أحكام المحكمة الدستورية وتداعياتها على قانون الإيجار القديم
يُذكر أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في وقت سابق بأن استمرار العمل بأجرة الأماكن المؤجرة لأغراض سكنية، حسب القانون رقم 136 لعام 1981، يعد مخالفة لأحكام الدستور. وقد أكدت المحكمة ضرورة تدخل المشرع لتعديل الوضع القائم بهدف تحقيق التوازن في العلاقة الإيجارية بين المستأجرين والملاك.
يأتي هذا الحكم في وقت حساس حيث تزايدت الضغوط من جانب الملاك الذين يرون أن الأجور التي يتلقونها من المستأجرين أصبحت لا تتناسب مع قيمة العقارات الحالية، بينما يواجه المستأجرون صعوبة في تحمل الزيادة المحتملة في الأجور.
تطوير العلاقة بين المالك والمستأجر: محاولات للإنصاف
وتعقيباً على تلك التطورات، أوضح المستشار ميشيل حليم، المستشار القانوني لرابطة المستأجرين والمستشار لدى مفوضية الأمم المتحدة، أن أي قانون أو حكم يتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية سيتم إلغاؤه، مشيرًا إلى أن البرلمان لم يناقش حتى الآن أي مشروع قانون لتعديل قانون الإيجار القديم، كما يروج البعض.
وأضاف أن البرلمان ملزم بتطبيق كل ما ورد في حكم المحكمة الدستورية، بما في ذلك تفسيره، لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين. من جهته، أشار إلى أن هذا التعديل يستهدف تحقيق العدالة بين الطرفين، خاصة في ظل تزايد الشكاوى من الملاك الذين يشعرون بأن الإيجارات الحالية لا تعكس القيمة الحقيقية للعقارات.
مناقشة تعديل قانون الإيجار القديم في البرلمان
من المتوقع أن يبدأ مجلس النواب في مناقشة مشروع تعديل قانون الإيجار القديم في دور الانعقاد الحالي، عقب إصدار حكم المحكمة الدستورية. وسيكون لهذا التعديل تأثير كبير على ما يزيد عن مليونين من المستأجرين والملاك في مختلف أنحاء مصر. يهدف التعديل إلى تعديل قيمة الإيجار بطريقة تراعي التغيرات الاقتصادية والتضخم الذي يؤثر على جميع القطاعات.
التعديلات المقترحة في مشروع قانون الإيجار القديم
كشف أحمد البحيري، المستشار القانوني لرابطة ملاك الإيجار القديم، عن أبرز النقاط التي يتضمنها مشروع القانون الجديد، والتي تشمل فترة انتقالية لتحرير القيمة الإيجارية. يشمل المشروع تحرير الإيجار السكني خلال 3 سنوات، والإيجار التجاري خلال سنة واحدة، إضافة إلى تفعيل خطة لترميم العقارات التي تهدد بالانهيار في فترة لا تتجاوز 6 أشهر.
وأوضح البحيري خلال تصريحاته لبرنامج “كلمة أخيرة” المذاع على شاشة “ON E”، أن تحديد القيمة الإيجارية الجديدة سيكون بناءً على المعيار الضريبي للعقار، مع الأخذ في الاعتبار 60% من القيمة الضريبية التي تحددها مصلحة الضرائب العقارية. وبذلك، فإن هذا النظام سيتبع أسساً اقتصادية أكثر عدالة ويضمن تحديث الأجور لتواكب القيمة السوقية للعقارات.
زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية: من 60% إلى 100%
تتضمن التعديلات المقترحة زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية على مدار 3 سنوات. ففي السنة الأولى، سيتم تحديد الإيجار على أساس 60% من القيمة السوقية للعقار، وفي السنة الثانية، سترتفع النسبة إلى 80%، على أن يصل الإيجار في السنة الثالثة إلى 100% من القيمة السوقية. هذه الزيادة التدريجية تهدف إلى منح المستأجرين فرصة للتكيف مع التغييرات الاقتصادية وزيادة الأجور دون أن تتسبب في عبء مالي ثقيل عليهم في البداية.
الإيجار التجاري: فترة انتقالية أقصر
أما بالنسبة للإيجارات التجارية، فتعتبر الفترة الانتقالية أقصر بكثير. حيث سيشهد المستأجرون التجاريون رفع الإيجارات تدريجياً على مدار سنة واحدة فقط. ويبرر ذلك أن المستأجرين التجاريين بالفعل يتعاملون مع قيم السوق في أغلب الحالات، وبالتالي فإن سنة واحدة ستكون كافية لرفع الأجرة لتتناسب مع القيم السوقية الحالية.
مصلحة الضرائب العقارية: دورها في تحديد القيمة الإيجارية
تكمن أهمية مصلحة الضرائب العقارية في تحديد القيمة الإيجارية من خلال الاعتماد على التقييم الضريبي للأملاك، وهو ما يضمن الشفافية والعدالة في تحديد أسعار الإيجار. ذلك أن القيمة الضريبية تعد من المؤشرات الدقيقة التي تعكس قيمة العقار في السوق، وبالتالي فإن تحديد القيمة الإيجارية بناءً على هذا المعيار سيكون أكثر توافقًا مع الواقع الاقتصادي للملاك والمستأجرين على حد سواء.
التوازن بين المالك والمستأجر: التحديات والفرص
من الواضح أن تعديل قانون الإيجار القديم يعكس محاولات لتحقيق توازن عادل بين حقوق الملاك والمستأجرين. وفي حين أن الملاك يسعون إلى رفع قيمة الإيجار بما يتناسب مع القيمة السوقية، فإن المستأجرين يعانون من تزايد الأعباء المالية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. لذا فإن التعديلات المقترحة، وإن كانت ستؤدي إلى زيادة في قيمة الإيجارات، فإنها تمنح المستأجرين فترة انتقالية لتخفيف أثر هذه الزيادة تدريجيًا.
تعد التعديلات المقترحة على قانون الإيجار القديم خطوة مهمة نحو تحقيق التوازن بين حقوق المستأجرين والملاك. من المتوقع أن تؤدي هذه التعديلات إلى تحسين العلاقة بين الطرفين وتحقيق العدالة في تحديد قيمة الإيجارات، مما يسهم في تقليل النزاعات المتعلقة بهذه القضية.