نصائح غذائية لنوم أفضل ماذا تتناول وماذا تتجنب؟ يُعد النوم أحد الأعمدة الأساسية لصحة الإنسان الجسدية والنفسية، ويمثل النظام الغذائي عاملاً محوريًا في ضبط جودة النوم ومدته.
في هذا السياق، يشير الدكتور خوسيه مانويل فيليس، الخبير في التغذية والصحة العامة، إلى أن نوعية الطعام الذي نتناوله خلال اليوم، وتحديدًا في الفترة المسائية، تلعب دورًا حاسمًا في تمهيد الجسم لنوم هادئ وعميق، أو على العكس، في التسبب بحالة من القلق والأرق واضطراب النوم.
أطعمة تساهم في تعزيز النوم
وفقًا لما يؤكده الدكتور فيليس، هناك العديد من الأطعمة التي تحتوي على مركبات طبيعية تُحفز إنتاج هرمونات الراحة مثل الميلاتونين والسيروتونين، وهما الهرمونان المسؤولان عن الشعور بالنعاس والاسترخاء. ويعد إدراج هذه الأطعمة في وجبة العشاء أو الوجبة الخفيفة قبل النوم من الوسائل الفعالة لتحسين جودة النوم بطرق طبيعية وآمنة.
الفستق: كنز الميلاتونين والمغنيسيوم
الفستق يعتبر من أبرز الأطعمة التي ينصح بها أخصائيو النوم والتغذية، حيث يحتوي على نسبة عالية من الميلاتونين، المعروف باسم “هرمون النوم”، والذي يعمل على ضبط الساعة البيولوجية للجسم وتحفيز النعاس عند المساء. ليس ذلك فحسب، بل يحتوي الفستق أيضًا على المغنيسيوم، وهو عنصر يساهم في استرخاء العضلات والأعصاب، مما يسهل عملية الدخول في النوم العميق.
الموز: الفاكهة الذهبية للنوم الهادئ
يُعد الموز من الخيارات المثالية لوجبة خفيفة مسائية، بفضل احتوائه على التريبتوفان، وهو حمض أميني يُساعد في تعزيز إفراز السيروتونين، والذي يتحول لاحقًا إلى ميلاتونين. كما يحتوي الموز على المغنيسيوم والبوتاسيوم، اللذين يساهمان في تقليل توتر العضلات وتوفير بيئة مناسبة للنوم.
صدر الدجاج: بروتين خفيف مثالي للعشاء
اختيار البروتين المناسب على وجبة العشاء يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في كيفية شعورك قبل النوم. صدر الدجاج يُعد خيارًا مفضلًا، لأنه منخفض الدهون وسهل الهضم، ويحتوي على التريبتوفان أيضًا. تناول كمية معتدلة منه يساعد في تعزيز الاسترخاء دون أن يُرهق الجهاز الهضمي.
أطعمة قد تؤثر سلبًا على النوم
وعلى الجانب الآخر، يشدد الدكتور خوسيه مانويل فيليس على ضرورة الانتباه إلى بعض الأطعمة التي، على الرغم من فوائدها الصحية المتعددة، قد تؤدي إلى اضطرابات في النوم إذا تم تناولها في أوقات غير مناسبة، خصوصًا في المساء.
الأناناس: حمضية عالية تُزعج المعدة
الأناناس فاكهة استوائية غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة، ولكن ارتفاع مستوى الحموضة فيها قد يُسبب حرقة في المعدة، خاصةً عند تناوله ليلاً. هذا قد يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة أثناء الاستلقاء والنوم، مما يسبب أرقًا أو نومًا متقطعًا.
البطيخ الأحمر والشمام: مدرات بول طبيعية
الفواكه الصيفية مثل البطيخ والشمام تحتوي على نسب عالية من الماء، وهو ما يجعلها مدرات طبيعية للبول. ورغم فائدتها في ترطيب الجسم، فإن تناولها قبل النوم قد يؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر لدخول الحمام، وبالتالي تقطع النوم وانخفاض جودته.
الأفوكادو: تنشيط عصبي غير مرغوب ليلاً
الأفوكادو مصدر غني بالدهون الصحية والألياف، لكنه يحتوي أيضًا على حمض التيروزين، وهو حمض أميني يُحفز نشاط الجهاز العصبي. هذا يعني أنه قد يزيد من اليقظة والتوتر إذا تم تناوله قبل النوم، مما يُعيق الدخول في حالة الاسترخاء المطلوبة للنوم العميق.
التوقيت أهم من المحتوى
يشير الدكتور فيليس إلى نقطة بالغة الأهمية، تتمثل في أن المشكلة لا تكمن دائمًا في نوعية الطعام، وإنما في توقيت تناوله. حيث يقول:
“ليس الهدف من هذه التوصيات أن نتخلى عن تناول أطعمة صحية، بل أن نُراعي إيقاع الجسم البيولوجي. فالكثير من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية تقدم فوائد كبيرة عند تناولها خلال النهار، لكنها قد تضر بجودة النوم إن تم تناولها ليلًا.”
هذا ما يعني أن الإفطار أو الغداء يُمكن أن يحتوي على أطعمة مثل الأفوكادو أو الأناناس دون ضرر، بينما يُفضّل تجنبها في ساعات الليل.
نصائح ذهبية لنوم أفضل عبر التغذية
في ضوء هذه المعطيات، يقدم الدكتور فيليس بعض النصائح التي تساعد على تحسين جودة النوم من خلال ضبط النظام الغذائي:
تناول وجبة العشاء قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من النوم لتجنب اضطراب الجهاز الهضمي أثناء الراحة.
اختر وجبات خفيفة وسهلة الهضم في المساء، وابتعد عن الأطعمة الغنية بالدهون أو البهارات الحارة.
تجنب الكافيين بعد الساعة 4 مساءً، نظرًا لتأثيره المنبّه الذي يمتد لعدة ساعات.
شرب كوب من الحليب الدافئ أو شاي الأعشاب مثل البابونج قبل النوم يساعد في تهدئة الأعصاب.
الاعتدال هو المفتاح: لا تذهب للنوم جائعًا، ولا تتناول وجبة ثقيلة جدًا قبل النوم.
تجنب السكريات المفرطة ليلاً، لأنها قد تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في الطاقة يتبعه اضطراب في دورة النوم.
يبقى النوم الجيد حجر الأساس في حياة صحية ومتوازنة، ولا يُمكن فصله عن العادات الغذائية اليومية. فاختيار الأطعمة المناسبة، في التوقيت المناسب، يُعدّ استراتيجية بسيطة وفعالة لتحسين جودة النوم بشكل طبيعي دون الحاجة إلى أدوية أو مكملات. ومع تزايد الوعي بأهمية الصحة العامة، بات من الضروري إدراك أن ما نأكله لا ينعكس فقط على أجسامنا، بل على ساعات نومنا وسلامة أذهاننا أيضًا.