مصر تعزز من حضورها في إفريقيا عبر مشاريع إعمار ضخمة . حيث انه رغم التحديات المتعددة التي تواجهها مصر في ظل انشغالها في القضايا السياسية الإقليمية والدولية، وجهودها الدؤوبة من أجل وقف الحرب الإسرائيلية ومنع انهيار المنطقة، إلا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، بصفته رائدًا للاتحاد الإفريقي، أطلق مؤخرًا بيانًا رئاسيًا بالغ الأهمية بشأن “أسبوع الإعمار والتنمية في إفريقيا بعد النزاعات” لعام 2024، والذي سيُقام خلال الفترة من 18 إلى 24 نوفمبر تحت عنوان “استراتيجيات ومسارات التعاون المشترك من أجل التنفيذ الفعال لسياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات”.
في هذا البيان، أشار الرئيس السيسي إلى أن التحديات الأمنية والتنموية المتنوعة التي تواجه القارة الإفريقية تستدعي اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات. كما شدد على أهمية بناء القدرات المؤسساتية الوطنية والإقليمية والقارية، بحيث يتمكن الدول الإفريقية من مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، ويسعى للتوصل إلى حلول سلمية مستدامة لمختلف الأزمات التي تعصف بالمنطقة.
كما ان هذه الدعوة تتماشى مع الجهود المبذولة لِبناء واستدامة السلام، وتفادي العودة إلى دائرة العنف والصراعات التي طالما عصفت بالقارة. وأكد السيسي على ضرورة تعزيز الربط بين السلام والأمن والتنمية، وهي محاور تم مناقشتها بتفصيل في النسخة الرابعة من “منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة“.
ويعد هذا الحدث الذي انطلقت فعالياته من أهم الأحداث التي تشهدها القارة الإفريقية، إذ يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الدول التي خرجت من نزاعات، ويتيح فرصة لتبادل الخبرات حول أفضل الممارسات في مجال إعادة الإعمار والتنمية. ويهدف الأسبوع أيضًا إلى حشد الدعم الدولي لهذه الجهود المهمة.
وتركز الفعاليات هذا العام على “استراتيجيات ومسارات التعاون المشترك من أجل التنفيذ الفعال لسياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات”، وهي خطوة تعكس الإرادة القوية للدول الإفريقية في العمل سويًا لتحقيق أهداف “أجندة إفريقيا 2063“. وهذه السياسة الشاملة تهدف إلى تحديد الأولويات والاستراتيجيات اللازمة لإعادة بناء الدول الإفريقية التي دمرتها الحروب وتعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة.
وتلعب مصر دورًا محوريًا في هذه الجهود، فهي تتمتع بتاريخ طويل من التعاون مع الدول الإفريقية في مجال التنمية وإعادة الإعمار، مما يجعلها شريكًا مثاليًا في جهود إعادة بناء القارة. فمن خلال القيم الثقافية المشتركة والتاريخ الطويل بين مصر ودول القارة الإفريقية، يتم تسهيل عملية التعاون والتواصل في مختلف المجالات. كما أن مصر تتمتع بخبرات واسعة في مجالات التنمية والبنية التحتية والصحة والتعليم، ما يعزز قدرتها على المساهمة الفعالة في مشاريع الإعمار والتنمية.
ويساعد الموقع الجغرافي لمصر في تعزيز دورها بوابة رئيسية للقارة الإفريقية، ما يسهم في تسهيل حركة التجارة والاستثمار بين الدول الإفريقية، كما أن سياسة مصر الخارجية النشطة المبنية على التعاون والحوار تسهم في بناء علاقات قوية ومتينة مع الدول الإفريقية. وتعد مصر أيضًا لاعبًا فاعلًا في مجال الوساطة لحل النزاعات وتحقيق الاستقرار في القارة.
وفي هذا السياق، أطلقت مصر العديد من المبادرات والبرامج الهادفة لدعم جهود إعادة الإعمار والتنمية في إفريقيا، مثل “تحالف إفريقيا الجديدة” الذي يعزز التعاون الاقتصادي بين الدول الإفريقية، وتقديم الدعم المؤسسي من خلال التدريب والتأهيل للكوادر الوطنية في مختلف المجالات.
وبالإضافة إلى جهود مصر، تلعب المؤسسات الدولية دورًا حيويًا في دعم التنمية والإعمار في القارة الإفريقية، خاصة في الدول التي تعاني من آثار النزاعات. تقدم هذه المؤسسات، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، المساعدات المالية والتقنية، وتساهم بخبراتها واستشاراتها في مختلف المجالات. ويتركز دور هذه المؤسسات في بناء مجتمعات أكثر استدامة ومرونة، قادرة على مواجهة التحديات المتزايدة، مثل تغير المناخ والفقر والبطالة.
ومن المتوقع أن يزداد دور هذه المؤسسات الدولية في السنوات القادمة، حيث تركز هذه المؤسسات على دعم المشاريع التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل القضاء على الفقر، وتحسين قطاعات الصحة والتعليم، ومكافحة التغيرات المناخية.
ومع تزايد هذا التعاون بين مصر ودول إفريقيا، يبقى دعم المؤسسات الدولية أمرًا بالغ الأهمية في إعادة بناء إفريقيا، لضمان تنفيذ سياسات التنمية المستدامة والتأكد من توفر الشروط اللازمة لتحقيق تقدم حقيقي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما يضمن قارة إفريقية أكثر استقرارًا وازدهارًا في المستقبل.