ومع تراكم الأجيال وتعقّد الأوضاع الاقتصادية، تحوّل الملف إلى قضية شائكة ألقت بظلالها على ملايين المواطنين، سواء من الملاك الذين حُرموا من استثمار ممتلكاتهم بشكل عادل، أو المستأجرين الذين يعيشون في وحدات أصبحت قديمة وغير مناسبة أحيانًا، لكنهم متمسكون بها لانخفاض قيمتها الإيجارية مقارنة بأسعار السوق المرتفعة.
تحرك حكومي لحل الأزمة
مع بداية عام 2025، أعلنت الحكومة المصرية أنها بصدد اتخاذ خطوات جادة لإحداث تحول جذري في ملف الإيجار القديم. ويأتي هذا التحرك في إطار سعي الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ومنع أي ممارسات قد تؤدي إلى تشريد الأسر البسيطة أو الإضرار بحقوق الملاك. وترتكز الخطة الجديدة على مبدأ التوازن بين مصالح الطرفين، مع تقديم حلول عملية تضمن استقرار المجتمع.
ومن بين أبرز ما أعلنته الحكومة، توفير وحدات سكنية بديلة للفئات الأكثر احتياجًا، بحيث لا تتأثر حياتهم سلبًا في حال تعديل أو إنهاء عقود الإيجار القديمة.
وتؤكد وزارة الإسكان أن هذه الخطوة ليست مجرد بديل سكني، وإنما محاولة لإرساء مبدأ أن السكن حق إنساني أساسي لا يمكن المساس به.
الفئات المستهدفة
وضعت وزارة الإسكان بالتعاون مع الجهات المعنية معايير دقيقة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين، ومن أبرز هذه الفئات:
الأرامل اللاتي فقدن المعيل ويعانين من غياب مصدر دخل ثابت.
المطلقات اللواتي يواجهن تحديات اقتصادية واجتماعية بعد الانفصال.
الأسر محدودة الدخل التي كانت تعتمد على عقود الإيجار القديمة منخفضة القيمة لتأمين مسكنها.
الحالات الإنسانية الخاصة التي يتم اعتمادها وفق تقارير اللجان الاجتماعية المختصة.
خطوات التقديم على الوحدات البديلة
لتبسيط الإجراءات وضمان الشفافية، وضعت الحكومة نظامًا ميسّرًا للتقديم على الوحدات البديلة، يشمل:
تقديم طلب رسمي في مكاتب الإسكان بالمحافظات.
إرفاق المستندات المطلوبة مثل بطاقة الرقم القومي، عقد الإيجار القديم، وقسيمة الطلاق أو شهادة الوفاة.
تسجيل البيانات إلكترونيًا عبر المنصات الحكومية لضمان دقة التوزيع.
مراجعة الطلبات بواسطة لجان متخصصة للتأكد من الاستحقاق.
إخطار المستفيدين بمواعيد تسليم الوحدات وإتاحة نظم تقسيط ميسّرة للقيمة الإيجارية الجديدة.
مميزات الوحدات الجديدة
حرصت وزارة الإسكان على أن تراعي الوحدات السكنية الجديدة معايير الحياة الكريمة، فجاءت أبرز المزايا كالتالي:
قيمة إيجارية منخفضة تتناسب مع دخول الأسر.
تجهيز كامل بالمرافق والخدمات الأساسية (مياه، كهرباء، غاز).
مواقع سكنية قريبة من المدارس والمستشفيات والخدمات الحكومية.
أولوية التخصيص للأرامل والمطلقات ومحدودي الدخل.
ربط الدعم السكني ببرامج الحماية الاجتماعية مثل تكافل وكرامة لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي.
رؤية الدولة للمستقبل
تؤكد الحكومة المصرية أن ملف الإيجار القديم لن يُترك معلقًا كما كان في السابق. فالرؤية المستقبلية ترتكز على إعادة هيكلة منظومة السكن بما يحافظ على حقوق المستأجرين الضعفاء.
وفي الوقت ذاته يمنح الملاك حقهم في استثمار عقاراتهم بشكل عادل. كما تهدف الدولة إلى استبدال الوحدات القديمة بأخرى حديثة، في إطار خطط التطوير العمراني وتشييد المدن الجديدة.
هذا التوجه لا يقتصر على الجانب السكني فقط، بل يحمل بُعدًا اجتماعيًا واقتصاديًا، إذ يسهم في دعم سوق العقارات، ويضمن استقرار الأسر المصرية، ويمنع النزاعات القضائية التي طالما شغلت المحاكم لسنوات طويلة بسبب قضايا الإيجار القديم.
إن خطة الحكومة للتعامل مع أزمة الإيجار القديم في 2025 تمثل نقلة نوعية في مسار العدالة الاجتماعية، حيث تسعى الدولة إلى تحقيق التوازن بين حماية الفئات الضعيفة وتمكين الملاك من حقوقهم، مع توفير بدائل عملية تحفظ كرامة المواطن وتضمن استقرار المجتمع. وبذلك، تتحول هذه القضية من مصدر للنزاعات إلى نموذج لحلول واقعية تراعي مصلحة الجميع.