وفي هذا السياق، أثار الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم الفضاء والاستشعار عن بُعد، العديد من النقاط المثيرة حول تأثير الزلازل في إثيوبيا وخاصة تلك التي تحدث في منطقة سد النهضة.
إثيوبيا والبراكين والزلازل
إثيوبيا تعد واحدة من الدول الإفريقية التي تقع على الحدود الجغرافية لما يعرف بـ “الأخدود الإفريقي”، وهو منطقة جيولوجية تمتاز بالزلازل والبراكين المتكررة بسبب حركة الصفائح التكتونية. يعتبر هذا الأخدود من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا في العالم.
هذه المنطقة تشهد العديد من الزلازل كل عام، وهذه الزلازل ليست خفيفة دائمًا بل تتراوح بين زلازل متوسطة إلى قوية قد تؤثر على الحياة اليومية للسكان. علاوة على ذلك، فقد تكون هذه الزلازل مرتبطة بأنشطة بركانية في المنطقة، والتي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع براكين قد تكون لها عواقب بيئية كبيرة.
وأوضح الدكتور هشام العسكري في مداخلته مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج “على مسئوليتي” أن إثيوبيا ليست بعيدة عن هذه التهديدات الطبيعية بسبب موقعها الجيولوجي. وأضاف أن الزلازل والبراكين تعد من العوامل الطبيعية التي تساهم في تشكيل ملامح البيئة الإثيوبية وتؤثر بشكل مباشر على السكان والبنية التحتية.
تأثير الزلازل على سد النهضة
واحدة من المواضيع المثيرة للجدل والمتابعة في الآونة الأخيرة هي العلاقة بين الزلازل التي تحدث في منطقة سد النهضة الإثيوبي وتأثير تلك الزلازل على السد. ومع استمرار الاهتمام الدولي بهذا السد الذي يُعد من أكبر المشاريع المائية في إفريقيا، أصبحت المسائل الجيولوجية المرتبطة به ذات أهمية خاصة.
فقد أكد الدكتور هشام أنه حتى الآن لم يُثبت بشكل علمي قاطع أن الزلازل التي تحدث في المنطقة ناتجة عن حجم المياه المخزن خلف سد النهضة. وأوضح أن السد الإثيوبي، على الرغم من ضخامة حجمه، ما يزال يخضع للدراسات والبحوث الخاصة بتأثير الزلازل على استقراره.
وأضاف أنه لا يمكن التوصل إلى استنتاجات بشأن تأثير الزلازل على السد إلا بعد إجراء دراسات علمية وبيئية شاملة، ويجب أن تكون هذه الدراسات دقيقة بما فيه الكفاية لاستبعاد أي تأثيرات محتملة قد تحدث نتيجة لتراكم المياه وراء السد.
تأثير الزلازل في الأخدود الإفريقي
وأشار الدكتور هشام إلى أن الأخدود الإفريقي شهد مؤخرًا 40 زلزالًا خلال العشرة أيام الماضية، وهو ما يمثل حدثًا نادرًا. وأكد أن هذا النشاط الزلزالي المتكرر يتطلب استجابة علمية وحكومية سريعة لتحديد أبعاده وآثاره المحتملة على الحياة في المنطقة.
وفي هذا الصدد، دعا العسكري إلى ضرورة وضع سيناريوهات متكاملة للتعامل مع هذه الأنشطة الزلزالية، خاصة في المناطق القريبة من سد النهضة. حيث يمكن أن تكون هذه الزلازل إشارة إلى تغيرات جيولوجية قد تؤثر على الاستقرار العام في المنطقة.
وأكد أن الحكومة الإثيوبية، بالتعاون مع المنظمات الدولية والهيئات البحثية، يجب أن تراقب عن كثب هذه الظواهر الطبيعية وأن تستعد لإجراءات وقائية لمواجهة أي تطورات غير متوقعة قد تؤثر على البنية التحتية.
سد النهضة والتحديات المستقبلية
الحديث عن تأثير الزلازل على سد النهضة يأتي في وقت حساس للغاية. فإثيوبيا تسعى جاهدة لاستكمال بناء السد الذي يعد جزءًا من مشروعها الطموح لتوليد الطاقة الكهرومائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء، إضافة إلى تصدير الطاقة إلى الدول المجاورة. ولكن مع الانتهاء من مرحلة بناء السد وبدء عملية الملء، يبقى السؤال الكبير: هل ستتمكن إثيوبيا من الحفاظ على استقرار السد في مواجهة التحديات الطبيعية المتزايدة مثل الزلازل والبراكين؟
بجانب الزلازل، تواجه إثيوبيا أيضًا تحديات اقتصادية وبيئية متعددة مرتبطة بالسد. فمع الزيادة في حجم المياه المخزنة خلف السد، قد يتعين على الحكومة الإثيوبية اتخاذ تدابير احترازية لضمان استقرار السد وعدم تأثره بتغيرات المناخ أو الهزات الأرضية المفاجئة.
الاستعدادات المستقبلية في مواجهة الزلازل
من جانب آخر، أكد الدكتور هشام العسكري على ضرورة أن تقوم الحكومة الإثيوبية باتخاذ خطوات فعالة لمواجهة تأثيرات الزلازل المحتملة على المشاريع الكبرى مثل سد النهضة. ومن الضروري أن يتعاون العلماء والخبراء في مجال علوم الفضاء والاستشعار عن بُعد مع السلطات الإثيوبية لتقديم دراسات علمية وتقارير دقيقة حول الزلازل وآثارها المحتملة على البنية التحتية.
ومن المهم أيضًا أن تكون هناك آليات للاستجابة السريعة في حال حدوث أي هزات أرضية كبيرة قد تؤثر على السد. هذه الاستجابة يجب أن تشمل تحديثات لحالة السد بشكل دوري، وإجراء اختبارات دقيقة لتقييم استقرار السد في مواجهة أي تهديدات طبيعية.
الزلازل في إثيوبيا: التحديات المستقبلية
وفيما يتعلق بمستقبل إثيوبيا في ظل هذه الزلازل المستمرة، يشير الخبراء إلى أن التأثيرات المحتملة يمكن أن تشمل تهديدات كبيرة على الاستقرار البيئي والاقتصادي في البلاد. مع تزايد النشاط الزلزالي، قد تزداد المخاطر التي تهدد حياة ملايين المواطنين في المناطق المحيطة بالسد. لذلك، يظل من الأهمية بمكان أن يتم تحديد استعدادات وقائية قوية من قبل الحكومة الإثيوبية والهيئات الدولية لضمان عدم تأثر مشاريعها الكبيرة بتلك الكوارث الطبيعية.
على الرغم من أن الزلازل التي تحدث في منطقة سد النهضة الإثيوبي لم تُثبت علميًا حتى الآن ارتباطها المباشر بحجم المياه المخزن خلف السد، إلا أن الاستعداد لمواجهة أي تحديات مستقبلية أمر في غاية الأهمية.
ينبغي على إثيوبيا، بالتعاون مع المجتمع الدولي، أن تضع خطة محكمة تضمن الاستجابة السريعة لأي تهديدات زلزالية قد تؤثر على استقرار السد وحياة المواطنين. وبالتوازي مع ذلك، يتعين على الجميع متابعة هذا الوضع عن كثب والقيام بدراسات علمية دقيقة تسهم في فهم العلاقة بين الزلازل وتأثيراتها المحتملة على البنية التحتية.