سبت النور اليوم.. احتفالات الأقباط تسبق عيد القيامة المجيد . الأقباط يحتفلون بسبت النور اليوم السبت قبيل عيد القيامة المجيد ويحتفل الأقباط الأرثوذكس اليوم، السبت 19 أبريل 2025، بما يُعرف بـ”سبت النور”، أو “سبت الفرح”، وهو أحد أهم الأيام الروحية في التقويم الكنسي.
حيث يقع بين الجمعة العظيمة وأحد القيامة، وهو اليوم الذي يسبق الاحتفال بعيد الفصح المجيد. ويمثل هذا اليوم لحظة فاصلة في الإيمان المسيحي، حيث يُؤمن بأن السيد المسيح قضى فيه بالجسد داخل القبر بعد أن تم صلبه وموته، منتظرين قيامته المجيدة في فجر الأحد.
ويعد سبت النور من أكثر الأيام قداسة في الكنيسة القبطية والمسيحية عامة، نظرًا لما يرتبط به من أحداث روحانية وطقوس دينية، أهمها “معجزة النور المقدس” التي تحدث سنويًا في كنيسة القيامة بمدينة القدس، وتحديدًا من داخل قبر السيد المسيح، والتي ينتظرها ملايين المسيحيين حول العالم بشغف وإيمان عميق.
معجزة النور المقدس في كنيسة القيامة
تُعد لحظة انبثاق النور المقدس من قبر السيد المسيح من أبرز ما يميز هذا اليوم، حيث تجتمع جموع المؤمنين والزوار في كنيسة القيامة لمتابعة الحدث الاستثنائي. ويشهد الطقس طقوسًا دقيقة تبدأ بفحص القبر بدقة لضمان عدم وجود أي وسيلة صناعية لإشعال النار. وبعدها يتم ختم باب القبر بشمع ممزوج بالعسل، تأكيدًا على طهارة المكان وخلوه من أي مؤثر خارجي.
وفي اللحظة المنتظرة، يفتح بطريرك الروم الأرثوذكس القبر، ليخرج شعاع من النور الأزرق، يشعل به شموع المؤمنين داخل الكنيسة، معلنًا تحقق المعجزة. ويعتبر ظهور هذا النور من المعجزات التي لم تنقطع منذ قرون، ويتبعها ملايين المسيحيين من مختلف الطوائف بشغف وورع.
الرمزية الروحية لسبت النور
يُعرف سبت النور أيضًا باسم “السبت العظيم”، ويأتي محمّلًا بالرمزية الدينية العميقة، فهو يوم الصمت والترقب، حيث يرقد السيد المسيح في القبر بالجسد، لكنه ينزل بالجحيم لينقذ الأرواح ويُبشرهم بالقيامة. ويُعتبر هذا اليوم امتدادًا لأسبوع الآلام الذي عاش فيه المسيحيون أيامًا من التوبة والصلاة والتأمل، متذكرين محطات آلام السيد المسيح وصولًا إلى موته على الصليب.
القيامة نفسها تحتل جوهر العقيدة المسيحية، إذ يُنظر إليها باعتبارها أعظم انتصار على الموت، وأساس الإيمان بقدرة الله على منح الحياة الأبدية، لذلك يحتل عيد القيامة مكانة مركزية بين الأعياد المسيحية، ويمثل ذروة العام الكنسي.
طقوس سبت النور والقيامة في الكنائس المصرية
في مصر، تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بسبت النور من خلال إقامة الصلوات والقداسات الخاصة في جميع الكنائس، وتتخللها قراءات من الكتاب المقدس تتناول أحداث الصلب والدفن والقيامة. كما تُضاء الشموع في الكنائس، في مشهد رمزي يعكس انبثاق النور من الظلمة، وهو رمز المسيح القائم من بين الأموات.
ويُختتم اليوم بصلاة قداس عيد القيامة، الذي يترأسه قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مساء السبت، في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بحضور لفيف من الأساقفة والكهنة والشعب القبطي.
أسماء عيد القيامة وارتباطه بسبت النور
ويُعرف عيد القيامة، أو عيد الفصح، بأسماء متعددة مثل “أحد القيامة” و”عيد النور”، وهو أهم الأعياد في التقويم المسيحي، حيث يحتفل فيه بقيامة السيد المسيح بعد ثلاثة أيام من موته بحسب الإيمان المسيحي. ويُعد هذا العيد نهايةً للصوم الكبير الذي يمتد لـ55 يومًا، مقسمًا إلى أسابيع لكل منها دلالات روحية محددة مثل أحد الرفاع، أحد المخلّع، أحد السامرية، وأحد الشعانين.
ويأتي “سبت لعازر” في نهاية فترة الصوم، قبل أن يبدأ “أسبوع الآلام”، ومن ثم يأتي سبت النور ليتوج هذه الفترة قبل الدخول في فرحة القيامة.
الأهمية اللاهوتية لسبت النور
من الناحية اللاهوتية، يمثل سبت النور نقطة فاصلة في الخلاص، حيث يُؤمن بأن المسيح لم يكن ميتًا بالمعنى الحرفي، بل كان يعمل على تحرير أرواح الأبرار الذين رقدوا على الرجاء، وهو ما يُشار إليه في بعض الترانيم بعبارة “نزل إلى الجحيم”، ليصعدهم إلى الفردوس في فجر القيامة. ولذلك يحمل هذا اليوم دلالة مزدوجة: الحزن على الموت، والرجاء في القيامة.
احتفالات حول العالم
وتتفاوت مظاهر الاحتفال بسبت النور في الكنائس حول العالم، ففي القدس تبدأ الاحتفالات بزفة كبيرة تخرج من القبر المقدس، وتُحمل النيران إلى دول أخرى كجزء من بركة القيامة، بينما تُقيم الكنائس في أوروبا وأمريكا وأفريقيا صلوات خاصة وقراءات من الأناجيل تصف مشهد القيامة.
يبقى سبت النور مناسبة عظيمة تتجدد فيها آمال المؤمنين بالخلاص والنور والقيامة، ويتجسد فيها الإيمان بقوة النور الذي لا يُطفأ، والذي خرج من القبر ليهزم الظلام والموت. وفي كل عام، يعود ملايين الأقباط والمسيحيين إلى هذا اليوم حاملين الشموع، ينتظرون النور الإلهي، ويُجددون رجاءهم في الحياة والقيامة.