هبوط أسعار الدواجن من 55 إلى 20 جنيهًا يخفف العبء عن الأسر المصرية . شهدت أسواق الدواجن في مصر خلال الفترة الأخيرة تطورات إيجابية أسعدت ملايين المواطنين، بعدما أكد ثروت الزيني، نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن أسعار الدواجن تشهد انخفاضات ملحوظة نتيجة التراجع الكبير في أسعار الكتاكيت.
فقد هبط سعر الكتكوت من 55 جنيهًا إلى نحو 20 جنيهًا فقط، أي بنسبة تجاوزت 60%، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسعار بيع الدواجن في الأسواق، ليمثل متنفسًا للمستهلك المصري وسط الضغوط الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
أسباب الانخفاض الكبير في الأسعار
يرجع هذا التراجع الملحوظ إلى عدة عوامل متداخلة، يأتي على رأسها زيادة حجم المعروض في السوق المحلي نتيجة التوسع في مزارع الإنتاج، وانخفاض تكلفة الكتاكيت بشكل واضح. كما ساهم استقرار أسعار الأعلاف نسبيًا خلال الأشهر الماضية في تقليل تكاليف الإنتاج، وهو ما ساعد على خفض أسعار البيع النهائية.
إضافة إلى ذلك، يشير خبراء القطاع إلى أن السياسات الحكومية الهادفة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواجن وتوفير الدعم لمزارع التربية لعبت دورًا مهمًا في استقرار السوق. كما أن تراجع موجات الأمراض الوبائية التي تصيب الدواجن ساعد في رفع نسب الإنتاج وتقليل الخسائر.
الاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج
بحسب تصريحات نائب رئيس الاتحاد، تتمتع مصر حاليًا بحالة من الاكتفاء الذاتي من الدواجن، مع وجود كميات فائضة يتم تصديرها إلى الأسواق الخارجية، لا سيما في الدول الآسيوية والعربية والخليجية.
ويؤكد ذلك على جودة المنتج المصري وقدرته على المنافسة في الأسواق الدولية، مما يعزز مكانة مصر كإحدى الدول الرائدة في إنتاج الدواجن في المنطقة.
وتعتبر صادرات الدواجن المصرية مصدرًا إضافيًا للعملة الصعبة، كما أنها تسهم في دعم ميزان المدفوعات، إلا أن هذه الصادرات تبقى مرتبطة بمدى استقرار السوق المحلي أولًا، إذ تحرص الحكومة على تغطية احتياجات المواطن قبل التوسع الخارجي.
مقارنة أسعار الدواجن باللحوم الحمراء
من أبرز النقاط التي لفت إليها الزيني هي الفارق الكبير بين أسعار الدواجن وأسعار اللحوم الحمراء، إذ يصل سعر كيلو اللحوم الحمراء إلى ما يقرب من 12 ضعف سعر كيلو الدواجن. هذا الفارق يجعل الدواجن الخيار الأكثر شيوعًا بين الأسر المصرية، خاصة مع محدودية الدخول وارتفاع تكاليف المعيشة.
ويؤكد اقتصاديون أن هذا الوضع يعكس تحولًا في نمط الاستهلاك الغذائي، حيث يعتمد المواطن بشكل أكبر على البروتين الأبيض كبديل اقتصادي يوفر العناصر الغذائية الأساسية ويخفف من الضغط على ميزانية الأسرة.
تأثير انخفاض الأسعار على المستهلك
من زاوية المستهلك، يعتبر هذا الانخفاض فرصة ذهبية لشراء احتياجات الأسرة من البروتين الحيواني بأسعار مناسبة. فالكثير من الأسر كانت تواجه صعوبة في توفير اللحوم الحمراء بشكل منتظم، مما يجعل الدواجن الخيار الأكثر أمانًا واقتصادًا.
كما أن تراجع الأسعار يساهم في تحقيق الأمن الغذائي المحلي ويعزز من قدرة المواطنين على تنويع وجباتهم الغذائية، وهو ما ينعكس إيجابًا على الصحة العامة خاصة للأطفال والشباب الذين يحتاجون إلى البروتين للنمو.
تأثير الانخفاض على المربين والمنتجين
لكن على الجانب الآخر، يثير انخفاض الأسعار بعض المخاوف لدى المربين والمنتجين الصغار، إذ قد يؤدي استمرار التراجع الحاد إلى تقليل هامش الربح أو حتى تحقيق خسائر، خاصة مع استمرار وجود بعض التحديات المرتبطة بارتفاع أسعار الطاقة والنقل.
ويرى محللون أن الحفاظ على توازن السوق ضروري لضمان استمرار العملية الإنتاجية، بحيث لا يكون الانخفاض مضرًا بالمنتج من جهة، ولا يكون الارتفاع مبالغًا فيه يرهق المستهلك من جهة أخرى.
قراءة اقتصادية في المشهد
يشير الخبراء إلى أن سوق الدواجن في مصر يعكس نموذجًا للتفاعل بين العرض والطلب بشكل واضح. فعندما زاد حجم المعروض وتراجعت أسعار الكتاكيت والأعلاف، انخفضت الأسعار بسرعة، وهو ما يعكس مرونة هذا القطاع مقارنة بقطاعات أخرى مثل اللحوم الحمراء التي تتأثر بعوامل أوسع وأكثر تعقيدًا.
كما أن تراجع أسعار الدواجن يسهم في كبح جماح التضخم، إذ تُعد الدواجن أحد أهم مكونات سلة الغذاء الأساسية للمصريين. وبالتالي فإن أي انخفاض فيها ينعكس بشكل مباشر على معدل التضخم الشهري، ويخفف من الضغوط الاقتصادية على المواطن.
بحسب توقعات اتحاد منتجي الدواجن، من المرجح أن يستمر الاستقرار وربما الانخفاض الطفيف في الأسعار خلال الفترة المقبلة، خاصة مع غياب أي مؤشرات على وجود أزمات أو نقص في المعروض. كما أن استقرار الطلب، سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير، يعزز من فرص استمرار هذا الاتجاه.
ومع اقتراب موسم المدارس والمناسبات الدينية، من المتوقع أن يزداد الطلب على الدواجن، إلا أن الخبراء يرجحون أن الزيادة ستظل في نطاق آمن لن تؤدي إلى قفزات كبيرة في الأسعار، بفضل وفرة الإنتاج المحلي.
تلعب الحكومة المصرية دورًا مهمًا في متابعة سوق الدواجن من خلال وزارة الزراعة ووزارة التموين، سواء عبر الرقابة على الأسواق أو دعم المزارعين أو توفير الأعلاف. كما أن وجود المجمعات الاستهلاكية التي تطرح الدواجن بأسعار مناسبة يساهم في ضبط السوق ومنع أي محاولات استغلال من قبل بعض التجار.
يمكن القول إن انخفاض أسعار الدواجن في مصر من 55 إلى 20 جنيهًا للكتكوت يعكس تغيرًا جوهريًا في ديناميكيات السوق، حيث استفاد المستهلك بشكل مباشر من تراجع الأسعار، بينما يظل التحدي الأكبر هو ضمان استمرار هذا التوازن دون إلحاق الضرر بالمنتجين.
ويشكل هذا الوضع فرصة لتعزيز مكانة الدواجن المصرية محليًا ودوليًا، ويمنح الأسر المصرية متنفسًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وفي الوقت نفسه، يفرض على صناع القرار والمنتجين مزيدًا من التخطيط طويل الأجل لضمان استقرار القطاع واستدامة فوائده على المدى البعيد.