روسيا توقف تدفق الغاز عبر أوكرانيا في تمام الساعة 8 بتوقيت موسكو . توقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا تداعيات على أوروبا وآفاق المستقبل في تطور مهم يشهده قطاع الطاقة العالمي، ستتوقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا في الساعة 08:00 بتوقيت موسكو في 1 يناير 2025، وهو التاريخ الذي يصادف انتهاء عقد النقل بين شركتي “غازبروم” الروسية و”نفتوغاز” الأوكرانية.
هذا الحدث سيكون له تداعيات كبيرة على سوق الغاز الأوروبي، خاصة في ظل الاعتماد التاريخي على الإمدادات الروسية عبر الأراضي الأوكرانية. وفي هذا المقال، سنلقي الضوء على أسباب هذا التوقف، التحديات التي قد تواجهها أوروبا نتيجة له، وكيفية تأثر البلدان الأوروبية المتأثرة بهذا القرار.
خلفية تاريخية: الاتفاق بين “غازبروم” و”نفتوغاز”
تم إبرام الاتفاق بين شركتي “غازبروم” الروسية و”نفتوغاز” الأوكرانية في 30 ديسمبر 2019، بعد مفاوضات معقدة استمرت لفترة طويلة. وقد تم تحديد مدة العقد لمدة 5 سنوات، مما يعني أن التعاقد سينتهي في آخر يوم من عام 2024، أي في 31 ديسمبر 2024. هذا العقد كان يشمل نقل الغاز الطبيعي عبر الأراضي الأوكرانية إلى أوروبا، وهي أحد المسارات الرئيسية لإمدادات الغاز الروسي إلى الدول الأوروبية.
وكان الاتفاق قد جاء في وقت حساس بعد أن كانت العلاقات بين روسيا وأوكرانيا قد شهدت توترات شديدة، خاصة في أعقاب النزاع العسكري الروسي الأوكراني. لكن على الرغم من هذه التوترات، فإن الجانبين توصلا إلى اتفاق ينظم كيفية استمرار إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وهو أمر حيوي للعديد من الدول الأوروبية التي تعتمد على الغاز الروسي كمصدر رئيسي للطاقة.
التوقف المرتقب: تأثيرات على أوروبا
بحلول الساعة 08:00 بتوقيت موسكو في 1 يناير 2025، سينقطع تدفق الغاز عبر أوكرانيا. ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى فقدان حوالي 15 مليار متر مكعب من الغاز، وهي كمية ضخمة تمثل جزءًا كبيرًا من احتياجات أوروبا. ففي العام الماضي، زودت “غازبروم” أوروبا بحوالي 15.5 مليار متر مكعب من الغاز عبر هذا المسار، وهو ما يعادل نحو 4.5% من إجمالي استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي.
ومن أبرز الدول المتأثرة بتوقف نقل الغاز عبر أوكرانيا هي مولدوفا وأربع دول من الاتحاد الأوروبي هي سلوفاكيا والنمسا وإيطاليا والتشيك. هذه الدول كانت تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي الذي يتم نقله عبر أوكرانيا، ومن المرجح أن تشهد نقصًا في الإمدادات أو اضطرابات في السوق.
استراتيجيات بديلة للغاز الروسي في أوروبا
رغم التحديات التي ستنجم عن توقف إمدادات الغاز عبر أوكرانيا، إلا أن أوروبا كانت قد بدأت في البحث عن مصادر بديلة للطاقة في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، سيظل المصدر الوحيد للغاز الروسي للأوروبيين هو “تيار البلقان”، وهو خط أنابيب يزود رومانيا واليونان ومقدونيا الشمالية وصربيا والبوسنة والهرسك وهنغاريا بما يقرب من 14-15 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا. هذا الخط يعد بديلاً مهمًا ولكنه لا يمكن أن يغطي بالكامل الفجوة التي سينشئها توقف الغاز عبر أوكرانيا.
إضافة إلى ذلك، فقد عملت الدول الأوروبية على زيادة التنوع في مصادر الغاز، سواء من خلال شراء الغاز الطبيعي المسال (LNG) من دول أخرى مثل الولايات المتحدة وقطر، أو عبر بناء خط أنابيب جديدة مع دول أخرى مثل النرويج. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات قد لا تكون كافية للتعويض عن الكميات الضخمة التي كانت تأتي عبر أوكرانيا، مما يترك أوروبا في حالة استعداد لمواجهة بعض الصعوبات في تأمين إمدادات الطاقة.
مواقف السلطات الأوكرانية ورفض تمديد الاتفاق
من جانبها، أعلنت السلطات الأوكرانية مرارًا وتكرارًا أنها لا تخطط لتمديد اتفاقية عبور الغاز التي تنتهي في نهاية 2024. ويرجع هذا الموقف إلى مجموعة من الأسباب السياسية والاقتصادية. ففي ظل الوضع الراهن والتوترات المستمرة مع روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، فإن الحكومة الأوكرانية قد تجد أنه من غير المجدي الاستمرار في اتفاق مع موسكو، خاصة في ظل تدهور العلاقات بين البلدين.
علاوة على ذلك، فإن أوكرانيا قد تسعى إلى تعزيز قدراتها في مجال الطاقة المستدامة والمتجددة، وهو ما يتطلب تقليص الاعتماد على الغاز الروسي. وهذا من شأنه أن يساعد في تقوية اقتصاد البلاد وتخفيف الاعتماد على الموردين الخارجيين الذين قد يكونون مصدرًا لعدم الاستقرار في المستقبل.
العواقب الاقتصادية والاجتماعية
على الرغم من الجهود المبذولة لتوفير بدائل، فإن توقف نقل الغاز عبر أوكرانيا لن يكون أمرًا سهلاً على العديد من الدول الأوروبية. في بعض الحالات، قد يتعين على هذه الدول اتخاذ تدابير طارئة للتأكد من أن هناك ما يكفي من الإمدادات لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
من المحتمل أن ترتفع أسعار الغاز في أوروبا في الأشهر المقبلة، خاصة إذا كانت الإمدادات البديلة غير كافية. هذا قد يترتب عليه زيادة تكاليف المعيشة للمواطنين الأوروبيين، حيث سيضطرون إلى دفع المزيد مقابل الطاقة. هذا الوضع قد يؤثر أيضًا على الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الغاز، مثل الصناعات الكيميائية والصناعات الثقيلة.
علاوة على ذلك، فإن انقطاع إمدادات الغاز الروسي قد يؤدي إلى تراجع في مستوى التعاون الاقتصادي بين بعض دول الاتحاد الأوروبي وروسيا. هذا سيكون له تأثيرات كبيرة على العلاقات الاقتصادية بين أوروبا وروسيا، وربما يخلق توترات جديدة في المنطقة.
إن توقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا في 1 يناير 2025 يمثل نقطة تحول كبيرة في مجال الطاقة في أوروبا. فقد يؤدي هذا التوقف إلى اضطرابات في السوق ويزيد من التحديات التي تواجهها الدول الأوروبية في تأمين احتياجاتها من الغاز.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتوفير بدائل، فإن أوروبا ستحتاج إلى مزيد من الوقت للاستجابة بشكل كامل لهذا التحدي. في الوقت نفسه، سيظل البحث عن مصادر بديلة للطاقة وتحقيق التنوع في الإمدادات هو الحل الأمثل لمواجهة هذه الأزمة.