المولد والنشأة
وُلد نائل البرغوثي في 23 أكتوبر 1957 في قرية كوبر الواقعة بمحافظة رام الله والبيرة. نشأ في تلك القرية، حيث كانت البداية في مسيرته النضالية، وتأثر بشدة بالأحداث التي كانت تجري حوله منذ سن مبكرة. تعلم في مدارس قريته وواصل دراسته في مدينة بيرزيت، حيث أكمل دراسته الإعدادية والثانوية. كان نائل معروفًا بين زملائه بحبه للقراءة والثقافة، فقد أظهر اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ الفلسطيني وعرف بلقب “أبوالنور” بين الأسرى.
مسيرة النضال والمقاومة
بدأ نائل البرغوثي رحلته النضالية منذ عام 1967 عندما تعرضت قريته للاجتياح من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث شارك نائل مع شقيقه عمر وابن عمه فخري في مقاومة الاحتلال بالحجارة، ليبدأ مشواره في الانخراط في خلايا المقاومة الفلسطينية. في 18 ديسمبر 1977، تم اعتقاله للمرة الأولى وحكم عليه بالسجن لمدة 3 أشهر.
في أبريل 1978، اعتقل نائل مجددًا مع شقيقه عمر وابن عمهما فخري، بعد اتهامهم بتنفيذ عمليات مقاومة ضد الاحتلال، ليُحكم عليهم بالسجن المؤبد. كانت هذه بداية معاناته الطويلة في السجون الإسرائيلية.
الانضمام إلى حماس
على الرغم من انخراطه المبكر في العمل المقاوم، إلا أن نائل كان قد حاول في وقت ما الانضمام إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. لكن في وقت لاحق، ومع انطلاق مسار التسوية وظهور اتفاقية أوسلو، انضم نائل إلى حركة حماس تعبيرًا عن احتجاجه على تلك الاتفاقيات التي اعتبرها منحازة للاحتلال، ليصبح جزءًا من المقاومة المسلحة تحت لواء حماس.
الإفراج الأول وصفقة “وفاء الأحرار”
في 18 أكتوبر 2011، تم الإفراج عن نائل البرغوثي في صفقة “وفاء الأحرار” بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، التي أفضت إلى إطلاق سراح أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
بعد إطلاق سراحه، عاد نائل إلى قريته كوبر حيث تزوج من الأسيرة المحررة إيمان نافع في نوفمبر من نفس العام، وبدأ حياته الجديدة بالرغم من القيود التي فرضها الاحتلال عليه. كان يضطر للخضوع للإقامة الجبرية في رام الله، بالإضافة إلى توقيعه دوريًا لدى سلطات الاحتلال.
إعادة الاعتقال والمعاناة المستمرة
لم تمضِ سوى 32 شهرًا على إطلاق سراح نائل حتى أعاد الاحتلال اعتقاله في 18 يونيو 2014، ليتم الحكم عليه بالسجن 30 شهرًا إضافية. ولكن بعد انتهاء مدة محكوميته، قررت السلطات الإسرائيلية إعادته إلى حكم المؤبد إضافة إلى 18 عامًا أخرى، بزعم وجود “ملف سري”. استمر البرغوثي في تحدي السجان الإسرائيلي في سجنه.
التنكيل بعائلة البرغوثي
عانت عائلة البرغوثي كثيرًا من التنكيل الإسرائيلي على مدار السنين، حيث تم اعتقال العديد من أفراد عائلته ورفض الاحتلال إدراج اسمه في صفقة تبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية في عام 1985، كما رفض أن يتم إدراج اسمه في صفقة مع السلطة الفلسطينية في عام 1993. وعاش نائل مأساة فقدان والديه في الأسر، حيث توفي والده في عام 2004، وتوفيت والدته بعد عام من ذلك، ولم يتمكن نائل من وداعهما بسبب اعتقاله.
نائل البرغوثي، الذي عانى من ظلم الاحتلال وتنكيله لعقود طويلة، يظل أسطورة فلسطينية حية ورمزًا للنضال والصمود. 45 عامًا في السجون لم تكسر عزيمته أو إرادته في مقاومة الاحتلال، مما جعله يعتبر من أقدم الأسرى في العالم. قصته هي قصة شعب بأسره يواصل نضاله من أجل الحرية والكرامة.