فوائد شاي النعناع الخفية لصحتك وجهازك الهضمي . في وقت يبحث فيه الكثيرون عن وسائل طبيعية لتحسين الذاكرة وتعزيز التركيز والقدرات الذهنية، تأتي الأبحاث العلمية لتؤكد ما كانت تعرفه الثقافات القديمة بالفطرة: شاي النعناع ليس مجرد مشروب مهدئ، بل له فوائد مذهلة لصحة الدماغ.
ففي دراسة بريطانية حديثة نشرتها مجلة Nutritional Neuroscience، كشفت نتائج واعدة حول أثر شاي النعناع على وظائف الدماغ، بما في ذلك تحسين الانتباه، تعزيز الذاكرة، ورفع كفاءة الأداء الإدراكي.
تفاصيل الدراسة.. كيف تم اختبار تأثير شاي النعناع؟
أجرى فريق من الباحثين البريطانيين تجربة علمية هدفت إلى استكشاف العلاقة بين استهلاك شاي النعناع والأداء الإدراكي. شارك في التجربة 25 متطوعًا من الأصحاء، تم تقسيمهم إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى تناولت كوبًا من شاي النعناع الطازج (حوالي 200 ملل).
المجموعة الثانية لم تتناول المشروب وتم استخدامها كمجموعة ضابطة للمقارنة.
بعد مرور 20 دقيقة فقط على تناول المشروب، خضع المشاركون لسلسلة من الاختبارات الإدراكية التي تتطلب تركيزًا ذهنيًا عاليًا، مثل اختبارات الذاكرة قصيرة المدى، والتعرف على الكلمات والصور، والمهارات الذهنية المرتبطة بالسرعة والاستجابة.
النتائج: تحسن ملحوظ في الأداء الإدراكي والذاكرة
أظهرت النتائج أن أفراد المجموعة التي تناولت شاي النعناع قد حققوا أداءً أفضل بشكل ملحوظ مقارنة بالمجموعة الأخرى، خصوصًا في اختبارات الذاكرة التي تتطلب تذكر الكلمات والصور.
ولم يقتصر التحسن على جانب واحد فقط من الأداء العقلي، بل شمل سرعة المعالجة الذهنية، ودقة الاستجابة، والانتباه المستمر، وهي مؤشرات مهمة تُستخدم لقياس الأداء التنفيذي للدماغ.
تدفق الدم في الدماغ: دور القشرة الجبهية
رصد الباحثون أيضًا زيادة في تدفق الدم داخل القشرة الجبهية للدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن الوظائف التنفيذية مثل التخطيط، اتخاذ القرار، التركيز، والتحكم في السلوك.
هذه النتائج تشير إلى أن شرب شاي النعناع يمكن أن يُحفز النشاط العصبي في مناطق حيوية داخل الدماغ، بما يدعم صحة الدماغ على المدى القصير وربما على المدى الطويل إذا استُهلك بانتظام.
الميثول: السرّ وراء التأثير الإيجابي
أرجع العلماء هذا التحسن الملموس في الوظائف الذهنية إلى المركب الفعّال الموجود في النعناع، والمعروف باسم الميثول (Menthol)، والذي يتمتع بخصائص فريدة تؤثر على الجهاز العصبي المركزي.
الميثول يعمل على تحفيز المستقبلات العصبية ويُعتقد أنه يُعزز من فعالية بعض الناقلات العصبية، وأبرزها الأستيل كولين، وهو مركب حيوي له دور كبير في عمليات التعلم والذاكرة.
ما يلفت الانتباه أكثر، بحسب الباحثين، هو أن التحسن في الوظائف الذهنية لم يكن مرتبطًا فقط بتحسن تدفق الدم أو الدورة الدموية، بل كان هناك تأثير مباشر على كيمياء الدماغ نفسها، مما يجعل شاي النعناع مشروبًا فعالًا في دعم الأداء الذهني بطرق متعددة.
الفوائد الإضافية لشاي النعناع
إلى جانب تأثيره على الدماغ، يُعرف شاي النعناع منذ قرون بفوائده الصحية الأخرى، ومنها:
تهدئة المعدة والجهاز الهضمي: يساعد في تخفيف التقلصات والغثيان والانتفاخ.
مضاد للميكروبات: يحتوي على مركبات تساعد في محاربة البكتيريا.
تقليل التوتر وتحسين المزاج: يعزز الشعور بالاسترخاء ويقلل من مستويات التوتر.
تخفيف الصداع: خصوصًا صداع التوتر أو الناتج عن مشاكل في الهضم.
تحسين التنفس: يفتح الممرات الهوائية ويساعد على التنفس بعمق.
كيف تستفيد من شاي النعناع لتعزيز التركيز؟
لتحقيق أقصى استفادة من هذا المشروب السحري، ينصح الخبراء بالتالي:
تحضير النعناع الطازج: استخدم أوراق نعناع طازجة بدلًا من النعناع المجفف أو النكهات الصناعية.
نقع لمدة 5–7 دقائق: للحصول على تركيز مناسب من الميثول والعناصر الفعالة.
تجنب إضافة السكر: لتفادي تقلبات مستويات الطاقة التي قد تؤثر سلبًا على التركيز.
تناوله في أوقات الدراسة أو العمل: كوب من شاي النعناع في الصباح أو أثناء فترات الدراسة قد يعزز اليقظة الذهنية.
يفضل قبل المهام العقلية: مثل الامتحانات، القراءة، أو الاجتماعات المهمة.
هل هناك محاذير؟
رغم فوائده، يُنصح بتناول شاي النعناع باعتدال، وخصوصًا في الحالات التالية:
الأشخاص الذين يعانون من ارتجاع المريء، لأن النعناع قد يسبب استرخاء عضلة المريء السفلى ويزيد من الأعراض.
الحوامل أو المرضعات، يجب استشارة الطبيب قبل تناوله بانتظام.
مرضى الحساسية من النعناع أو الميثول، لتجنب أي رد فعل تحسسي.
في زمن تزداد فيه الضغوط العقلية والمهام الذهنية، يثبت شاي النعناع أنه ليس مجرد مشروب تقليدي منعش، بل أداة طبيعية فعالة لدعم التركيز وتحسين وظائف الدماغ. ومع تأكيد الدراسات العلمية الحديثة على فعاليته، بات من المنطقي أن نُدرجه ضمن روتيننا اليومي، سواء صباحًا لبدء اليوم بيقظة ذهنية، أو مساءً للتهدئة والاسترخاء.
جرّب كوبًا من شاي النعناع بوعي.. فقد يكون الخطوة الصغيرة التي تُحدث فرقًا كبيرًا في تركيزك، إنتاجيتك، وصحة دماغك على المدى الطويل.