بداية الموسم هي العامل الرئيس
أوضح الوزير أنّ الفاكهة التي شهدت زيادة ملحوظة في الأسعار تنتمي في معظمها إلى الأصناف التي تدخل السوق في مستهل موسمها الزراعي. فمع أوّل تدفّق للكميات الجديدة تكون المعروضات محدودة نسبيًّا.
بينما يظلّ الطلب مرتفعًا أو مستقرًّا، فينعكس هذا الخلل في ميزان العرض والطلب على سعر التجزئة. وما إن تتكاثر الإمدادات وتتوسّع رقعة الحصاد، حتى يبدأ السعر في التراجع تدريجيًّا ليستقر عند معدّل أقرب إلى تكلفة الإنتاج الفعلية وهوامش الربح الطبيعية للمنتجين والتجّار.
نموذج الليمون: سعر مرتفع الآن … وانخفاض وشيك
استشهد الدكتور فاروق بحالة الليمون، إذ تُعَدّ ثماره إحدى المعايير التي يراقبها المستهلك المصري طوال العام. وأكّد أنّ ما يراه الجمهور من قفزة في أسعار الليمون هو ظاهرة متكرّرة في بدايات الموسم.
فالأشجار تبدأ الإنتاج بأحجام أقل وكميات محدودة قبل أن تبلغ ذروة العطاء في منتصف الموسم. ويُتوقَّع – بحسب تقديرات الوزارة – أن تنخفض أسعار الليمون في الأسابيع المقبلة مع تزايد كميات الحصاد ودخول مزارع جديدة مرحلة الإنتاج الكامل.
استعدادات عيد الأضحى: لحوم بأسعار أقل من السوق
تطرّق الوزير كذلك إلى ملف اللحوم الحمراء مع اقتراب عيد الأضحى، مبينًا أنّ وزارة الزراعة وضعت خطةً متكاملة لضمان توافر الأضاحي والأصناف المختلفة من اللحوم بأسعار تناسب أغلب شرائح الدخل.
وأشار إلى أنّ سعر الكيلو القائم في السوق يدور حاليًّا حول 185 جنيهًا، غير أنّ منافذ الوزارة – من خلال مشروعاتها الإنتاجية وجمعياتها التعاونية – ستطرح اللحوم بسعر يقلّ نحو 15 جنيهًا، أي في حدود 170 جنيهًا للكيلو، لتخفيف العبء عن المواطنين في الموسم الذي يرتفع فيه الاستهلاك تقليديًّا.
إجراءات لضبط الأسواق
ولم يكتفِ الدكتور فاروق بشرح الأسباب، بل استعرض الإجراءات التي تطبقها الوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية لضبط الأسواق وتقليل حدّة التقلّبات السعرية، ومنها:
التوسع في منافذ بيع الوزارة: ضخ كميات إضافية من الخضر والفاكهة من خلال المنافذ الثابتة والمتحركة التابعة للوزارة في المحافظات كافة.
التنسيق مع جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين: مراقبة أسعار الأسواق الحرة ورصد أي ممارسات احتكارية أو مغالاة في الأرباح.
دعم سلاسل التوريد المباشرة: تشجيع المزارعين على تسويق منتجاتهم مباشرة إلى منافذ الوزارة أو إلى الأسواق المركزية الكبرى للحد من حلقات الوساطة التي ترفع السعر النهائي.
الإفراج السريع عن الأعلاف ومدخلات الإنتاج: تسهيل إجراءات استيراد الأعلاف والأدوية البيطرية لدعم قطاع الدواجن والماشية، ما ينعكس في النهاية على استقرار أسعار البروتين الحيواني.
التوسع في الزراعة التعاقدية: توقيع عقود مسبقة بين جمعيات المزارعين والمصانع أو سلاسل التوزيع الكبرى لضمان سعر عادل للمزارع ومستقر للمستهلك.
منظور اقتصادي أوسع
من الناحية الاقتصادية، يرى خبراء الزراعة أنّ ارتفاع الأسعار في بدايات المواسم أمر طبيعي في الأنظمة الزراعية القائمة على الإنتاج الموسمي، لكن حدّة التقلب قد تزيد في أوقات الأزمات المناخية أو ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج مثل الأسمدة والطاقة.
وفي هذا السياق، شدّد الدكتور فاروق على أنّ الوزارة تعمل حاليًّا على توسيع رقعة الصوب الزراعية وتقنيات الزراعة الذكية التي تطيل مواسم الإنتاج وتقلل تأثره بالعوامل المناخية، وهو ما يضمن إمدادًا أكثر استقرارًا من المحاصيل عالية الطلب مثل الطماطم والبطاطس والموالح.
اختتم وزير الزراعة مداخلته برسالة طمأنة إلى المواطنين، مؤكدًا أنّ موجة ارتفاع الأسعار الراهنة مؤقتة، وأنّ المؤشرات الميدانية لحصاد الفاكهة تبشّر بمحصول جيد هذا العام. كما دعا المستهلكين إلى تنويع سلة مشترياتهم بحسب معروض الموسم، والاستفادة من المنافذ الحكومية التي تقدم السلع بأسعار أقل من مثيلاتها في الأسواق التجارية.
يظلّ المشهد الزراعي محكومًا بقانون العرض والطلب الموسمي، غير أنّ الوزارة – وفق تصريحات مسؤولها الأول – تتخذ خطوات عمليّة لتقليل فجوة السعر خلال الأسابيع الحرجة من كل موسم، بما يشمل ضخ كميات إضافية، وتكثيف الرقابة، وتوفير بدائل أقل كلفة للمستهلك المصري.
ويبقى نجاح تلك الإجراءات رهن التزام جميع الحلقات – من المنتج إلى التاجر إلى المراقب الحكومي – بالشفافية والفاعلية، لضمان أن تصل السلع الأساسية إلى موائد المصريين بأسعار عادلة وجودة مقبولة.