فوائد القهوة اليومية سنوات إضافية من الصحة والعافية . شرب القهوة يوميًا.. عادة صباحية قد تطيل حياتك وتحسّن صحتك مع التقدم في العمر ولطالما ارتبطت القهوة بالنشاط والحيوية، وكانت ولا تزال المشروب الأكثر شعبية في العالم لبدء يوم جديد بطاقة متجددة.
إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة بدأت تُلقي الضوء على فوائد إضافية غير متوقعة للقهوة، تتعدى مجرد اليقظة وتحسين المزاج، لتصل إلى احتمالية إطالة العمر وتحسين جودة الحياة الصحية مع التقدم في السن.
في دراسة جديدة نشرتها المجلة الأوروبية للتغذية (European Journal of Nutrition)، توصل باحثون إلى أن تناول القهوة بانتظام قد يكون له أثر وقائي ضد مظاهر الوهن والضعف المرتبطة بالتقدم في العمر، ما يعزز من قدرة الأفراد على التمتع بحياة أكثر نشاطًا واستقلالية في مراحل الشيخوخة. واعتمدت هذه الدراسة على متابعة طويلة الأمد لسلوكيات نمط الحياة، وخاصة ما يتعلق باستهلاك القهوة، لدى مجموعة من كبار السن.
الدراسة التي أجريت في هولندا، شملت بالغين تبلغ أعمارهم 55 عامًا فما فوق، وتتبعت مستويات استهلاكهم اليومي للقهوة على مدار سبع سنوات متواصلة. ووجد الباحثون أن الأفراد الذين اعتادوا شرب أكثر من أربعة أكواب من القهوة يوميًا، أظهروا انخفاضًا كبيرًا في احتمالية الإصابة بالوهن الجسدي والعقلي عند التقدم في السن.
مقارنة بأقرانهم الذين لم يشربوا القهوة أو تناولوها بكميات أقل. حتى أولئك الذين شربوا ما بين كوبين إلى أربعة أكواب يوميًا، استفادوا من فوائد ملموسة، وإن كانت أقل مقارنةً بالشاربين الأكبر.
ومع ذلك، من المهم توضيح المقصود بـ “الكوب” في سياق هذه الدراسات. ففي الدراسة الأوروبية، يبلغ حجم الكوب الواحد نحو 4.2 أونصة سائلة، أي ما يعادل تقريبًا نصف حجم الكوب الأمريكي التقليدي الذي يصل إلى 8 أونصات.
وهذا يعني أن “أربعة أكواب أوروبية” توازي نحو كوبين أمريكيين فقط. لذلك، فإن التوصية الضمنية من هذه الدراسة لا تحفّز على الإفراط، بل على الاعتدال والاستمرارية.
النتائج أوضحت بجلاء أن العلاقة بين القهوة والصحة لا تقتصر على مجرد التنشيط الذهني، بل ترتبط بتأثيرات بيولوجية قد تؤثر على عملية الشيخوخة نفسها. فالوهن، والذي يُعد مرحلة انتقالية بين التقدم الطبيعي في العمر وحالة الإعاقة، يتميز بانخفاض الطاقة، وضعف العضلات، وقلة النشاط البدني، وزيادة احتمالية السقوط أو الإصابة بالأمراض المزمنة.
وتؤكد الدراسة أن القهوة، بفضل احتوائها على مركبات نشطة بيولوجيًا مثل البوليفينولات، والكافيين، ومضادات الأكسدة، قد تساهم في إبطاء هذه التدهورات المرتبطة بالعمر.
وتشير أبحاث أخرى سابقة إلى أن القهوة قد تقلل من الالتهابات، وتحسّن حساسية الأنسولين، وتدعم صحة الأوعية الدموية، وهي جميعها عوامل مرتبطة بصحة الشيخوخة والوقاية من الأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، وحتى بعض أنواع السرطان.
لكن ما السر وراء هذا التأثير الإيجابي للقهوة؟
بحسب الباحثين، فإن أحد أهم العناصر الفاعلة في القهوة هو الكافيين، والذي يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وقد يُسهم في تحسين المزاج، وتعزيز الوظائف المعرفية، وتحفيز النشاط البدني، مما يجعل الفرد أكثر قدرة على الحركة والتفاعل مع محيطه، وهي أمور جوهرية للوقاية من الضعف العام.
إلى جانب الكافيين، تلعب المركبات النباتية الأخرى دورًا في حماية الخلايا من الأكسدة، وتحسين عمليات الأيض، وتنظيم ضغط الدم، وهي مجتمعة تسهم في تحسين الأداء الصحي العام على المدى الطويل.
ولعل اللافت في نتائج الدراسة أنها لم تقتصر على فئة عمرية ضيقة أو على خلفيات صحية معينة، بل شملت مجموعة متنوعة من الأفراد، مما يعطيها وزنًا علميًا كبيرًا، ويزيد من إمكانية تطبيق نتائجها على شرائح أوسع من المجتمع.
كما أن تأثير القهوة ظهر حتى لدى الأفراد الأصحاء الذين لم يكونوا يعانون من أعراض الضعف أو أي أمراض مزمنة في بداية الدراسة، ما يشير إلى دور وقائي محتمل، وليس فقط علاجي.
مع ذلك، تبقى بعض المحاذير ضرورية. فبالرغم من أن القهوة تحمل فوائد متعددة، فإن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل الأرق، وتسارع ضربات القلب، وزيادة التوتر، خاصة لدى من لديهم حساسية للكافيين.
كما أن بعض الأشخاص قد يعانون من مشكلات في المعدة أو ضغط الدم المرتفع عند تناول القهوة بكثرة، ولهذا يُنصح دومًا بمراعاة الفروق الفردية ومراعاة التوصيات الطبية الخاصة بكل حالة.
وفي الختام، يبدو أن القهوة ليست مجرد مشروب صباحي يمنحك النشاط، بل قد تكون أداة فعالة لتعزيز الصحة العامة وإطالة سنوات العمر الصحي، إذا ما تم تناولها باعتدال ضمن نمط حياة متوازن.
وبينما لا يجب الاعتماد على القهوة وحدها كوسيلة لمقاومة الشيخوخة، فإن دمجها ضمن نظام غذائي صحي ومتنوع، مصحوبًا بالنشاط البدني والنوم الجيد والتقليل من التوتر، قد يشكّل معادلة ناجحة لحياة أطول وأكثر حيوية.
فهل حان الوقت لاحتساء فنجانك اليومي من القهوة وأنت أكثر يقينًا بأنه قد يضيف لحياتك سنوات من الصحة والعافية؟