إذ بات التدخين يُعتبر من العوامل الرئيسية المساهمة في الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب، السرطان، أمراض الرئة، والعديد من المشاكل الصحية الأخرى التي تؤثر سلبًا على جودة الحياة، وفيما يخص الشيشة، أصبحت أحد أسباب انتشار التدخين بين فئات عمرية صغيرة، مما يتطلب تبني سياسات وتشريعات تهدف إلى حماية الصحة العامة.
إحدى هذه السياسات هي التعديلات الأخيرة التي أقرَّها المشرّعون في مصر على قانون الوقاية من أضرار التدخين، والتي تأتي في إطار الجهود المبذولة لتحسين الصحة العامة ومحاربة هذه الظاهرة السلبية. تنص هذه التعديلات على منع تقديم الشيشة والسجائر للفئات التي تقل أعمارها عن 18 عامًا، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو تقليل انتشار التدخين بين الشباب وحماية جيل المستقبل من آثاره الضارة.
عقوبات تقديم الشيشة للأطفال والمراهقين
يستهدف القانون الجديد تقليص تعرض الأطفال والمراهقين للشيشة، ومنعهم من تعاطيها في المقاهي والمطاعم والمناطق العامة. فقد أقرَّ القانون فرض عقوبات صارمة على أي شخص يُقدم الشيشة للأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا.
وفقًا للمادة السادسة عشر من القانون، يعاقب المخالف بالحبس أو بغرامة مالية تتراوح بين ألف جنيه وعشرة آلاف جنيه، أو قد يُفرض عليه أحد هاتين العقوبتين. وتُضاعف العقوبة في حال تكرار المخالفة، حيث تشمل العقوبة الحبس والغرامة في حال تكرار تقديم الشيشة للأطفال أو المراهقين.
في نفس السياق، تفرض المادة التاسعة من القانون غرامة مالية تتراوح بين 500 و5000 جنيه على المخالفين الذين يقدمون السجائر أو الشيشة للأفراد تحت سن الـ18. وإذا تكررت المخالفة، قد تشمل العقوبة الحبس لمدة عام مع غرامة مالية.
حظر توزيع منتجات التبغ كجوائز أو هدايا
في إطار تكثيف الرقابة على انتشار التدخين، قرر المشرعون حظر توزيع السجائر أو الشيشة كجوائز أو هدايا، وذلك في محاولة لوقف تشجيع الشباب على التدخين بطرق غير مباشرة. ينص القانون على أن السجائر أو أي منتجات تبغ أخرى لا يجوز تقديمها كجوائز سواء كانت جوائز مالية أو عينية أو معنوية. كما يضمن القانون منع إعلانات السجائر والشيشة في جميع وسائل الإعلام، سواء كانت ورقية أو إلكترونية، لضمان عدم الترويج لهذه المنتجات في المجتمع.
تعريف التدخين وفقًا للقانون
يعرّف القانون التدخين بأنه تعاطي التبغ بجميع أنواعه، سواء كان عن طريق السجائر التقليدية أو الإلكترونية، أو عن طريق الشيشة، سواء كانت التقليدية أو الإلكترونية، أو أي وسيلة أخرى تؤدي إلى احتراق أو تسخين التبغ وانبعاث الدخان. كما يتضمن القانون قواعد تنظيم استيراد وإنتاج السجائر والمنتجات التبغية، حيث يحدد القوانين المواصفات والمعايير الواجب توفرها في جميع منتجات التبغ، سواء المستوردة أو المحلية.
الإعلام التحذيري على عبوات السجائر
إحدى الإجراءات الهامة التي نص عليها القانون هي إرفاق تحذيرات صحية على جميع عبوات السجائر. يجب أن تكون التحذيرات مكتوبة بشكل واضح وتغطي نصف واجهتي العبوة على الأقل. ويجب أن تتضمن العبوة تحذيرات مثل “التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة”، بالإضافة إلى معلومات حول نسبة النيكوتين والقطران في السجائر.
الوقاية من أضرار التدخين
تتعدد أساليب الوقاية من أضرار التدخين، ولعل أولها وأهمها هو التوعية المستمرة بأضرار التدخين، خاصة بين الشباب الذين يعدون الفئة الأكثر عرضة للتأثر بالإعلانات الترويجية أو المغريات الخاصة بالتدخين.
لذلك، يأتي دور المدارس والمجتمعات المحلية في نشر الوعي حول مخاطر التدخين عبر برامج توعية تشمل شتى الوسائل. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تستمر برامج الدعم والإقلاع عن التدخين، التي تساهم بها وزارة الصحة والعديد من المؤسسات الصحية في مصر.
أما بالنسبة للأفراد الذين يعانون من إدمان التدخين، توفر العديد من المؤسسات الصحية برامج طبية ودعماً نفسياً لمساعدتهم على التخلص من هذه العادة السيئة. وأثبتت هذه البرامج نجاحاً كبيراً في مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين والشيشة على حد سواء.
تعزيز الرقابة على بيع السجائر والشيشة
علاوة على التوعية والتحذير، يُعد تشديد الرقابة على بيع السجائر والشيشة من الإجراءات المهمة التي يمكن أن تسهم في تقليل ظاهرة التدخين. يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على منافذ البيع، وأن يتم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون بكل حزم على كل من يخالف القوانين.
من خلال هذه التعديلات التشريعية، تأمل الدولة في تعزيز الصحة العامة وحماية الأجيال القادمة من تأثيرات التدخين الضارة. إن اتخاذ إجراءات وقائية وعقوبات صارمة قد يكون له دور كبير في الحد من انتشار التدخين في المجتمع، لا سيما في الأماكن العامة والمقاهي التي أصبحت بيئة خصبة للتدخين، وبالتالي تقليل الآثار السلبية لهذا السلوك على المجتمع بشكل عام.