هذا القرار يعد نقطة تحول هامة في العلاقة بين الملاك والمستأجرين، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات حول كيفية تأثير هذا الحكم على عقود الإيجار القديمة، لا سيما تلك التي تمتد لـ59 عامًا. وفي هذا السياق، أعطت المحكمة مهلة حتى يوليو 2025 لمجلس النواب لإعداد قانون جديد يحدد العلاقة بين الطرفين بما يضمن العدالة وينهي الوضع الراهن الذي لا يحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
موقف عقود الإيجار الممتدة لـ59 عامًا
في تعليقه على الحكم القضائي، أوضح النائب محمد الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن حكم المحكمة يشمل أيضًا عقود الإيجار التي تمتد لمدة 59 عامًا، وهو ما يعني أن العقوبات التي فرضتها المحكمة تتعلق بعدم تثبيت القيمة الإيجارية في تلك العقود بغض النظر عن مدة العقد.
وكان هذا الإيضاح مهمًا لأنه أوضح أن جميع عقود الإيجار القديمة، بما في ذلك تلك التي تمتد لفترات طويلة، يجب أن تخضع للمتغيرات التي فرضتها المحكمة، وليس فقط العقود التي تتسم بالقصور الزمني.
إجراءات مجلس النواب في ضوء الحكم
وفي خطوة جادة للتعامل مع هذا الحكم، أشار المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، إلى أن القرار الصادر من المحكمة الدستورية العليا يهدف إلى معالجة الآثار السلبية الناجمة عن القوانين الاستثنائية التي كانت تنظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين منذ عقود.
حيث كانت تلك القوانين تفرض قيودًا كبيرة على الزيادة في قيمة الإيجارات، مما أثر سلبًا على كثير من الملاك الذين عانوا من تثبيت الإيجار لفترات طويلة دون النظر للمتغيرات الاقتصادية.
وأضاف جبالي أن هذا الحكم يسلط الضوء على ضرورة إعادة صياغة قانون جديد يحقق التوازن بين حقوق المستأجرين والملاك، مع الأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الطرفين.
ووجه رئيس مجلس النواب بتشكيل لجنة مشتركة من لجان الإسكان والإدارة المحلية والشؤون الدستورية لإجراء دراسة شاملة للحكم وتحديد الآثار التي قد تترتب عليه، والعمل على إيجاد حلول تضمن العدالة في العلاقة بين الملاك والمستأجرين.
الاستماع إلى الأطراف المختلفة: الملاك والمستأجرين
من المقرر أن تقوم اللجنة المشتركة بالإصغاء إلى آراء مختلف الأطراف المعنية. حيث ستتم الاستفادة من الآراء القانونية والاجتماعية من قبل خبراء في هذه المجالات، إلى جانب إشراك الملاك والمستأجرين في عملية إعداد التشريع الجديد. وبذلك، سيتسنى وضع قانون يأخذ في اعتباره مصالح الجميع، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية.
وقد أكدت اللجنة ضرورة الاعتماد على إحصاءات دقيقة تأخذ في الحسبان الوضع المالي للملاك والمستأجرين، وتساعد في تقديم رؤية متوازنة تحقق العدالة الاجتماعية.
في هذا الإطار، يعتبر قرار مجلس النواب خطوة هامة نحو تطوير قوانين الإيجار القديمة، والتي تعكس حالة عدم التوازن السائدة منذ سنوات. إذ لا يمكن تجاهل التغيرات الاقتصادية التي حدثت في العقود الأخيرة والتي فرضت تحديات كبيرة على سوق الإيجار، فضلاً عن الأعباء المترتبة على الملاك والمستأجرين على حد سواء.
الإعداد لقانون جديد: العدالة بين الطرفين
تسعى لجنة الإسكان في مجلس النواب إلى صياغة قانون جديد يضمن التوازن بين الحقوق والواجبات لكافة الأطراف المعنية. ولعل التحدي الأكبر في هذا الصدد هو ضمان تطبيق القانون الجديد بطريقة عادلة ومنصفة، بما يضمن زيادة الإيجارات بما يتناسب مع متغيرات السوق ويحقق مصلحة الملاك، وفي نفس الوقت، عدم تحميل المستأجرين عبئًا ماليًا يفوق قدرتهم على التحمل.
وفي هذا السياق، أكد مجلس النواب على أهمية أن يكون القانون الجديد مرنًا ويأخذ في اعتباره التحديات الاقتصادية التي يواجهها المواطنون، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات في العديد من المناطق. ومع ذلك، يظل الهدف الأسمى هو إيجاد آلية عادلة تكفل لكلا الطرفين حقوقهم بشكل يتماشى مع القيم الاقتصادية والاجتماعية السائدة.
يُعتبر هذا الحكم القضائي نقطة فارقة في تاريخ العلاقة بين الملاك والمستأجرين في مصر. مع اقتراب نهاية المهلة التي حددتها المحكمة الدستورية العليا لمجلس النواب، يُنتظر أن يتم التوصل إلى قانون جديد من شأنه أن يحقق التوازن بين مصالح الأطراف المعنية، ويحفظ حقوق الملاك والمستأجرين على حد سواء.
وبينما تسير الأمور نحو صياغة قانون جديد يأخذ في اعتباره المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، فإن المرحلة المقبلة ستتطلب التوازن الدقيق بين العوامل الاقتصادية والمصالح الاجتماعية لضمان تحقيق العدالة الحقيقية لجميع الأطراف.