هذه المزاعم أثارت جدلاً واسعًا بين المهتمين بالآثار والمواطنين على حد سواء، قبل أن تخرج وزارة السياحة والآثار المصرية لتوضح الحقيقة الكاملة وتضع حدًا للشائعات.
في بيان رسمي صادر مساء الثلاثاء، أكدت وزارة السياحة والآثار أن ما تم تداوله حول وجود خطر يهدد مقبرة الملك توت عنخ آمون في البر الغربي بالأقصر عارٍ تمامًا من الصحة، مشددة على أن المقبرة في حالة ممتازة من الحفظ، ولا توجد بها أي مؤشرات تشير إلى خطر إنشائي أو تآكل في الجداريات كما تم الترويج له في بعض وسائل الإعلام الأجنبية.
وقال الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن المقبرة تخضع لمتابعة علمية دقيقة ومستمرة من قبل فرق مصرية متخصصة بالتعاون مع معهد بول جيتي للحفظ الأثري (Getty Conservation Institute)، وهو أحد أبرز المراكز العالمية في مجال حفظ وصيانة الآثار. وأوضح أن التعاون بين الجانبين يشمل مراقبة الحالة البيئية داخل المقبرة من حيث الرطوبة والحرارة، لضمان استقرار الظروف المناسبة للحفاظ على الألوان والجداريات الأصلية.
وأضاف أن جميع الدراسات العلمية الحديثة التي أجراها المعهد أثبتت أن المقبرة مستقرة تمامًا من الناحية الإنشائية، وأن الشقوق الظاهرة على الجدران هي نفس العلامات القديمة التي سُجلت منذ اكتشاف المقبرة على يد هوارد كارتر عام 1922، ولم تشهد أي تطور أو تدهور على مدى أكثر من قرن من الزمن.
وأشار خالد إلى أن التقارير التي نشرتها بعض المواقع الأجنبية استندت إلى أوراق بحثية غير دقيقة، تضمنت سوء تفسير للبيانات أو خلطًا بين مقبرة الملك توت عنخ آمون (KV62) ومقابر أخرى مجاورة في وادي الملوك.
وأوضح أن معهد بول جيتي أصدر بالفعل بيانًا رسميًا يؤكد فيه استقرار حالة المقبرة، وأن أعمال الصيانة التي أُنجزت خلال السنوات الماضية أسهمت في تعزيز سلامتها وحمايتها من أي مؤثرات خارجية.
ومن المعروف أن المقبرة خضعت لمشروع ترميم شامل استمر لسنوات، نفذه معهد جيتي بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار المصري، وشمل معالجة الجداريات الحساسة، وتركيب أنظمة تهوية متطورة للسيطرة على نسبة الرطوبة داخل المقبرة، إلى جانب تطوير نظام إضاءة جديد يحافظ على الألوان دون التأثير على سطح الجدران.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن مقبرة توت عنخ آمون تُعد اليوم من أفضل المقابر حفظًا في وادي الملوك، مشيرًا إلى أن عملية المراقبة الدورية تشمل فحوصًا ضوئية وتحليلية للتأكد من عدم وجود أي تغيرات في الألوان أو الطبقات الجدارية. كما شدد على أن جميع الزيارات السياحية إلى المقبرة تتم تحت إشراف علمي دقيق لضمان عدم تأثير حركة الزوار أو الإضاءة على اللوحات الفرعونية النادرة.
وفي ختام بيانه، شدد الدكتور محمد إسماعيل خالد على أن وزارة السياحة والآثار ملتزمة بالشفافية الكاملة في التعامل مع أي تقارير أو شائعات تتعلق بالمواقع الأثرية المصرية، مؤكدًا أن جميع المواقع الأثرية، بما فيها مقبرة الملك توت عنخ آمون، تخضع لرقابة علمية وتقنية عالية المستوى تضمن الحفاظ على التراث المصري للأجيال القادمة.
إن مقبرة توت عنخ آمون ليست مجرد موقع أثري، بل هي رمز للحضارة المصرية القديمة التي ما زالت تبهر العالم كل يوم بجمالها ودقتها المعمارية والفنية. ورغم الشائعات، تظل المقبرة شامخة في قلب وادي الملوك، شاهدة على عبقرية المصري القديم الذي خلد اسمه في التاريخ، ومصدر فخر لكل مصري يرى في آثار بلاده رسالة خالدة للحضارة والإنسانية.