له تداعيات خطيرة على الطفل وحقوقه.
- ختان الإناث والزواج المبكر: تمثل هذه الجرائم انتهاكًا لحقوق المرأة والطفل، وتشمل ممارسة هذه الأنشطة ضغوطًا على الفتيات في مراحل مبكرة من العمر.
- التحرش: يعد من الجرائم التي تؤثر بشكل سلبي على كرامة الإنسان وسلامته النفسية.
- التعدي على الأراضي الزراعية: يُعد هذا الفعل انتهاكًا لحقوق الملكية ويؤثر على الأمن الغذائي في البلاد.
تعد هذه الجرائم خطيرة بما يكفي لإيقاف الدعم، لأن المتورطين فيها يُعدون غير مؤهلين للاستفادة من المساعدات الحكومية.
4. رفض فرص العمل أو كسب العيش
من بين الحالات التي تؤدي إلى وقف الدعم هو رفض الأفراد المستفيدين من الدعم النقدي، والذين يُعتبرون قادرين على العمل، قبول فرص العمل أو فرص كسب العيش التي توفرها لهم الجهات المختصة. وفي حال رفض المستفيدين من الدعم ثلاث فرص عمل دون تقديم عذر مقبول، يتم إيقاف الدعم بشكل نهائي. مع ذلك، هناك استثناءات لهذه القاعدة تشمل الأشخاص ذوي الإعاقة، أصحاب الأمراض المزمنة الشديدة، وكبار السن، حيث يُمكنهم الاستمرار في تلقي الدعم في حال كانوا غير قادرين على العمل.
استثناءات من وقف الدعم
رغم أن هناك حالات محددة تؤدي إلى وقف الدعم النقدي، إلا أن هناك بعض الاستثناءات التي تسمح للمستفيدين بالاستمرار في الحصول على الدعم لفترة محدودة. على سبيل المثال، إذا كان رب الأسرة قد صدر ضده حكم في أحد الجرائم المذكورة سابقًا، يتم صرف 75% من قيمة الدعم النقدي لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ قرار الإيقاف. وفي حالة تم توفيق الأوضاع أو تغيير الحالة القانونية للمستفيد، يُمكنهم التقدم بطلب جديد لاستئناف صرف الدعم بشكل كامل.
أهداف قانون الضمان الاجتماعي
يهدف مشروع قانون الضمان الاجتماعي بشكل أساسي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع فئات المجتمع، وتوفير حياة كريمة للأفراد الأكثر احتياجًا. من خلال تحديد معايير واضحة للوصول إلى الدعم، يسعى القانون إلى ضمان توزيع الدعم بشكل عادل ومنصف، مع التأكد من أن الفئات المستحقة هي فقط من يتمكنون من الاستفادة.
كما يُركز القانون على تقليل التلاعب في النظام وحماية أموال الدعم من الاستغلال غير المشروع من قبل الأفراد غير المستحقين. وهذا يشمل تقليل الفجوة بين الأفراد الأكثر احتياجًا والأفراد الذين يستفيدون من الدعم بشكل غير قانوني.
كما أن القانون يهدف إلى تقليل الاعتماد على الدعم المادي الحكومي مع تعزيز التوجه نحو توفير فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يساهم في الحد من الفقر وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية للأسر المستحقة. بالإضافة إلى ذلك، يهدف إلى تحسين قدرة الدولة على تقديم الدعم الاجتماعي بشكل فعال ومنظم، بما يعزز من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي على مستوى المجتمع ككل.
إن مشروع قانون الضمان الاجتماعي يعد خطوة هامة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الحماية المالية للأسر الفقيرة والمتوسطة في المجتمع. ومن خلال تنظيم حالات الاستحقاق والوقف بدقة، يضمن القانون أن الدعم يصل إلى الفئات المستحقة فعلاً ويساهم في تحسين مستوى حياتهم. ومن خلال الالتزام بتطبيق المعايير المحددة، تتجه الحكومة نحو تخفيض التلاعب وتوجيه الدعم إلى مستحقيه من دون أن يؤثر ذلك سلبًا على الفئات التي هي في أمس الحاجة للمساعدة.