علامة جسدية تنبهك إلى خطر أحد أخطر الأمراض النفسية . خلال العطلات الموسمية وأوقات الأعياد التي تملؤها البهجة والاحتفالات، قد يظن البعض أن الجميع يعيش في سعادة، لكن الحقيقة أن تلك الفترات قد تكون مليئة بالضغوط النفسية لبعض الأفراد.
البعض يتظاهرون بالسعادة وهم يعانون في صمت، ما يسمى بـ”الاكتئاب المبتسم”. هؤلاء الأشخاص يعيشون حياة يبدو عليها أنها طبيعية من الخارج، لكنهم في الداخل يعانون من تحديات نفسية كبيرة.
الضغوط النفسية خلال الأعياد قد تكون أكبر مما نتخيل، خاصة لأولئك الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم، وهو حالة نفسية تجعل الشخص يبدو سعيدًا ومبتهجًا في المناسبات الاجتماعية، بينما هو يعاني في الواقع من مشاعر الحزن والفراغ. هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يخشون إظهار معاناتهم لئلا يُنظر إليهم على أنهم ضعفاء أو غير قادرين على التكيف مع تحديات الحياة.
وبحسب ما ذكرته المدربة في مجال الصحة العقلية أنيتا جوهيل ثورب، فإن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم يمكن أن يظهروا وكأنهم يتحكمون في حياتهم بشكل طبيعي، لكنهم في الواقع يكافحون بشكل مستمر مع مشاعر سلبية وتوترات داخلية، ويحاولون التغلب عليها بالتظاهر بالابتسامة والفرح.
علامات الاكتئاب المبتسم
من المهم أن نكون على وعي بالعلامات التي قد تشير إلى أن أحد المقربين منا يعاني من الاكتئاب المبتسم، خاصة خلال فترات الأعياد. إليك بعض العلامات التي قد تساعدك في التعرف على هذه الحالة:
التعب الشديد: رغم أن الجميع قد يشعر بالإرهاق في نهاية العام بسبب الضغوط اليومية والعطلات، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم قد يعانون من تعب أكثر بكثير. الحفاظ على ابتسامة مزيفة يتطلب طاقة نفسية كبيرة، مما يؤدي إلى شعورهم بالتعب الشديد.
الصداع وآلام البطن: من الشائع أن يعاني الأشخاص الذين يخضعون لضغوط نفسية من آلام جسدية، مثل الصداع المستمر أو آلام المعدة. هذه الآلام غالبًا ما تكون نتيجة للتوتر النفسي الناجم عن محاولات إخفاء مشاعر الحزن.
الإفراط في تناول الطعام: بينما يميل الجميع إلى الإفراط في تناول الطعام خلال العطلات، قد يعاني البعض من الاكتئاب المبتسم من الإفراط في تناول الطعام كوسيلة للتعامل مع مشاعرهم السلبية. قد يتناولون الطعام بشراهة لإخفاء مشاعرهم الحزينة أو لتخفيف الضغط النفسي الذي يشعرون به.
الشعور بثقل الجسم: إذا بدا الشخص وكأنه غير قادر على النهوض أو القيام بأنشطة بسيطة، فقد يكون هذا بسبب التعب العاطفي والنفسي الذي يشعر به. هذا الثقل قد يكون علامة على أنه يواجه صعوبة في التكيف مع مشاعره السلبية.
الحساسية الزائدة للنقد أو الرفض: قد يلاحظ المحيطون بشخص يعاني من الاكتئاب المبتسم أنه يتأثر بشدة بأي نوع من النقد أو الرفض. هذه الحساسية الزائدة قد تعكس ضعفًا عاطفيًا عميقًا داخليًا.
النوم لفترات أطول: الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم قد يلجأون إلى النوم لفترات طويلة كوسيلة للهروب من مشاعرهم السلبية. النوم يصبح بمثابة ملاذهم المؤقت للتخلص من القلق والتوتر الداخلي.
كيف يمكن تقديم الدعم؟
إذا لاحظت أن أحد أحبائك يظهر علامات الاكتئاب المبتسم، من المهم أن تقدم له الدعم المناسب. يبدأ ذلك بالحديث مع الشخص بشكل لطيف وغير مُجَرِّح. تجنب إصدار الأحكام أو محاولة التقليل من مشاعرهم. يمكنك طرح أسئلة مفتوحة تُحفِّز الشخص على التعبير عن مشاعره، مثل “كيف تجد الأمور مع اقتراب عيد الميلاد؟” بهذه الطريقة، تعطيه فرصة للتحدث عن مشاعره بشكل غير مباشر.
من الضروري أن يكون لدينا الوعي الكافي بمشاعر الأشخاص من حولنا، خاصة في فترات الأعياد التي تكون مليئة بالفرح والتوقعات العالية. إذ قد لا يظهر هؤلاء الأشخاص معاناتهم بوضوح، وقد يفضلون الحفاظ على الابتسامة المزيفة أمام الآخرين. لذلك، فإن تفهم مشاعرهم واحتياجاتهم النفسية خلال هذه الأوقات يُعد أمرًا بالغ الأهمية.
التوجيه للمساعدة المهنية
في حال شعرت أن الشخص يعاني من تدهور كبير في حالته النفسية، فمن المهم أن توجهه إلى المساعدة المتاحة. لا تتردد في نصحهم بمراجعة أطباء مختصين في الصحة النفسية أو مراكز الدعم النفسي. العلاج النفسي والدعم العاطفي يمكن أن يكونا مفتاحًا لتحسين حالتهم وتخفيف معاناتهم.
توفر المساعدة الطبية والنفسية الراحة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم. قد تكون البداية في العلاج صعبة، لكن مع الدعم المناسب، يمكن لهؤلاء الأشخاص استعادة توازنهم العاطفي والنفسي، والتمتع بحياة أكثر سعادة وصحة.
في النهاية، فترات الأعياد قد تكون وقتًا للفرح، ولكنها أيضًا قد تكشف عن معاناة الكثيرين الذين يعانون في صمت. بوعي أكبر ودعم حقيقي، يمكننا أن نساعدهم على مواجهة تلك التحديات النفسية والخروج من الظلام إلى النور.