موعد بداية التكبير في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .مع إشراقة أيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة لعام 1446هـ، تعود إلى القلوب نفحات من الروحانية، وتحلّ على المسلمين أجواء من الطاعة والسكينة، حيث تُعدّ هذه الأيام من أعظم أيام السنة في الأجر والثواب.
فقد أقسم الله بها في كتابه العزيز في سورة الفجر: ﴿وَٱلْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾، مما يدل على عظمة شأنها ورفعة مكانتها في ميزان الإسلام، إذ تضاعف فيها الأجور وتفتح فيها أبواب الطاعات على مصراعيها.
موعد بداية تكبيرات العشر الأوائل من ذي الحجة
يعدّ التكبير من أعظم الشعائر التي تُميز هذه الأيام المباركة. ويبدأ المسلمون في التكبير مع دخول شهر ذي الحجة، وتحديدًا من مغرب يوم الثلاثاء الذي وافق ليلة الأول من ذي الحجة.
ويستمر حتى غروب شمس آخر أيام التشريق، أي اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. وخلال هذه الفترة، يُستحب للمسلمين الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد، سواء في البيوت أو المساجد أو الطرقات.
أنواع التكبير
التكبير في هذه الأيام ينقسم إلى نوعين:
التكبير المطلق: وهو الذي يبدأ من أول يوم في ذي الحجة وحتى غروب شمس يوم الثالث عشر، ويُقال في أي وقت من اليوم.
التكبير المقيد: ويبدأ من فجر يوم عرفة (اليوم التاسع من ذي الحجة) ويستمر حتى عصر اليوم الرابع من أيام العيد (رابع أيام التشريق)، ويُقال عقب الصلوات المفروضة مباشرة.
صيغة التكبير المشهورة
تتنوع صيغ التكبير الواردة عن الصحابة والسلف، لكن من أشهرها وأكثرها تداولًا بين المسلمين:
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.”
هذه الكلمات البسيطة تُحيي في القلوب تعظيم الله، وتُشعر النفس بعظمة الأيام التي يعيشها المسلم، كما تُعد فرصة لتجديد الإيمان وزيادة الأجر.
فضل هذه الأيام في السنة النبوية
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” – يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء.”
(رواه البخاري)
وفي هذا الحديث الشريف تأكيد على أن كل عمل صالح في هذه الأيام، مهما بدا بسيطًا، فإن أجره عظيم، وقد يتفوق على الجهاد في سبيل الله من حيث الثواب.
فضل صيام عشر ذي الحجة
الصيام من أفضل القُربات التي يمكن أن يُقبل بها المسلم على الله، وخاصةً في هذه الأيام، فهو من أعظم أبواب الطاعات، وقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه كان يصوم التسع الأوائل من ذي الحجة.
كما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها:
“أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، وأول اثنين من الشهر والخميس.”
أما صيام يوم عرفة، فهو الأفضل بلا منازع، لغير الحاج، حيث قال النبي ﷺ:
“صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.”
(رواه مسلم)
أحب الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة
مع عظمة هذه الأيام، ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يسعوا للاجتهاد فيها بكل ما يستطيعون من أعمال الخير، ومن أهم هذه الأعمال:
1. الصيام
كما ذكرنا، صيام هذه الأيام عموماً، ويوم عرفة خصوصًا، له أجر كبير في تكفير الذنوب ومضاعفة الحسنات.
2. الذكر
الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، سواء بالتكبير المطلق أو المقيد، له فضل عظيم، وهو من أحب الأعمال إلى الله في هذه الأيام.
3. الصلاة
الحرص على أداء الصلوات المفروضة في وقتها مع الإكثار من السنن الرواتب والنوافل، مثل صلاة الضحى وقيام الليل.
4. الصدقة
إخراج الصدقات للفقراء والمحتاجين يُعدّ بابًا واسعًا من أبواب الأجر، خاصة أن الأجر مضاعف في هذه الأيام.
5. قراءة القرآن
تلاوة كتاب الله وتدبر آياته من الأعمال التي تُزكي النفس وتقوي الإيمان، ولا سيما في هذه الأيام الفضيلة.
6. الحج والعمرة
وهما من أعظم الأعمال وأحبها إلى الله، وقد قال النبي ﷺ:
“العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.”
7. التوبة والاستغفار
هذه الأيام فرصة عظيمة لتجديد التوبة والتطهر من الذنوب، فباب التوبة مفتوح، والله يقبل من عباده الإنابة والرجوع إليه.
لماذا يجب أن نغتنم هذه الأيام؟
في عالم يمتلئ بالانشغالات، قد يمر علينا موسم عظيم مثل العشر الأوائل من ذي الحجة دون أن نُدرك قدره، لذا علينا أن نُعيد ترتيب أولوياتنا، ونخصص وقتًا للعبادة والطاعة والتقرب إلى الله.
فهذه الأيام تُعد فرصة عظيمة لمن فرّط أو قصّر في غيرها من أيام السنة، لأن العمل فيها لا يُقارن بغيرها من حيث الأجر والثواب، والله تعالى في هذه الأيام يُضاعف الأجور، ويُبارك في الأعمال القليلة، ويقرب عباده إليه، ويحب منهم أن يسارعوا إليه بالطاعات.
تُعدّ العشر الأوائل من ذي الحجة موسمًا إيمانيًا قلّ نظيره، وميدانًا فسيحًا للطاعة والعمل الصالح. فلنحرص جميعًا على اغتنام هذه الأيام المباركة، ولنرفع أصواتنا بالتكبير والتهليل، ولنُكثر من الصيام والصلاة والذكر، لعلنا نكون من الذين يرضى الله عنهم، ويُضاعف لهم الأجر في الدنيا والآخرة.
فالله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.