عقار مبتكر يعرض نتائج إيجابية في علاج الإنفلونزا وتخفيف الأعراض بسرعة . أجرت جامعة شاندونغ في الصين دراسة شاملة لتحليل فعالية وسلامة الأدوية المضادة للفيروسات في علاج الإنفلونزا غير الشديدة، حيث شهد المرض التنفسي الفيروسي، المعروف بالإنفلونزا، انتشارًا واسعًا على مستوى العالم كل عام.
على الرغم من أن الإنفلونزا قد تبدو في الكثير من الحالات مرضًا بسيطًا، إلا أن مضاعفاتها قد تكون خطيرة، بل وحتى مميتة في بعض الحالات، خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. وفي مواجهة هذا التحدي الصحي، يتم استخدام الأدوية المضادة للفيروسات للحد من الأعراض وتخفيف تأثير المرض على الجسم.
تتنافس عدة فئات من الأدوية المضادة للفيروسات في علاج الإنفلونزا، مثل مثبطات النورامينيداز، مثل “أوسيلتاميفير” و”زاناميفير“، التي تعمل على منع انتشار الفيروس بين الخلايا السليمة في الجسم. كما توجد مثبطات نوكلياز مثل “بالوكسافير“، التي تمنع تكاثر المادة الوراثية للفيروس داخل الجسم، مما يحد من قدرة الفيروس على الاستمرار في انتشاره.
لكن بالرغم من وجود عدة أدوية معتمدة لعلاج الإنفلونزا، فإن البحث عن العلاج الأكثر فعالية للإنفلونزا غير الشديدة لا يزال يواجه العديد من التحديات، وذلك بسبب النتائج المتناقضة التي ظهرت في الدراسات السابقة التي تناولت هذه الأدوية.
في هذه الدراسة الشاملة، قام الباحثون في جامعة شاندونغ بمراجعة بيانات من 73 تجربة سريرية عشوائية شملت 34332 مشاركًا، حيث قاموا بمقارنة فعالية الأدوية المختلفة مثل “بالوكسافير” و”أوسيلتاميفير” و”زاناميفير“، مع العلاج الوهمي والرعاية القياسية.
وقد تم استخدام مصادر بيانات موثوقة مثل MEDLINE وEmbase وCENTRAL وGlobal Health لتجميع النتائج المتعلقة بالأدوية المضادة للفيروسات، وتم تقييم جودة الأدلة باستخدام نهج GRADE الذي يعتمد على عدة معايير من بينها دقة التقديرات والمخاطر المحتملة للانحياز.
أظهرت النتائج أن عقار “بالوكسافير” يتمتع بفعالية ملحوظة في تقليل مدة الأعراض بمقدار 1.02 يومًا (مع درجة يقين متوسطة). علاوة على ذلك، قد يقلل “بالوكسافير” من مخاطر دخول المستشفى للمرضى المعرضين للخطر، على الرغم من أن درجة اليقين كانت منخفضة بشأن هذا التأثير. من جهة أخرى، لم يظهر “بالوكسافير” تأثيرًا كبيرًا على معدل الوفيات سواء لدى المرضى المعرضين لخطر منخفض أو مرتفع.
كما كانت نسبة الآثار الجانبية المرتبطة به أقل من تلك المرتبطة بالعلاج الوهمي، مما يشير إلى أن العقار قد يكون أكثر أمانًا في العلاج. ومع ذلك، فإن هناك احتمالًا لظهور مقاومة الفيروس تجاه هذا الدواء بنسبة تصل إلى 10%، وهو ما يتطلب مزيدًا من البحث حول هذا الموضوع.
أما عقار “أوسيلتاميفير“، فقد أظهرت النتائج أن هذا الدواء لا يساهم بشكل كبير في تقليل الوفيات أو دخول المستشفى لدى المرضى المعرضين لخطر الإصابة بمضاعفات الإنفلونزا. وكان تأثير “أوسيلتاميفير” على مدة الأعراض محدودًا، حيث قلص مدة الأعراض بمقدار 0.75 يومًا فقط (درجة يقين متوسطة). بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأدلة أن استخدام “أوسيلتاميفير” قد يؤدي إلى زيادة حدوث الآثار الجانبية لدى المرضى.
فيما يخص الأدوية الأخرى مثل “زاناميفير” و”لانيناميفير” و”أوميفينوفير“، فقد أظهرت الدراسات نتائج غير متسقة أو غير مؤكدة بشأن فعالية هذه الأدوية في علاج الإنفلونزا غير الشديدة، مع تفاوت كبير في جودة الأدلة المتعلقة بتأثيراتها. وعلى الرغم من ذلك، لم تتوفر بيانات عن الاستشفاء لأدوية مثل “بيراميفير” و”أمانتادين“، مما يفتح المجال لإجراء المزيد من الأبحاث لتقييم فعالية هذه الأدوية.
تشير النتائج إلى أن عقار “بالوكسافير” يظهر كخيار واعد لعلاج المرضى المعرضين للخطر الذين يعانون من إنفلونزا غير شديدة، نظرًا لفوائده المحتملة في تقليل مدة الأعراض ومخاطر دخول المستشفى. كما أن نتائج الدراسة تؤكد على الفعالية المحدودة لعقار “أوسيلتاميفير” في تخفيف الأعراض، بالإضافة إلى ارتباطه بزيادة الأعراض السلبية المحتملة.
وقد سلط الباحثون الضوء على أهمية إجراء دراسات مستقبلية من أجل تحديد فعالية هذه الأدوية بشكل أدق، خاصة فيما يتعلق بمقاومة الفيروسات ومدى تأثيرها على فترات الاستشفاء للمرضى. إن هذا البحث يساعد في تقديم رؤى قيمة في التعامل مع الإنفلونزا غير الشديدة ويوجه الأنظار نحو خيارات علاجية قد تكون أكثر فاعلية وآمنة للمستقبل.