هذه العادة اليومية قد تكون أسوأ من السجائر على صحتك . أظهرت دراسة حديثة تأثيرًا صحيًا غير متوقع لممارسة شائعة، خاصة في موسم الأعياد، قد تكون أكثر ضررًا مما يعتقده الكثيرون. وأكدت الدراسة أن حرق الشموع المعطرة، التي يراها البعض وسيلة مثالية لخلق جو دافئ ومريح في المنزل، ينتج مزيجًا من المواد الكيميائية السامة التي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.
حسب الباحثين، فإن حرق الشموع يطلق غازات سامة مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، بالإضافة إلى مركبات عضوية متطايرة (VOCs). هذه المواد السامة تسهم في تلوث الهواء الداخلي، مما يعرض الجهاز التنفسي لمخاطر كبيرة.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن تؤدي هذه المركبات إلى أمراض خطيرة، مثل أمراض القلب وسرطان الرئة والتهاب الشعب الهوائية المزمن، مما يجعلها قضية صحية مهمة يجب على الجميع الانتباه إليها.
وفي إطار هذه الدراسة، قاس الباحثون جودة الهواء في 14 منزلًا في إيرلندا، حيث قاموا بمقارنة مستويات التلوث في الهواء قبل وبعد تحسينات كفاءة الطاقة في المنازل، والتي شملت تقليل استهلاك الطاقة وتحسين استخدام الموارد الطبيعية.
كما قاموا بقياس تركيزات خمسة ملوثات رئيسية، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون والجسيمات الملوثة الصغيرة التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرومتر (المعروفة باسم PM2.5)، والتي تدخل الرئتين بسهولة وتسبب التهابات قد تؤدي إلى طفرات جينية قد تتسبب في السرطان.
وكانت واحدة من أهم النتائج التي تم التوصل إليها هي أن الأنشطة اليومية مثل حرق الشموع، والتدخين، وسد فتحات التهوية في المنازل، يمكن أن ترفع من مستويات الجسيمات الدقيقة (PM2.5) وثاني أكسيد الكربون في الهواء بشكل كبير.
وقد أظهرت الدراسة أيضًا أن حرق الشموع المعطرة يمكن أن يرفع مستويات الجسيمات الدقيقة في الهواء إلى 15 ضعفًا عن الحدود التي تحددها منظمة الصحة العالمية. في الغرف غير المهواة بشكل جيد مثل الحمامات أو غرف النوم، يمكن أن تتضاعف هذه المستويات، مما يعرض السكان لمخاطر صحية أكبر.
وتشير الدراسة إلى أن أعواد البخور قد تكون أكثر ضررًا من الشموع في هذا السياق، حيث تنتج 4 أضعاف كمية الجسيمات الدقيقة مقارنة بالسجائر. كما تبين في البحث أن الأسر غير المدخنة تعتبر الشموع المصدر الرئيسي لتلوث الهواء الداخلي.
وعلى الرغم من أن بعض الأشخاص يعتقدون أن الشموع المصنوعة من مكونات طبيعية أكثر أمانًا، إلا أن بعض المواد الكيميائية المنبعثة منها يمكن أن تتفاعل مع الأوزون في الهواء، مما ينتج عنه مركبات سامة جديدة تضر بالصحة.
وفي إطار الدراسات السابقة، أظهرت الأبحاث أيضًا أن التعرض المزمن لدخان البخور قد يرتبط بتدهور الوظائف الإدراكية. ففي دراسة نشرت في مجلة Nature، تم ربط التعرض المستمر لدخان البخور بانخفاض قدرات الأداء العقلي والإدراكي. وهذا يعد مؤشرًا إضافيًا على التأثيرات السلبية التي يمكن أن تترتب على هذه العادة الشائعة.
ويشدد الخبراء على ضرورة توخي الحذر عند استخدام الشموع المعطرة في المنازل، خاصة في الغرف التي تفتقر إلى التهوية الجيدة. يوصى باستخدام الشموع في الغرف الكبيرة أو المفتوحة، حيث يمكن التهوية بشكل جيد لتقليل التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن مكونات الشموع الكيميائية.
ويؤكد الباحثون على أهمية إجراء المزيد من الدراسات لفهم الآثار الصحية الشاملة الناتجة عن استخدام الشموع المعطرة، وذلك لأن التأثيرات طويلة المدى قد تكون أكثر خطورة مما نتوقع.
على الرغم من أن الشموع قد توفر جوًا من الراحة والهدوء، إلا أن هناك أدلة متزايدة على أن مكوناتها السامة قد تكون ضارة بالصحة على المدى الطويل. وبالتالي، يُنصح بتوخي الحذر والبحث عن بدائل أكثر أمانًا لتجنب المخاطر الصحية المحتملة.