ما حكم الإفطار في رمضان بسبب الأعمال الشاقة؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو) . الإفطار في رمضان هو موضوع يثير اهتمام العديد من المسلمين، خاصة أولئك الذين يواجهون تحديات صحية أو مهنية قد تؤثر على قدرتهم على الصيام.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في لقاء مع الإعلامي مهند السادات ببرنامج “فتاوى الناس” على قناة الناس، حكم الإفطار في رمضان بسبب الأعمال الشاقة. حيث أكد الدكتور فخر أن قرار الإفطار بسبب الأعمال الشاقة أو الإجهاد لا يمكن تعميمه على الجميع، بل يعتمد على القدرة الشخصية على الصيام والتحمل، وأوضح أن هناك ضوابط يجب أخذها بعين الاعتبار.
الأسس التي يعتمد عليها قرار الإفطار بسبب الأعمال الشاقة
أشار الدكتور فخر إلى أن المسلم الذي يقرر الصيام في رمضان يجب أن يشرع فيه بنية قوية وتوكل على الله بعد تناول السحور. وفي حديثه، أوضح أن نية الصيام تبدأ من السحور، الذي يعد عنصرًا أساسيًا في تحديد قدرة الشخص على الاستمرار في الصيام طوال اليوم.
فالنية هي بداية الفعل، ومتى توافر الصوم بنية صحيحة، فإن الشخص يتحمل مشقة الصيام، سواء كان العمل الذي يؤديه شاقًا أم لا. وبهذا المعنى، يجب أن يكون المسلم حريصًا على التوكل على الله قبل بدء يومه، حيث إن الله تعالى قد تكفل بتيسير الصيام.
فيما يتعلق بالأعمال الشاقة، قال الدكتور فخر إن مجرد كون العمل شاقًا لا يعني بالضرورة أن الصيام يصبح غير ممكن أو يجب الإفطار. فقد بيّن أن العديد من الأعمال قد تكون شاقة، مثل العمل في درجات حرارة مرتفعة أو الوقوف لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، ولكن لا يعني ذلك أن الشخص يجب أن يفطر.
الصيام هو عبادة تتطلب الصبر، ولكن في حالات معينة قد يكون العمل الشاق سببًا في الشعور بالإجهاد والتعب الشديد، مما قد يجعل من الصعب استكمال اليوم دون أخذ استراحة أو إفطار.
العمل الشاق والإجهاد الشديد
أوضح الدكتور فخر أن هناك فرقًا بين العمل الشاق والإجهاد الشديد. فالصيام لا يقتصر على أولئك الذين يعملون في وظائف مهنية شاقة، بل هو واجب على الجميع، حتى أولئك الذين قد يعملون في ظروف عادية. ومع ذلك، إذا كان العمل الذي يقوم به الشخص يتسبب في إجهاد شديد، يتجاوز قدرة الشخص على التحمل، هنا يمكن أن يكون الإفطار جائزًا. يجب أن يعتمد القرار على تقدير الشخص لحالته الجسدية ودرجة الإجهاد الذي يشعر به.
وقال إن الشخص الذي يعاني من حالة صحية تجعله غير قادر على إتمام يومه في صيامه نتيجة العمل الشاق، يجوز له الإفطار. وبحسب فتاوى عديدة، لا بد أن يتبع المسلم تعاليم الشريعة الإسلامية في هذا الصدد؛ حيث يلتزم بالصيام ما لم يكن ذلك يسبب له ضررًا صحيًا بالغًا، وفي حالة وجود خطر على صحته، فإن الشريعة تسمح له بالإفطار، على أن يكون ذلك بناءً على تقييم دقيق لحالته الصحية.
تقدير الوضع الشخصي قبل الإفطار
كما أضاف الدكتور فخر أن المسلم يجب أن يُقيّم حالته الشخصية بشكل دقيق قبل اتخاذ قرار الإفطار. فقد يواجه البعض إجهادًا غير طبيعي نتيجة للعمل الشاق، ولكن هذا لا يعني أنه يجب أن يُفطر بناءً على شعورهم بالتعب البسيط. فقد يحدث أن يشعر الشخص بتعب عادي نتيجة لممارسته عمله اليومي، ولكن ذلك لا يشير إلى ضرورة الإفطار.
ولذلك، أشار إلى أنه يجب على الشخص أن يكون يقظًا لحالته الصحية، وأن يقيم حالة الإجهاد بشكل موضوعي، دون أن يتسرع في اتخاذ القرار. من المهم أن يكون هذا القرار مدروسًا ويعتمد على تقييم حقيقي لحالة الشخص الصحية.
وأوضح الدكتور فخر أنه في حالات الإجهاد الشديد والمفرط، فإن الإفطار يصبح جائزًا وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، ولكن يجب التأكد من ذلك. وشدد على أن المسلم يجب أن يتحلى بالحذر في اتخاذ قرار الإفطار، وألا يفطر إلا إذا كان التعب غير محتمل ويؤثر بشكل سلبي على صحته أو يهدد سلامته. وأشار إلى أنه لا يجب أن يكون الشعور بالتعب المعتاد سببًا للإفطار، بل يجب أن يكون هناك قناعة تامة بأن الشخص غير قادر على التحمل وأن الصيام يشكل خطرًا على صحته.
أهمية الاستشارة الطبية
كما أكد الدكتور فخر على أهمية الاستشارة الطبية في حالات الشعور بالتعب الشديد أو المعاناة من ظروف صحية قد تؤثر على القدرة على الصيام. فمن الممكن أن يكون الشخص يعاني من أمراض مزمنة مثل السكري أو ضغط الدم، وهنا يصبح من المهم للغاية استشارة الطبيب لتحديد ما إذا كان الصيام مناسبًا لحالته الصحية أم لا.
وقد يساعد الطبيب في تقييم قدرة الشخص على الصيام بناءً على حالته الصحية ونصيحة طبية دقيقة. وإذا كانت هناك مخاوف صحية، يمكن أن ينصح الطبيب بالإفطار دون المساس بالواجب الديني، على أن يتم تعويض الأيام الفائتة في وقت لاحق إذا كانت الحالة الصحية تسمح بذلك.
الصيام والإرادة الشخصية
وأشار الدكتور فخر أيضًا إلى أن الصيام يتطلب قوة إرادة وصبر، ولكنه في الوقت نفسه ليس أمرًا يتطلب المعاناة إذا كان الشخص قادرًا على تحمله. وأوضح أنه يجب على المسلم أن يكون صبورًا ومرنًا في مواجهة التحديات اليومية التي قد تعترض طريقه أثناء فترة الصيام، مثل العمل الشاق أو الظروف البيئية القاسية. من المهم أن يثق المسلم في قدرته على مواصلة الصيام ما دام لا يشكل ذلك خطرًا على صحته، وألا يسمح لأي ظروف أو تحديات بإيقافه عن أداء هذه العبادة العظيمة.
أكد الدكتور علي فخر على أن القرار بشأن الإفطار في رمضان بسبب الأعمال الشاقة يجب أن يكون مدروسًا بناءً على قدرة الشخص الصحية والبدنية. من المهم أن يحدد الشخص ما إذا كان بإمكانه تحمل الصيام أم لا، وإذا كان الإجهاد والتعب الشديد يمنعانه من الاستمرار، فإن الإفطار يصبح جائزًا.
ومع ذلك، يجب أن يعتمد هذا القرار على تقييم حقيقي لحالة الشخص، وألا يتسرع في اتخاذه دون أن يكون هناك سبب مبرر. في حالة الضرورة، يمكن للمسلم الإفطار، ولكن عليه أن يحترم قواعد الشريعة الإسلامية التي تأخذ في الاعتبار حالة الفرد الصحية والجسدية.