سرطان الثدي إشارات أولية قد تمر دون ملاحظة . في إطار الجهود العالمية الرامية إلى رفع الوعي بخطورة سرطان الثدي وضرورة الكشف المبكر عنه، كشفت طبيبة الأورام الروسية آنا كيم عن مجموعة من العلامات غير المعتادة التي قد تشير إلى وجود المرض، محذّرة من تجاهل الأعراض البسيطة أو غير التقليدية التي قد تمرّ دون اهتمام.
وفي حديثها لموقع “Gazeta.Ru” الروسي، أوضحت كيم أن سرطان الثدي لا يظهر دائمًا بالصورة النمطية التي يعرفها الجميع، مثل الكتل الواضحة في نسيج الثدي، بل قد يتجلى في إشارات subtle أو تغيرات جلدية طفيفة تختلف من امرأة إلى أخرى، مما يجعل الوعي الجسدي والمتابعة الدورية من أهم وسائل الوقاية والكشف المبكر.
تغيرات جلدية تستدعي الانتباه
تقول الدكتورة كيم إن من العلامات التي يجب ألا تُهملها المرأة جفاف أو تقشر جلد الثدي، إذ يمكن أن تكون مؤشراً مبكراً على تغيرات خلوية تحت الجلد. كما أن تغير لون الهالة المحيطة بالحلمة أو ظهور احمرار مزمن في الجلد من دون سبب واضح قد يكون من العلامات التحذيرية.
وأضافت أن بعض السيدات يلاحظن قروحاً صغيرة لا تلتئم بسرعة في منطقة الثدي، أو تهيجاً متكرراً في الجلد يصاحبه ألم خفيف أو إحساس بالوخز، مشيرة إلى أن هذه الأعراض قد لا تكون خطيرة في البداية، لكنها تستوجب الفحص الطبي العاجل، خاصة إذا استمرت لفترة تتجاوز الأسبوعين.
تغيّر شكل الحلمة وموقعها
أحد الأعراض التي تعدّها الطبيبة مقلقة للغاية هو انكماش الحلمة نحو الداخل أو تغير شكلها الطبيعي، إذ يعد هذا التغير من العلامات الكلاسيكية التي قد تدل على وجود ورم داخلي يؤثر في الأنسجة المحيطة.
وتؤكد كيم أن هذا الانكماش لا يجب تجاهله أو اعتباره مؤقتًا، بل يستدعي زيارة الطبيب وإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية أو الماموغرام لتقييم الوضع.
الإفرازات غير الطبيعية
كما تشير كيم إلى أن إفراز سوائل غير طبيعية من الحلمة تمثل علامة إنذار أخرى، لا سيما إذا لم تكن المرأة حاملاً أو مرضعة. وتقول إن طبيعة هذه الإفرازات تختلف من حالة لأخرى، فقد تكون شفافة أو بيضاء أو مائلة إلى اللون الأصفر، وأحيانًا تحتوي على آثار دم، وهو ما يجعلها من المؤشرات التي تتطلب فحصًا فوريًا.
وتضيف الطبيبة أن تجاهل هذه الإفرازات قد يؤدي إلى تأخر اكتشاف الورم، لافتة إلى أن بعض الأورام تفرز مواد تؤثر في قنوات الحليب مسببة هذه الظاهرة.
الكتل والتورمات.. العلامة الأكثر شيوعًا
لا تزال الكتل في نسيج الثدي هي العرض الأكثر وضوحًا وشيوعًا، إلا أن كيم توضح أن كثيرًا من النساء لا يلتفتن إليها في بدايتها، خصوصًا إذا كانت صغيرة أو غير مؤلمة.
وتوصي الطبيبة بضرورة الفحص الذاتي المنتظم للثدي مرة كل شهر على الأقل، ويفضل أن يتم بعد انتهاء الدورة الشهرية بأيام قليلة، حيث تكون الأنسجة أكثر ليونة، ما يسهل اكتشاف أي كتل أو تغيرات غير طبيعية.
وفي حال ملاحظة كتلة أو منطقة صلبة لا تختفي خلال أسبوعين، تنصح كيم بضرورة مراجعة الطبيب فورًا لإجراء الفحوص اللازمة، مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) أو الماموغرام (Mammography)، لتحديد طبيعتها إن كانت حميدة أو خبيثة.
تورم الإبط والعقد اللمفاوية
من الأعراض التي قد لا تربطها كثير من النساء بسرطان الثدي، ظهور كتل أو تورمات تحت الإبط.
توضح الطبيبة الروسية أن هذه العلامة قد تشير إلى انتقال الخلايا السرطانية إلى العقد اللمفاوية، وهي المرحلة التي تبدأ فيها الخلايا المريضة بالانتشار خارج النسيج الأصلي.
وتشير إلى أن هذه العقد تمثل أول خط دفاع في الجسم، لذا فإن أي تورم أو ألم أو تصلب في منطقة الإبط يجب أن يدفع المرأة إلى استشارة الطبيب دون تأجيل.
أهمية الكشف المبكر والفحص الذاتي
تشدد كيم على أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي يرفع من نسب الشفاء إلى أكثر من 90% في المراحل الأولى، وهو ما يجعل الفحص الذاتي والفحوص الدورية من أهم عوامل الحماية.
وتنصح النساء ببدء إجراء الماموغرام الدوري من سن الأربعين، أو قبل ذلك في حال وجود تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
كما تؤكد على ضرورة اتباع نمط حياة صحي، يتضمن تناول الغذاء المتوازن الغني بالخضروات والفواكه، وممارسة الرياضة بانتظام، وتجنب التدخين والإفراط في تناول الدهون المشبعة، وهي عوامل يمكن أن تقلل من خطر الإصابة.
الدعم النفسي ودور المجتمع
لا يقتصر التحدي في مواجهة سرطان الثدي على الجانب الطبي فقط، بل يشمل أيضًا الدعم النفسي والاجتماعي للمصابات.
وتدعو كيم إلى كسر حاجز الخوف المرتبط بذكر المرض، والتعامل معه كأي مرض مزمن يمكن الشفاء منه بالعلاج المناسب، مشيرة إلى أن الوعي المجتمعي هو السلاح الأقوى في مواجهة السرطان.
كما شددت على أهمية حملات التوعية الدورية التي تُقام في شهر أكتوبر من كل عام، المعروف باسم الشهر الوردي، حيث تسهم في نشر المعرفة بأعراض المرض وطرق الوقاية منه، وتشجع النساء على إجراء الفحوص المجانية المتاحة في المستشفيات والمراكز الصحية.
تؤكد الدكتورة آنا كيم أن سرطان الثدي لا يأتي دائمًا بعلامة واحدة واضحة، بل قد يبدأ بإشارات بسيطة مثل احمرار أو جفاف الجلد أو تغير شكل الحلمة أو إفرازات غير طبيعية.
ولهذا، فإن الوعي الجسدي وملاحظة أدق التغيرات يمثلان خطوة أساسية نحو الكشف المبكر، الذي بدوره يمنح المريضة فرصة كبيرة في الشفاء الكامل واستعادة حياتها الطبيعية.
وفي النهاية، يبقى السر الحقيقي في مواجهة سرطان الثدي هو المعرفة، والفحص المبكر، والاهتمام بالصحة الذاتية، فكل دقيقة وعي قد تعني حياة جديدة تُمنح في الوقت المناسب.