فرنسا تواجه تفشي مرض خطير.. وتحذيرات طبية من مخاطر الانتشار . شهدت منطقة جنوب شرق فرنسا خلال الأيام الأخيرة حالة من القلق المتصاعد بعد إعلان وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس” عن تسجيل أكثر من 40 إصابة مؤكدة بمرض الليجيونيلا، وهو أحد الأمراض البكتيرية الخطيرة التي تصيب الجهاز التنفسي.
هذا التطور أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الصحية الفرنسية، خاصة في ظل خطورة المرض وسرعة انتشاره في الأماكن المغلقة، وهو ما دفع السلطات إلى رفع مستوى التأهب والتحذير المبكر.
خلفية عن انتشار المرض عالميًا
لم يكن تفشي الليجيونيلا في فرنسا هو الحالة الأولى التي تثير المخاوف مؤخرًا، فقد سبقتها إصابات واسعة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
في تلك الموجة، جرى تسجيل نحو 58 حالة إصابة مؤكدة، توفي على إثرها شخصان في منطقة هارلم، وهو ما جعل السلطات الصحية هناك تفتح تحقيقًا عاجلًا لتحديد مصدر العدوى. هذا الترابط بين الحالات في قارتين مختلفتين يعكس خطورة المرض وسرعة انتقاله إذا لم تُتخذ التدابير الوقائية المناسبة.
ما هو مرض الليجيونيلا؟
يُعرف مرض الليجيونيلا أو داء الفيالقة بأنه نوع حاد من الالتهاب الرئوي البكتيري، تسببه بكتيريا Legionella pneumophila. غالبًا ما تنتقل العدوى عند استنشاق رذاذ ماء ملوث بالبكتيريا، مثل الأبخرة المنبعثة من أنظمة التكييف المركزية، أبراج التبريد، أو حتى شبكات توزيع المياه الساخنة.
تكمن خطورة المرض في أنه لا يقتصر على الرئتين فحسب، بل يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على الدماغ والجهاز الهضمي، وهو ما يجعله قاتلًا إذا لم يتم تشخيصه ومعالجته في وقت مبكر باستخدام المضادات الحيوية المناسبة.
أعراض مرض الليجيونيلا
تبدأ الأعراض عادة بعد فترة حضانة تتراوح بين يومين وأربعة عشر يومًا من التعرض للبكتيريا. وتشمل أبرز العلامات:
ارتفاع شديد في درجة الحرارة قد يصل إلى الحمى.
سعال متكرر أحيانًا يكون مصحوبًا بالدم.
ضيق في التنفس وصعوبة في أخذ الهواء.
آلام في العضلات والمفاصل والشعور بالإجهاد المستمر.
اضطرابات هضمية مثل الإسهال، الغثيان، والقيء.
صداع قوي مصحوب أحيانًا بفقدان التركيز أو الارتباك الذهني.
كما قد يظهر شكل أخف من المرض يعرف بـ حمى بونتياك، وهي عدوى شبيهة بالإنفلونزا لكنها أقل حدة من داء الفيالقة، وتشفى غالبًا من تلقاء نفسها دون مضاعفات كبيرة.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
رغم إمكانية إصابة أي شخص بالمرض، إلا أن هناك فئات تُعد أكثر عرضة للخطر، أبرزها:
كبار السن، خصوصًا من تجاوزوا الـ 50 عامًا.
الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض القلب.
ذوي المناعة الضعيفة، سواء نتيجة أدوية مثبطة للمناعة أو أمراض مناعية.
المدخنون، حيث تضعف التدخين قدرة الرئتين على مقاومة العدوى.
جهود السلطات الفرنسية لمواجهة التفشي
أصدرت وزارة الصحة الفرنسية تحذيرات عاجلة للمواطنين في المناطق المتأثرة، مطالبةً بضرورة التوجه إلى المستشفيات فور ظهور أي أعراض مشابهة للمرض. كما شددت على أن التشخيص المبكر والعلاج باستخدام المضادات الحيوية المناسبة يمكن أن يرفع نسبة الشفاء إلى مستويات عالية، ويمنع حدوث المضاعفات القاتلة.
إلى جانب ذلك، تعمل السلطات الصحية على فحص أنظمة التبريد والتكييف في المباني العامة والخاصة، وتطهير شبكات المياه في المستشفيات والفنادق والأماكن العامة، باعتبارها المصدر الأكثر شيوعًا لنقل البكتيريا.
مقارنة مع أوبئة سابقة
تاريخيًا، يعود اكتشاف مرض الليجيونيلا إلى عام 1976 عندما تفشى بين أعضاء “الفيلق الأمريكي” خلال مؤتمر في فيلادلفيا بالولايات المتحدة، وأصاب حينها أكثر من 200 شخص وأدى إلى وفاة العشرات. منذ ذلك الحين، يتم تسجيل موجات متفرقة من المرض حول العالم، ما يجعل منه تحديًا صحيًا متكررًا لكنه قابل للاحتواء إذا اتبعت الإجراءات الوقائية.
أهمية التوعية والوقاية
تشير تقارير الصحة العالمية إلى أن الوقاية من المرض تعتمد بالأساس على الصيانة الدورية لأنظمة التكييف والمياه، إلى جانب نشر التوعية بين المواطنين حول أهمية النظافة العامة وطلب المساعدة الطبية عند الاشتباه بالإصابة.
كما يلعب الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في نشر التحذيرات الصحية بسرعة، وهو ما يساعد في الحد من انتشار العدوى وحماية الأرواح.