مصر ترفض محاولات تهجير الفلسطينيين وتدعم حقهم في العودة . قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير لها إن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، التي تحدث فيها عن خطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول عربية، قد لاقت ردود فعل رافضة وواضحة من قبل مصر.
التصريحات المثيرة للجدل أثارت غضبًا كبيرًا في الأوساط السياسية والشعبية في المنطقة، وكان الرفض المصري لهذه التصريحات جزءًا من موقف أكبر ضد محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم. في هذا السياق، تناول التقرير التوترات التي أثيرت بسبب هذه التصريحات والمواقف العربية التي أكدت على رفض أي حل ينطوي على تهجير الفلسطينيين.
خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين تثير الغضب
وفقًا للتقرير، كانت خطة ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة جزءًا من الجدل الأوسع حول مستقبل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. في الوقت الذي كانت فيه العديد من جماعات حقوق الإنسان ودول غربية، بما في ذلك إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن، قد عارضت الفكرة باعتبارها تهجيرًا قسريًا وغير قانوني، جاء الرد العربي، خاصة من مصر والأردن، ليؤكد على رفض هذه الخطة. كان هناك إجماع عربي على أن فكرة تهجير الفلسطينيين هي انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحق الفلسطينيين في العيش في أراضيهم.
وأوضحت الصحيفة أن الجيران العرب لإسرائيل، وعلى رأسهم مصر والأردن، كانوا من بين أكثر المعارضين لهذه الفكرة، مشيرين إلى أن هناك خوفًا من أن تكون هذه الخطوة جزءًا من خطة إسرائيلية لإضعاف القضية الفلسطينية. في هذا السياق، أكد المسؤولون في الدولتين أن تهجير الفلسطينيين لا يمكن أن يكون حلاً لأي نزاع مع إسرائيل. بل على العكس، يعتبر ذلك استمرارًا لسياسات تهجير شعب بأسره، ما يؤدي إلى مزيد من التأزيم للمنطقة.
الموقف المصري الثابت ضد التهجير
وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الخارجية المصرية موقفها الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه، وأدان البيان التصريحات التي تتحدث عن إمكانية تهجير الفلسطينيين. وقال البيان، الصادر في 27 يناير 2025، إن مصر “تدعم بقوة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما يتوافق مع القوانين والقرارات الدولية”. وأضاف البيان أن مصر ستظل ضد أي محاولات تقوض حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك التهجير القسري. كما أشار إلى أن مصر قد تواصلت مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية لتأكيد رفض هذه السياسات.
وسبق أن أبدى سفير مصر في واشنطن، معتز زهران، رفضه الشديد لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، حيث نشر مقالًا في صحيفة “هيل” الأمريكية في أكتوبر 2023، وأعاد نشره مجددًا في يناير 2025. في هذا المقال، أكد زهران أن موقف مصر “واضح وثابت”، وأن نقل الفلسطينيين إلى سيناء يمثل نكبة جديدة تهدد وجودهم وتاريخهم في فلسطين. وأضاف أن “الفكرة مجرد مأساة لا يمكن تصورها لشعب صامد” يؤمن بحقوقه في أرضه.
الرفض الأردني للفكرة
أيضًا، كان الموقف الأردني مشابهًا للموقف المصري، حيث رفض وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فكرة تهجير الفلسطينيين. واعتبر أن “رفضنا لتهجير الفلسطينيين ثابت ولن يتغير”، مشيرًا إلى أن “الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين”. هذا التصريح يأتي في وقت حساس حيث تتزايد الضغوط الدولية والعربية بشأن الحلول الممكنة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
الوثيقة الإسرائيلية لتهجير سكان غزة
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد كانت هناك بعض التحركات التي أيدت فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة. فبعد أسابيع قليلة من بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، طرح مسؤولون إسرائيليون، بينهم داني أيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، فكرة إجلاء سكان غزة مؤقتًا إلى دول مجاورة. هذه الفكرة كان قد دعمها بعض حلفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكانوا يروجون لها في وسائل الإعلام الدولية.
وفقًا للصحيفة، تم تسريب وثيقة تخطيطية كتبتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية بعد أيام قليلة من الهجوم الأخير، والتي تضمنت اقتراحًا بإجلاء المدنيين من غزة إلى مناطق أخرى. وتعتبر هذه الوثيقة جزءًا من سلسلة من المحاولات الإسرائيلية لتقديم حلول بديلة للصراع مع الفلسطينيين، لكن في الوقت ذاته، يراها الكثيرون بمثابة محاولة لاستبدال الفلسطينيين أو محوهم من الذاكرة الإسرائيلية.
الانتقادات الفلسطينية والعربية للفكرة
من جانبها، عبرت المحامية الفلسطينية الكندية ديانا بوتو عن استنكارها لهذه الفكرة، مشيرة إلى أن فكرة محو غزة وإعادة بنائها تشكل معاملة للفلسطينيين وكأنهم كائنات يمكن استبدالها. وأضافت أن هذا النوع من التفكير يتجاهل تاريخ الفلسطينيين الطويل في غزة وحقهم المشروع في العودة إلى ديارهم.
أما سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز تشاتام هاوس للأبحاث، فقد أكدت أن مسألة النزوح الفلسطيني إلى الدول المجاورة تعتبر “خطًا أحمر” بالنسبة للدول العربية، وخاصة الأردن ومصر.
وقالت فاكيل إن اقتراح ترامب يمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة في دورها كوسيط في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وأوضحت أن هذه الفكرة يمكن أن تهدد مصداقية الولايات المتحدة كداعم لحل الدولتين، وهو الحل الذي لا يزال يحظى بدعم غالبية المجتمع الدولي.
الموقف الدولي من تهجير الفلسطينيين
على الرغم من الرفض الواضح من مصر والأردن، فإن موقف المجتمع الدولي لا يزال متباينًا. ففي الوقت الذي تحرص فيه بعض الدول على دعم حقوق الفلسطينيين، يوجد بعض الدول الغربية التي تدعم بشكل غير مباشر سياسات إسرائيل. ومع ذلك، فإن الموقف المصري والأردني يشكلان عنصرًا رئيسيًا في التوازن الإقليمي والدولي حول هذا الموضوع.
إن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حول تهجير الفلسطينيين من غزة لم تلقَ قبولًا من الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، اللتين أكدت كل منهما على موقفها الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني. وبالنظر إلى الوضع الراهن في المنطقة، فإن رفض هذه الأفكار يظل جزءًا من التزام الدول العربية بقضية فلسطين ورفض أي حلول لا تراعي حقوق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وإقامة دولتهم المستقلة.