مفاجأة للملاك: إلغاء الإيجار القديم واستبداله بعقود حرة (كل ما تحتاج معرفته) . الإيجار القديم وأثره على المجتمع المصري: التحديات والفرص المستقبلية وتعد قضية الإيجار القديم واحدة من أبرز القضايا التي تشغل قطاعاً واسعاً من المواطنين في مصر.
حيث يتابع العديد من الملاك والمستأجرين باهتمام بالغ محاولات مجلس النواب لإصدار قانون جديد للإيجار القديم بهدف حل النزاعات التي نشأت بين الطرفين بسبب القيمة الإيجارية المتدنية التي يحصل عليها الملاك مقارنة بالأسعار السوقية، وهو ما أقرته مؤخراً المحكمة الدستورية العليا في حكمها الأخير.
تاريخ الإيجار القديم في مصر يمتد لعقود، حيث تم فرض هذا النظام في مرحلة سابقة كانت تتسم بظروف اقتصادية استثنائية، ولكن مع مرور الوقت أصبح هذا النظام يشكل عبئاً على الملاك الذين يجدون أنفسهم أمام قيمة إيجارية ثابتة لم تتغير منذ سنوات عديدة، في حين أن قيمة الإيجارات في السوق شهدت زيادات ضخمة. ومع تزايد الضغط على النظام الحالي، أصبح من الضروري إيجاد حلول تشريعية توازن بين حقوق الملاك والمستأجرين وتضمن العدالة للطرفين.
قضية فسخ عقد الإيجار القديم:
من بين الأسئلة التي تثار بشكل مستمر من قبل الملاك والمستأجرين على حد سواء، هي مسألة فسخ عقد الإيجار القديم. هذه المسألة أصبحت محور نقاشات ساخنة في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل التوجهات القانونية لتعديل هذا النظام.
في هذا السياق، صرح النائب محمد الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، عن عدة نقاط هامة تتعلق بمسألة فسخ عقد الإيجار القديم، مشيراً إلى أن قانون الإيجار الجديد لعام 1996 يحدد أن جميع الوحدات السكنية التي سيتم بناؤها أو تلك التي أصبحت خالية يتم تحرير عقود إيجار حرة لها، ويخضع كل عقد منها للقانون المدني.
القرار الحكومي بشأن عقود الإيجار الحرة:
يؤكد الفيومي أن هذا التعديل سيمنح الملاك الحق في تحديد القيمة الإيجارية لمدة العقد وشروط الزيادة السنوية، وهو ما سيجعلهم أكثر قدرة على إدارة ممتلكاتهم بشكل يتماشى مع التغيرات الاقتصادية في السوق.
ومع ذلك، يشير الفيومي إلى أن هذه التعديلات لا يمكن أن تنفذ على الفور أو تكون شاملة لكل العقارات القديمة، بل سيشمل الأمر فقط الوحدات السكنية الجديدة أو الخالية. ولضمان عدم إثارة مشكلات اجتماعية بسبب التعديل، أكد الفيومي على ضرورة أن يتم التعامل مع العقارات المغلقة أو غير المستغلة بشكل عادل، وذلك عبر حوافز تشجع الملاك على إعادة تشغيل تلك العقارات.
الجدل بعد حكم المحكمة الدستورية:
في هذا السياق، أثار حكم المحكمة الدستورية الأخير جدلاً واسعاً بين الملاك والمستأجرين. فبينما يرى الملاك في الحكم انتصاراً لحقهم في زيادة القيمة الإيجارية بما يتناسب مع السوق، يخشى البعض من أن هذا الحكم سيؤدي إلى تزايد الأعباء على المستأجرين الذين يواجهون ضغوطاً اقتصادية متزايدة.
وكما أشار النائب أحمد بهاء شلبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، فإنه من المهم أن يتم معالجة هذا الملف بحذر لضمان توازن المصالح بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الملاك والمستأجرين والمجتمع بشكل عام.
تحديات تطبيق التعديلات الجديدة:
تتعدد التحديات التي ستواجه تطبيق التعديلات على قانون الإيجار القديم. من بين هذه التحديات هي كيفية التعامل مع الوحدات السكنية المغلقة أو التي أصبحت غير صالحة للسكن.
إذ يرى الكثير من النواب أنه من الضروري تحديد أطر زمنية واضحة لحل مشكلات الوحدات المغلقة، وكذلك إيجاد آلية واضحة لسحب العقارات التي أصبحت آيلة للسقوط. كما أن هناك بعض الاقتراحات بضرورة إنشاء نظام حوافز يضمن للملاك الاستفادة من ممتلكاتهم بشكل قانوني وعادل.
من جانب آخر، يرى بعض النواب أن تعديلات قانون الإيجار القديم يجب أن تشمل وضع آليات لضمان العدالة بين الملاك والمستأجرين. ومن بين هذه الآليات المقترحة، استحداث نظام تسعير يتماشى مع الواقع الاقتصادي لكل محافظة على حدة، بما يضمن تحقيق توازن بين الزيادة في القيمة الإيجارية وبين القدرة المالية للمستأجرين.
الدور التشريعي في حل الأزمة:
يستمر حزب حماة الوطن في متابعة هذه القضية عن كثب، حيث أكد النائب أحمد بهاء شلبي أن الحزب يسعى للتوصل إلى صيغة توافقية تحل إشكاليات الإيجار القديم بمرونة ودون إحداث اضطرابات اجتماعية. ويعد الحزب من بين القوى السياسية التي كانت سباقة في فتح هذا الملف داخل البرلمان، حيث وضع تعديل قانون الإيجار القديم ضمن أولويات أجندته التشريعية.
وفي هذا السياق، شددت النائبة مارثا محروس على ضرورة أن يتم حصر دقيق لجميع الوحدات السكنية التي تخضع لنظام الإيجار القديم، وكذلك حصر العقارات التي بحاجة إلى صيانة أو التي تم إغلاقها لفترات طويلة. وأكدت على أهمية تحديث البيانات الخاصة بهذه العقارات عبر نظام رقمي لتجنب التلاعب أو التزوير.
آراء أخرى حول تعديل القانون:
أما النائبة ميرفت ألكسان مطر، فقد أكدت على أهمية توازن العلاقة بين الملاك والمستأجرين في التعديل الجديد، مشيرة إلى أن المشرع يجب أن يراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للطرفين. وأكدت أن إصلاح هذا النظام يجب أن يضمن استمرار التعايش السلمي بين الطرفين دون إحداث أضرار كبيرة.
وقد اقترح عدد من الأعضاء أن تتم زيادة القيمة الإيجارية على فترات منتظمة كل خمس سنوات، مع مراعاة احتياجات الملاك، ولكن مع التأكيد على ضرورة عدم طرد المستأجرين الحاليين، وهو ما لقي تأييداً من بعض النواب الذين اعتبروا أن هذه السياسة ستكون أكثر عدلاً للمستأجرين.
إن موضوع الإيجار القديم يعد من القضايا الشائكة التي تتطلب توازناً دقيقاً بين المصلحة العامة والحقوق الخاصة للمواطنين. وقد أصبح من الضروري تبني حلول تشريعية تضمن الحفاظ على حقوق جميع الأطراف، سواء كانت تلك الأطراف مستأجرين أو ملاكاً، مع ضمان عدم التأثير على الاستقرار الاجتماعي في المجتمع. لا شك أن تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم سيشكل خطوة هامة نحو تطوير السوق العقاري في مصر، ولكن يجب أن يتم بعناية شديدة لضمان عدم المساس بالمصالح الأساسية للمواطنين.