ولتجاوز هذه الأزمة المتصاعدة، كشف أستاذ هندسة الفضاء والنانو في أحد جامعات اليابان، الدكتور محمد سيد علي، عن مشروع “أنهار الصعيد الخمسة”، الذي يعد حلاً مبتكرًا يمكن أن يساهم في تخفيف الضغط على الموارد المائية في مصر ويوفر فرصًا جديدة للتنمية الزراعية والمائية.
مشروع أنهار الصعيد الجديدة
قال الدكتور محمد سيد علي، في تصريحات صحفية، إن المشروع المقترح يشمل خمسة أنهار جديدة في الصعيد، مما يوفر لمصر مصدرًا مائيًا إضافيًا ويساهم في تحسين الوضع الزراعي. وأوضح أن من بين هذه الأنهار، نهرًا عجيبًا ينبع من جبال البحر الأحمر في الشمال ويتجه جنوبًا عبر وادي قنا، ليصب في نهر النيل عند ثنيته في قنا.
كما يتضمن المشروع ثلاثة أنهار أخرى تمر عبر أودية أسيوط وطرفة وسنور، لتصب في النيل في محافظات أسيوط وسوهاج والمنيا وبني سويف. أما النهر الخامس، فقد اقترح الدكتور سيد علي أن ينبع من جبال جنوب سيناء ليصب في البحر المتوسط عند مدينة العريش.
أهمية الاستمطار المؤقت
في ظل الشح المائي الذي تواجهه مصر بسبب سد النهضة، يرى الدكتور محمد سيد علي أن الاستمطار الصناعي يمكن أن يكون حلاً مؤقتًا لتحسين الوضع المائي في مصر. الاستمطار هو عملية اصطناعية لزيادة هطول الأمطار، وهي تستخدم بشكل رئيسي في مناطق تعاني من الجفاف أو نقص المياه. وأكد أنه على الرغم من الفوائد الكبيرة للاستمطار، إلا أن العملية يجب أن تكون مؤقتة لحين إيجاد حلول دائمة.
وقال: “يمكننا تنفيذ الاستمطار في منطقة جبل الطور بسيناء وجبل رأس غارب في محافظة البحر الأحمر كخطوة أولى لتحسين الوضع المائي في هذه المناطق”. ويهدف الاستمطار إلى زيادة معدل هطول الأمطار في تلك المناطق الجافة والتي تشهد قلة في الأمطار الطبيعية، مما يساعد في دعم الزراعة وتحسين الظروف البيئية.
المناخ المناسب لعملية الاستمطار
بحسب الدراسة التي أجراها الدكتور سيد علي، فإن منطقة رأس غارب ومنطقة الطور تمتاز بوجود سحب كثيفة على مدار العام، ولكنها نادرًا ما تشهد هطول أمطار بشكل طبيعي. وتبدأ السحب بالظهور في هذه المناطق من منتصف أكتوبر وتستمر حتى مايو من العام التالي. شهر ديسمبر هو الأكثر غيومًا، حيث تصل نسبة الغيوم في السماء إلى 24% من الوقت.
وأوضح الدكتور سيد علي أن استخدام الاستمطار في هذه المنطقة يمكن أن يؤدي إلى تحسين الظروف البيئية، حيث يساعد على رفع درجة الرطوبة وبالتالي زيادة احتمالات هطول الأمطار بشكل طبيعي في المستقبل. وأشار إلى أن هذه البيانات تم جمعها من مواقع علمية عالمية توفر معلومات دقيقة عن المناخ ودرجات الحرارة، مثل World Weather وClimate-Data وWeather Spark.
دور الاستمطار في التنمية الزراعية
من خلال الاستمطار، يمكن لمصر تحقيق نتائج إيجابية في العديد من المجالات، خاصة في زيادة الرقعة الزراعية. فعن طريق تحسين الظروف المناخية وزيادة هطول الأمطار، يمكن استصلاح الأراضي الجافة في مناطق مثل سيناء والبحر الأحمر، وبالتالي زيادة المساحات الزراعية التي تحتاج إلى موارد مائية. كما يمكن أن يوفر المشروع مصادر جديدة للمياه العذبة في تلك المناطق النائية، ما يساعد في تعزيز الأمن المائي والزراعي.
وأضاف الدكتور سيد علي أنه يمكن استغلال هذه المياه لتطوير مشاريع زراعية جديدة، مما يعود بالفائدة على سكان تلك المناطق ويعزز التنمية الاقتصادية فيها. كما أشار إلى أن العملية ستكون خطوة هامة لإعادة توزيع السكان في مصر، حيث سيسهم المشروع في توفير فرص عمل جديدة في المناطق التي سيتم استصلاحها وتوفير المياه فيها.
الاستمطار المؤقت: الحل الأمثل للمرحلة الحالية
وفيما يتعلق بالآلية المقترحة للاستفادة من الاستمطار المؤقت، أكد الدكتور سيد علي أن الهدف هو تحسين الظروف المناخية في المناطق التي تم اختيارها لتنفيذ المشروع. وأضاف أنه يمكن خلق بيئة طبيعية تسمح بنزول المطر بشكل طبيعي عن طريق زراعة النباتات وتغطية الأرض بالغطاء النباتي المناسب، مما يساعد في خفض درجات الحرارة وتعزيز الرطوبة.
وبالرغم من أن عملية الاستمطار تتطلب تقنيات حديثة وتكاليف مرتفعة، إلا أنها تظل حلاً فاعلاً في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه مصر في الوقت الراهن بسبب سد النهضة وتغيرات المناخ العالمية. من خلال توفير المياه اللازمة للزراعة والشرب في المناطق الأكثر احتياجًا، يسهم المشروع في تحسين الوضع المائي بشكل ملحوظ.
مستقبل المياه والزراعة في مصر
إن أزمة المياه في مصر باتت تهدد مستقبل الزراعة والإنتاج الزراعي في البلاد، ومع بناء سد النهضة الإثيوبي وتأثيراته السلبية على حصة مصر من مياه النيل، أصبح من الضروري أن تتبنى الدولة حلولًا مبتكرة للتعامل مع هذه الأزمة. مشروع “أنهار الصعيد الخمسة” يمثل خطوة جادة نحو تحقيق الاستدامة المائية والزراعية، ويعكس رؤية استراتيجية للتعامل مع تحديات المياه في المستقبل.
من خلال التعاون بين العلماء والخبراء في مجالات المياه والفضاء، يتوقع أن يكون لمشروع الأنهار الخمسة تأثيرات إيجابية على الاقتصاد المصري وتوفير حياة أفضل للمواطنين في المناطق المستفيدة من المشروع.