سد النهضة في خطر: تسريبات خطيرة تهدد استقرار المشروع. تسريبات مائية خطيرة تهدد استقرار سد النهضة وشهد سد النهضة الإثيوبي في الآونة الأخيرة تطورًا مقلقًا تمثل في زيادة ملحوظة في حجم تسريبات المياه من السد، وهو ما يثير العديد من المخاوف حول استقرار السد والمنطقة المحيطة به.
في هذا السياق، كشف الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود وجيوتكنيك السواحل الطينية بالجامعة التكنولوجية في ماليزيا، عن تسريبات مائية خطيرة في سد السرج الإثيوبي، الذي يعد جزءًا مكملًا لسد النهضة. وقد أكد أن هذه التسريبات قد تشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار الهندسي للسد والبيئة المحيطة به.
ما هي تسريبات المياه في سد السرج؟
يعد سد السرج سدًا ركاميًا مكملاً لسد النهضة، ويستهدف دعم عمليات التخزين والتحكم في تدفق المياه من السد الرئيسي. لكن على الرغم من أهمية هذا السد في المشروع الإثيوبي، فإن تسريبات المياه التي ظهرت في الآونة الأخيرة تمثل قلقًا كبيرًا للخبراء والمراقبين.
وبحسب ما صرح به الدكتور حافظ، فإن الصور الحديثة التي تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية أظهرت تغييرات واضحة في درجة رطوبة التربة خلف سد السرج، بعد الانتهاء من عملية الملء الخامس لسد النهضة في نوفمبر 2024. في هذا الملء، وصل منسوب المياه إلى 638.5 متر فوق سطح البحر، وهو ما كان له تأثير واضح على رطوبة التربة خلف السد.
دلالات التسريبات في صور الأقمار الصناعية
من خلال مقارنة الصور التي تم التقاطها في عامي 2019 و2024، لاحظ الدكتور حافظ تغيرًا لافتًا في درجة رطوبة التربة. فقد أظهرت الصور أن التربة خلف السد أصبحت مشبعة بالمياه بشكل غير مسبوق، مما يشير إلى تسريبات مائية كبيرة.
وتظهر الصور بالألوان الزرقاء الداكنة المناطق التي تشير إلى تشبع التربة بالمياه، في حين تظهر الأراضي الجافة بالألوان الصفراء أو الحمراء، والتي تميز المناطق الجبلية والهضاب التي لا تحتفظ بالرطوبة. هذا الاختلاف في الألوان يوضح بشكل جلي حجم التسريبات والآثار التي قد تترتب عليها.
الآثار المحتملة على استقرار السد
تعد التسريبات المستمرة للمياه من بحيرة سد السرج مؤشرًا على مشاكل قد تظهر في استقرار السد، خاصة في السنوات الثلاث الأولى من تشغيله الكامل. بحسب الدكتور حافظ، فإن هذه التسريبات قد تؤدي إلى تدهور تدريجي في التربة والهيكل الهندسي للسد، ما قد يزيد من احتمالية حدوث مشاكل في استقرار السد على المدى الطويل. ويُعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية، حيث أن أي خلل في الاستقرار الهيكلي قد يهدد سلامة السد، وبالتالي سلامة المجتمعات المحيطة به.
تطورات متلاحقة وتقنيات الرصد الحديثة
من جهة أخرى، أشار الدكتور حافظ إلى أن التسريبات المائية قد بدأت في الظهور منذ مرحلة الملء الثاني لسد النهضة في عام 2022، حيث تم التقاط صور بواسطة الأقمار الصناعية الصينية أظهرت وجود تسريبات واضحة في بحيرة السد.
ووفقًا لتقنيات الرصد الحديثة، يمكن تتبع حركة المياه الجوفية على أعماق تصل إلى 100 متر تحت سطح الأرض، مما يوفر إمكانية مراقبة دقيقة لحجم التسريبات وأماكن تجمع المياه. وتعد هذه التقنيات من أهم الأدوات التي تساعد على فهم تطور المشكلة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها في وقت مبكر.
إجراءات عاجلة لمعالجة التسريبات
إن استمرار تسريبات المياه يشكل تهديدًا متزايدًا لاستقرار السد والمنطقة المحيطة به، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة المشكلة. فإلى جانب الحاجة إلى متابعة دقيقة لحركة المياه الجوفية والتأكد من أسباب التسريبات، يجب على السلطات الإثيوبية والشركات المنفذة للمشروع تعزيز التدابير الوقائية والاحترازية لضمان عدم تدهور الوضع.
ويرى الدكتور حافظ أن الحلول التقنية مثل تعزيز قنوات التصريف، وزيادة قدرة السد على امتصاص التسريبات، قد تساعد في معالجة المشكلة في أقرب وقت ممكن.
تعتبر تسريبات المياه في سد السرج الإثيوبي بمثابة إنذار مبكر قد يشير إلى تهديدات حقيقية لاستقرار سد النهضة في المستقبل القريب. وبالرغم من الجهود التي بذلت لتطوير السد، إلا أن هذه التسريبات قد تؤثر سلبًا على استقرار الهيكل الهندسي للسد، ما يستدعي إجراء تقييمات فنية دقيقة واتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة التسريبات قبل أن تتسبب في أضرار كبيرة. إن الحلول التقنية والرصد المستمر يمكن أن تساهم في تفادي كارثة محتملة، ولكن يجب أن يتم التدخل العاجل قبل أن يتفاقم الوضع.