قانون الإيجار القديم بعد التعديل موعد التطبيق وحالة تعرقل التنفيذ . لا يزال قانون الإيجار القديم يشكل محورًا لاهتمام شريحة واسعة من المواطنين في مصر، سواء من الملاك الذين يرون فيه خطوة نحو استعادة حقوقهم المجمدة منذ عقود، أو من المستأجرين الذين يخشون من تبعات التعديلات المحتملة على استقرارهم السكني والاجتماعي.
وجاءت الموافقة البرلمانية على القانون المعدل خلال شهر يوليو الجاري لتعيد إشعال النقاشات حول ما إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسي سيصدق عليه في الوقت المحدد، أم أن مصيره سيظل معلقًا في انتظار تشكيل برلمان جديد.
متى يُصبح القانون نافذًا؟
بموجب أحكام الدستور المصري، يمتلك رئيس الجمهورية مهلة لا تتجاوز 30 يومًا للتصديق على أي قانون يقره البرلمان. وبالنسبة لقانون الإيجار القديم المعدل، فإن هذه المهلة تنتهي في الأول من أغسطس 2025.
وفي حال عدم صدور قرار بالتصديق خلال هذه الفترة، فإن القانون يُعتبر نافذًا بقوة الدستور، ويُنشر في الجريدة الرسمية بشكل تلقائي. أما إذا قرر الرئيس رفض القانون، فيعاد مرة أخرى إلى البرلمان لإعادة النظر فيه، وهو سيناريو يصعب تنفيذه حاليًا نظرًا لفض دور الانعقاد التشريعي.
توقيت حرج وتحديات معقدة
تأتي هذه التعديلات في وقت تمر فيه مصر بتحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب قرارات متزنة وحلولًا تشريعية عادلة. ويمثل قانون الإيجار القديم نقطة تماس بين المصلحة العامة والحفاظ على السلم الاجتماعي، وبين رغبة الدولة في تصحيح أوضاع اقتصادية غير عادلة تراكمت منذ عقود. كما يتطلب القانون الجديد إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية بين الطرفين، بما يضمن كلاً من العدالة للملاك والاستقرار للمستأجرين، وهو ما يجعل توقيت تطبيقه بالغ الحساسية.
أبرز تعديلات القانون الجديد
جاء القانون المعدل محمّلًا بجملة من البنود التي تعكس رؤية تشريعية جديدة لتنظيم سوق الإيجارات في مصر. ويعتمد على آليات واضحة لتحديد القيمة الإيجارية، وفقًا للموقع الجغرافي والنشاط المستخدم فيه العقار، مع وضع حد للعقود الممتدة وتوفير مسارات انتقالية سلسة للطرفين.
تسعير الوحدات السكنية
وفقًا للتعديل الجديد، يتم تسعير الوحدات السكنية على النحو التالي:
المناطق المتميزة: زيادة الإيجار 20 ضعفًا من القيمة الحالية، بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا.
المناطق المتوسطة: 10 أضعاف القيمة الحالية، بحد أدنى 400 جنيه.
المناطق الاقتصادية: 10 أضعاف القيمة الحالية، بحد أدنى 250 جنيهًا.
وتسري هذه القيم بعد انتهاء لجان الحصر والتصنيف في كل محافظة. وحتى صدور نتائج الحصر، يدفع المستأجرون مؤقتًا 250 جنيهًا، مع تقسيط الفروق بعد تحديد القيمة النهائية.
إيجارات الوحدات غير السكنية
أما الوحدات المستخدمة لأغراض تجارية أو صناعية أو إدارية، فقد تم تحديد إيجاراتها بخمسة أضعاف القيمة الحالية، ويبدأ العمل بها من الشهر التالي لنفاذ القانون، دون الحاجة إلى إجراء تعديلات في العقود الحالية.
زيادة سنوية تراكمية
من البنود الجوهرية في القانون المعدل، تطبيق زيادة سنوية تراكمية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية، سواء للوحدات السكنية أو غير السكنية. وتُطبّق هذه الزيادة تلقائيًا دون الحاجة لتوقيع عقود جديدة، ما يوفر آلية مضمونة لضبط القيمة الإيجارية مع مرور الوقت.
حالات الإخلاء الفوري
أقر القانون حالتين رئيسيتين تتيحان للمؤجر التقدم بطلب إلى القضاء لإخلاء الوحدة فورًا:
ترك الوحدة مغلقة لمدة تتجاوز سنة دون مبرر مقبول.
امتلاك المستأجر لوحدة بديلة صالحة للاستعمال ذاته في ذات المحافظة أو أخرى.
وتُعد هذه المواد من أكثر البنود المثيرة للجدل، لما تحمله من تأثير مباشر على استقرار عدد كبير من الأسر المستأجرة.
حلول إنسانية من الدولة
لم تغفل التعديلات البعد الاجتماعي، حيث نص القانون على إمكانية حصول المستأجر على وحدة بديلة، سواء بنظام الإيجار أو التمليك، وذلك عبر التقديم إلى الجهات المعنية. وتُمنح الأولوية في هذه الحالات للفئات الأولى بالرعاية، مثل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، شريطة التنازل الطوعي عن الوحدة القديمة بإقرار رسمي.
إلغاء القوانين القديمة
في خطوة تهدف لتوحيد المنظومة التشريعية، ينص القانون الجديد على إلغاء القوانين السابقة المنظمة للإيجارات، وهي القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981. ويتم تنفيذ هذا الإلغاء تدريجيًا على مدى سبع سنوات من تاريخ تطبيق القانون، ما يمنح الأطراف مهلة لتوفيق الأوضاع والتأقلم مع التشريعات الجديدة.
مستقبل القانون رهن توقيع الرئيس
بين مؤيد ومعارض، يبقى مصير قانون الإيجار القديم المعدل معلقًا حتى تصدر رئاسة الجمهورية قرارها النهائي. فإما أن يُصدق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه، ويبدأ تطبيقه رسميًا مع مطلع أغسطس، أو يعترض عليه ويُعاد إلى البرلمان لمراجعته مرة أخرى، وهو احتمال صعب التنفيذ في ظل غياب الانعقاد التشريعي.
في نهاية المطاف، يُعتبر قانون الإيجار القديم خطوة جادة نحو تنظيم قطاع الإيجارات في مصر، بما يضمن عدالة العلاقة التعاقدية ويحمي حقوق الطرفين. لكنه في الوقت نفسه يفتح بابًا واسعًا أمام تحديات اجتماعية، تتطلب مراعاة دقيقة عند التنفيذ، من خلال إجراءات داعمة مثل الإسكان البديل والدعم الاجتماعي للفئات غير القادرة.
وبينما يترقب الشارع المصري حسم هذا الملف التاريخي، يظل قرار الرئيس هو الحلقة الأخيرة التي ستحدد ما إذا كان القانون سيدخل حيز التنفيذ، أم سيظل مؤجلًا لحين اتضاح ملامح البرلمان المقبل.